أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أكاديميا فلسطينية شابة... نيروز ساتيك*

تزامنت ذكرى الانتفاضة الفلسطينية الأولى "انتفاضة الحجارة" 1987 مع انعقاد مؤتمر "القضية الفلسطينية ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني" المنعقد مؤخرا في الدوحة والمنظم من قبل المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. 
وشمل جدول أعمال المؤتمر أكثر من 50 ورقة بحثية عن القضية الفلسطينية من أصل حوالي 200 ورقة قدمت للمؤتمر، خضعت جميعها للتحكيم العلمي والأكاديمي المتعارف عليه في المؤسسات العلمية والأكاديمية العالمية.

الأطفال الذين حملوا الحجارة في وجه دبابات العدو الصهيوني، كبروا وأصبحوا من الأجيال الشابة يعملون في مختلف مجالات الحياة. الباحثون الفلسطينيون الشباب المنتشرين في مختلف الجامعات الفلسطينية والعالمية، وممن عايشوا الانتفاضة الأولى، وهم أطفالا. كان لهم حضور قوي ومميز في مداخلاتهم البحثية في مؤتمر فلسطين. 

طرحت مداخلاتهم البحثية تساؤلات عديدة عن مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني والقضية الفلسطينية، كما يراها الشباب. 

والتي لا بد أن تؤثر في المستقبل على سياسات الأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية، أو أنها قد تشكل رافعة فكرية للنهوض بقوى اجتماعية فلسطينية بديلة عن القوى الموجودة حاليا.

ذهب الباحثون الشباب إلى تناول قضايا اجتماعية عديدة تتعلق بمسائل الاقتصاد والهوية واللاجئين والإعلام وانعكاسات الكولونيالية الإسرائيلية على المجتمع الفلسطيني وقضايا المجتمع الإسرائيلي. 

ويجد من تابع جلسات المؤتمر أن آراء الباحثين شكلت قطيعة إلى حد ما مع الإيديولوجيات أو التوجهات التقليدية للحركات السياسية الفلسطينية مع ثوابت المقاومة الفلسطينية أيا كانت أيديولوجيتها. واتجهوا نحو ضرورة التركيز على الهوية الفلسطينية وتجلياتها. والأخطر في ذلك أن يتم التوقف النظر لفلسطين عن أن تكون وحدة كلية متخلية، مما يترك تداعيات عميقة الأثر في الكيفية التي يرى بها الفلسطينيون أنفسهم كـ "مجتمع متخيل". مما يسمح بتصنيع هويات فلسطينية بديلة أقوى من الهوية الفلسطينية وخاصة في الضفة الغربية وغزة نتيجة سياسات السلطة الفلسطينية وحركة حماس. 

كما انتقدوا بشدة الانقسام الفلسطيني بشكل عام والذي أدى زيادة قمع الأجهزة الأمنية للمواطنين الفلسطينيين، حيث صار هناك أجهزة أمنية تابعة للسلطة في الضفة الغربية التي تسيطر عليها حركة فتح، وأخرى تابعة للسلطة في غزة التي تسيطر عليها حركة حماس. 

وزادت انتهاكات الأجهزة الأمنية للسلطتين ضد منظمات المجتمع المدني، بدلا من أن يمارس هذه المجتمع دوره في الرقابة عليها.

اعتبر البعض منهم أن الإطار الهيكلي للاقتصاد السياسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة أداة لتقسيم توافقي غير مرئي للعمل بين الجهات الدولية المانحة وإسرائيل في ما يتعلق بالعوامل المتغيرة الأساسية التي تحدد التنمية الفلسطينية. 

ويعبر مفهوم "نظام عملية السلام" عن ذلك من خلال دوره كأداة خطابية وسياسية واقتصادية لفرض اللا تنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

عندما ترهلت الأحزاب التقليدية في مصر وأصبحت عاجزة عن تحقيق التغيير السياسي، نشأت حركات اجتماعية جديدة عابرة للإيديولوجيات، قامت بتثوير فئات المجتمع المصري، جسد تلاقيها لوحة الثورة المصرية العظيمة. ومع استعصاء الانقسام السياسي في فلسطين وجمود ديناميات تغيير الواقع الفلسطيني، قد تكون توجهات وآراء هؤلاء الباحثين الشباب نواة لحراك شعبي مدني شبابي يتجاوز تقسيمات الفصائل الفلسطينية بما يلبي طموحات الشعب الفلسطيني.

*باحث سوري
(112)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي