ترجمة لمقالة. نشر النص الأصلي للمقالة في صحيفة واشنطن بوست، بتاريخ 23-12-2013 تحت عنوان:
Time to be bold and make peace in Syria
شارك في كتابة المقالة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر وروبرت باستُر، أستاذ في الجامعة الأمريكية ومستشار بارز في مركز كارتر المتخصص في حلّ الصراعات.
في السادس والعشرين من شهر (تشرين الثاني) نوفمبر، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة نداء آخر لعقد مؤتمر جنيف للسلام بشأن سوريا، والمقرر انعقاده في الثاني والعشرين من شهر كانون الثاني (يناير). وقد تم إصدار هذه الدعوات منذ شهر حزيران (يونيو) من عام 2011، لكن لم يستجب لها أي من الطرفين المتحاربين، ذلك لأنه تم السماح لكل منهما بتحديد شروط مسبقة للمفاوضات، والطريقة الوحيدة لكسر حالة الجمود هذه هو قيام الأمم المتحدة والقوى الكبرى بوضع شروط للمشاركة والقيام بفرضها عليهما.
خلال فترة العامين ونصف العام الماضية، مات أكثر من 100,000 سوري، وفرّ أكثر من مليونين من البلاد كلاجئين، فيما نزح ستة ملايين داخل سوريا. أصبحت الحرب بين الجماعات الطائفية في سوريا أكثر وحشية، وهناك من دول الجوار من تشارك بقوة في محاولة مساعدة أحد طرفي الصراع على الفوز. لقد حان الوقت لنسأل عن السبب الذي جعل دعوات السلام بلا فائدة.
يصّر معارضو الرئيس السوري بشار الأسد على أن الهدف من مؤتمر جنيف هو استبدال حكومته، وهو أمر يرفضه كما هو متوقع. وبالمقابل تطالب حكومته الجماعات المعارضة والمتشرذمة على نحو متزايد، وممن تصنفها جميعها على أنها جماعات إرهابية، بتسليم أسلحتها قبل مناقشة الحل من أجل السلام. وحالة الجمود هذه تفسِّر احتمال عدم نجاح الدعوة الأخيرة الموجهة من أجل المفاوضات في كانون الثاني (يناير).
الأمم المتحدة كانت موفقة في اختيارها لكوفي عنان والأخضر الإبراهيمي كمبعوثين خاصين لها متمتعان بالذكاء من أجل التعامل مع الوضع السوري، ولكن لم يُفسح لهما المجال لاستخدام مهاراتهما في التفاوض ذلك لأن الأطراف الفاعلة الرئيسية تصر على شروط مسبقة للنصر أكثر من تسوية مشتركة ضرورية تضع نهاية لهذه الحرب. وتهدف هذه الشروط المسبقة للفوز بحرب لا يمكن الانتصار فيها أكثر مما هي محاولة لصناعة سلام منقوص، وتحرم الشعب السوري من الحق السيادي في الاختيار.
مجموعة بديلة لهذه الشروط المسبقة، يصعب على جميع الأطراف تقبلها، بإمكانها أن تحقق الديمقراطية والتسامح، وهذا يتطلب من الأطراف العالمية والإقليمية الفاعلة اتخاذ الخطوة الأولى وتشجيع حلفائهم السوريين على اتخاذ الخطوات التالية.
على جميع الأطراف تقديم تنازلات صعبة إن أرادوا فعلاً إنهاء الحرب، وفي حال فشلوا في اتخاذ هذه الخطوات الصعبة، فإنه من المرجح جداً أن تستمر الحرب لعشر سنوات، ومن المرجح كذلك أن تتسع دائرة الدمار والموت.
لذا فإننا نقترح ثلاثة شروط تؤسس لمحادثات جنيف:
• تقرير المصير: ينبغي أن يختار الشعب السوري الحكومة المستقبلية للبلاد في عملية انتخابات حرة تتم تحت إشراف بلا قيود من المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية المسؤولة، مع تقبّل النتائج في حال تقرر بأن الانتخابات جرت في أجواء حرة ونزيهة.
• الاحترام: يتعين على المنتصرين تأكيد وضمان الاحترام لجميع الطوائف والأقليات.
• قوات حفظ السلام: لضمان تحقيق الهدفين السابقين، يتوجب على المجتمع الدولي ضمان قوة حفظ سلام رادعة.
ومن هنا فإن أي لاعب فاعل محلي أو إقليمي أو دولي يقبل بهذه الشروط المسبقة الثلاثة ينبغي الترحيب به في مفاوضات جنيف، وينبغي لهذه الشروط المسبقة ألا تكون موضع جدل، وإنما تعني أنه على الفصائل السورية وداعميها التنازل عن مطالبها السابقة الغير معقولة.
إن الاتفاق الأخير حول السيطرة على الأسلحة الكيماوية يدلل على أن التسويات غير المتوقعة ممكنة في حال تمكنت الأمم المتحدة ولاعبيها الرئيسيين الدوليين من اختيار هدف مشترك والعمل معاً.
لا يمكن لأحد كسب هذه الحرب، فمن الواضح أن الطرفين لا يحتملان فكرة الخسارة لخشيتهم من الإبادة، وهذا ما يفسر سبب استمرارية الحرب مالم يفرض المجتمع الدولي بديلاً مشروعاً.
خطوة أولى مهمة تكون في إنشاء لجنة انتخابات ذات مصداقية ومستقلة وتتمتع بالحيادية. والخطوة الهامة الثانية هي بناء آلية أمنية من شأنها منع أي طرف من تخريب الانتخابات أو تطبيق النتائج. نحن بحاجة لأن توافق روسيا والولايات المتحدة على هذا الطرح، وأن توقِف إيران والقوى الإقليمية الأخرى دعم وكلائهم، وكذلك أن ترفع الأمم المتحدة هذه القضية إلى درجة الأولوية القصوى.
لقد حان الوقت لتغيير جدول الأعمال، فيما يتعلق بالشروط المسبقة والإستراتيجية المتبعة بشأن سوريا، وحان الوقت لإنهاء هذه الحرب.
ترجمة محمد عرّوب – أكاديمي وكاتب سوري - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية