أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

اتحاد الديمقراطيين!؟

منذ سنوات طويلة وأنا أعمل بهدف تأسيس تيار ديمقراطي منسجم مع الثقافة والهوية، لا يأتي كمنتج مستورد وأداة مضادة للهوية والخصوصية. وحاولت أن أطلق ذلك المشروع في عام 2005 متحديا سلطات القمع داخل سوريا.

ثم و بعد اندلاع الثورة وخروجي من السجن عاودت العمل بجهود مشتركة مع مجموعة رائعة من الرموز الناشطين في الخارج؛ أملا في إنضاج تيار ديمقراطي وطني واسع، أسعى في داخله لتأصيل فكرة الحكم الرشيد والحريات ودولة الحق والقانون ضمن الثقافة العربية، ومن داخل المنظومة العقيدية والفلسفية الإسلامية، وليس على نقيضها، لقناعتي التامة أن أفكارا كهذه لن تستقر إلا إذا تحولت لثقافة، و تم إنتاجها من داخل العقائد السائدة التي تتكون مجتمعاتنا بها.

تقدمنا في خطانا البطيئة والتجريبية، واقتربنا من الوصول لحالة من الوحدة المبنية على المؤسسات، وبدأنا نفكر في نقل نشاطنا للداخل على الأرض، والبحث عن قواعد مجتمعية حقيقية لهذا الفكر، لكن جملة مشكلات بنيوية اعترضت طريقنا، أولها إصرار بعض الديمقراطيين على ربط الديمقراطية بالتخلي عن الدين الإسلامي حصرا. (فلكي تكون ديمقراطيا يجب أن تكون من الأقليات، أو شيوعيا)، كما ربط البعض الديمقراطية بمقدار التخلي عن العروبة كهوية، (فالقومية العربية فقط هي قومية مضادة للديمقراطية)، وكذلك ربطها آخرون بمقدار التخلي عن الثورة المسلحة (فالديمقراطيون سلميون فقط ولا يقاتلون حتى هذا النظام المجرم أو المحتل الغازي)، فيما كانت فئة ترى الديمقراطية ترفا برجوازيا لا تمارس إلا في الفنادق والصالونات، وبتمويل ومباركة الأجانب وكبار الرأسماليين، واختار فئة كل تلك الرؤى جميعا!

وبالنتيجة، كان هؤلاء هم من اختطف المشروع وسار به وحيدا مستبعدا البقية ومحولا المؤسسة الوطنية الديمقراطية لدكان مفصلة على مقاس الشخصنة والنخبوية البعيدة جدا عن جماهيرها، وهكذا بدا أن المطروح علينا هو ديمقراطية تعر وخلع وذوبان وإلغاء للهوية العربية وللدين الإسلامي، فهي ديمقراطية مسيحية أو علمانية بالشرط والضرورة، وديمقراطية تلغي الثورة التي هي مسلحة بالضرورة أيضا.

ومع ذلك كنا في صدد مقاومة هذه النزعة، لولا وجود من قهر جهودنا ونشاطنا باستخدامه المال والنفوذ والدعم الغربي المهم والحاسم في كل نشاط سياسي في الخارج يجري بعيدا عن القاعدة الشعبية المفترضة، والتمويل الذاتي. 

ومع ذلك لن أقطع صلاتي بزملائي السابقين في المشروع، بل قررت أن أتابع عملي الذي بدأته، لكن من أرضية وطنية ملتصقة بالعروبة والإسلام (العروبة هوية، والإسلام ثقافة وعقيدة)، لأنني مقتنع أن كل صفات الحكم العادل الرشيد، وكل ميزات النظام الديمقراطي، يمكن إنتاجها في سياق الهوية العربية والدين الإسلامي الحنيف. ولا يشترط لتطبيقها لا الإلحاد ولا العلمنة ولا الاغتراب الثقافي ولا التبعية السياسية ولا التحلل الأخلاقي، بل بالعكس، أرى أنه لا ديمقراطية حقيقية على النقيض من السيادة والاستقلال والوطنية والاعتراف بالهوية وبالتمايز والخصوصية، وبدور الدين في الحياة الأخلاقية والسياسية للمجتمع.

وسوف أتابع العمل على المواءمة بين الدين الإسلامي وبين مبادئ الحكم الرشيد الحديثة الديمقراطية، ومن خلال وداخل الثقافة العربية الإسلامية، ومع قوى الثورة وبشكل خاص الإسلامية منها، للوصول إلى صيغ حديثة متطورة من نظم الحكم، تعبر عن جوهر وأخلاق الإسلام، وتلبي مطالب الناس واحتياجاتهم المعاصرة، وتكون موازية قيميا ووظيفيا لأرقى النظم السياسية التي تدعي الديمقراطية والحداثة.

ومع ذلك، يبدو لي أن الديمقراطية مطلب مؤجل وبعيد المنال هذا اليوم، فلم يذكر التاريخ أن قفز مجتمع من حرب بهذه الضراوة إلى الديمقراطية، نحن اليوم في حرب وجود وبقاء ضد آلة غزو وتهجير وإبادة، ولذلك نحتاج لشعارات أخرى تزيد من قوتنا وصمودنا في مواجهة تآمر دولي هائل يستهدف هويتنا ووجودنا التاريخي، وحقنا في الحياة على أرضنا. وعندما تضع الحرب أوزارها، وعندما تنهار بنى الاستعمار وأنظمته و"قرضاياته" القادمين على أحصنة جنيف2 أو 3 أو 4، يجب أن نكون جاهزين لإعادة بناء اللحمة الاجتماعية التي ننشدها لنا ولغيرنا على السواء، ضمن العلاقات التاريخية والإنسانية التي تربطنا كسكان لهذه الأرض المباركة.

من كتاب "زمان الوصل"
(117)    هل أعجبتك المقالة (125)

mohammad ali

2013-12-22

Dear Dr , always great read your article and how perfect concept it is, and I totally agree withyou.


نيزك سماوي

2013-12-22

هذا ما يريده الشارع السوري بأغلبية ساحقة يريد دولة العدالة والحرية دولة المواطنة دولة المساءلة دولة البرلمان المنتخب من الشعب دولة الحكم الرشيد الذي يسعى إلى تطوير سوريا وحضن كل الشعب السوري ومعاملته معاملتة الأسرة لأبناءها دولة الحق دولة التسامح دولة الإسلام السمح وتعليماته السمحة دولة الرأي وإحترام الرأي الأخر دولة عندما يسيء مواطن يكون هناك جهة قضائئة تستدعيه وتحاسبه وله حق الدفاع عن نفسه بكل حرية دولة لا تأتي مخابراتها كخفافيش الليل تعتقل المواطين كما كان يحدث في ظل عصابة الإحتلال النصيرية المجرمة دولة تحترم المواثيق والعهود الدولية دولة تطالب بإنسحاب اسرائيل من الجولان الذي قدمه الخائن الجاسوس المجرم العميل لها بدون مقابل دولة تنسج علاقتها مع أشقائها العرب وأصدقائها في العالم دولة بدون شبيحة وبدون مجرمين ونظيفة منهم وإلى الأبد دولة بدون هذه العصابة النصيرية المحتلة المجرمة الخائنة والتي يجب ان يحاسب كل مجرميها على إجرامهم وإعادة كل الأموال التي نهبوها من سوريا لإعادتها للخزينة السورية وللشعب السوري ، سيروا إلى الأمام أيها الشرفاء الوطنيين المخلصين امثال الدكتور لوباني وغيره من المخلصين في سوريا وما أكثرهم.


عوف أبوالجود

2013-12-23

كفاك تملقاً للجبهة الاسلامية , فلن يقبلوك مالم تعلن توبتك وتستغفر الله ثلاثون يوما وصيام شهرين كفاك تملقاً فلديهم من أمثالك الكثيرون لقد ضللت الطريق في زحمة الثورة وبت تميل باتجاه الريح ولو كانت نسيماً صاحب الرقم القياسي بالانضمام والانسحاب من مختلف الاتجاهات.


اسماء * اردنية

2013-12-23

الذين ذكرتهم بمواصفات و مقاييس صهيونية و هي التخلي عن الاسلام و العروبة و الكفاح المسلح امض في مشروعك و لا تشركهم معك قبّحهم الله.


Marwan Dahoudi

2013-12-27

أستاذ كمال أحيي فيك أصلك ومعدنك الطيب وأفكارك وجهودك البناءة والرؤيا والمنطلقات والتطلع دائما نحو مسلمات الأمة بعقيدتها وثقافتها وهويتها و من هنا ندعو ومدعوين أن نلتقي مع الإستاذ الكريم كمال اللبواني في طريق التحرر والحرية والكرامة وأن نتعاون معه على البر والتقوى والعمل لصالح الأمة ومستقبلها ولنصرة قضاياها والعمل الجاد لإسقاط الطغمة الحاكمة والعصابة الإجرامية الإرهابية في سوريا والإمساك برؤوس هؤلاء الأوغاد وتقديمهم للعدالة وتخليص الشعب السوري الجريح من شرهم وشرورهم ومجازرهم الرهيبة والتي استحت وتخجل حتى إسرائيل أن ترتكبها بحق هذا الشعب الطيب وفي نهاية تعليقتي هذه أتمنى من إدارة هذا الموقع المحترم أن ينشروا لي هذه التعليقة لا أن يحذفوها كما في أغلب المرات ولا أدري ما هو السبب.


سليم السالم

2014-01-11

"وسوف أتابع العمل على المواءمة بين الدين الإسلامي وبين مبادئ الحكم الرشيد الحديثة الديمقراطية" !! لماذا؟ ألا يوجد تواؤم حاليا؟ يشير خطابك إلى أن هذا التواؤم غائب وأنك تسعى مشكورا إلى تحقيقه. ولكن انتبه: حين يعمل المرء على أن يواءم بين شيئين، يجب أن يغير ويعدل أحدهما أو كلاهما، قليلا أو كثيرا، إلى أن يتحقق التواؤم بينهما. فهل ستتناول بالتغيير التواؤمي الدين أم مبادئ الحكم الرشيد؟ هلا تفضلت بكتابة مقالة توضح فيها ذلك؟.


التعليقات (6)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي