أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الحرب في بر الشام ... مازن كم الماز

ليس صحيحا أن كل شيء على ما يرام , كأي حرب , للحرب في بر الشام ضحيتان رئيسيتان : الفقراء و الحقيقة .. الألم و الموت يقتلان بقدر ما يحييان , و بقدر ما تنتج الحروب من آلهة و أنبياء و قديسين , فإنها تقتل من البشر ..
ليس صحيحا أن كل شيء على ما يرام , لم يصبح السوريون أنبياء بعد , و لا سوبرمانات , رغم أننا تعلمنا القتل و الموت بسرعة .. ليس صحيحا أن كل شيء على ما يرام , فتغريبتنا السورية مسخت أسطورة غبية تزداد تفاهة يوما بعد يوم أساسا بفضل الرثاء , لأن الرثاء يعيد اغتيال الموت و الحياة معا , لا نحتاج الرثاء , الرثاء مجرد نعي فقط ..
 ليس صحيحا أن كل شيء على ما يرام , كل ما يقال من رثاء في السوريين يعيد قتلهم مرة أخرى , و يترك منهم على قيد الحياة فقط تلك التفاهات التي تعود لماضي الصمت و الخنوع , كل ما يشكل ثقافة العبيد و القطيع , هذه هي الجريمة الأفظع على الإطلاق , الأشنع , بحق السوريين , الفقراء و العاديين جدا ..
 لسنا شهداء , الشهداء لم يبلغوا بعد , لم يتطوروا بما فيه الكفاية ليصبحوا بشرا , بشرا أحرارا .. و لسنا أيضا على حق , فمن على حق ليس من جنس البشر , و الذي ليس من جنس البشر لا يحلم و لا يعربد , لا يفرح و لا يتألم .. أجمل ما في السوريين اليوم هو أنهم بشر يصارعون من أجل حريتهم , تصادف أن ولدوا هنا , أغبى ما يقال و يشاع اليوم عن التغريبة السورية هو أن تلك المصادفات هي التي خلقتنا و ستعيد خلقنا كأنبياء , كقتلة , كقديسين , هذه مجرد شعوذة , لقتل الإنسان داخلنا , بتنميطنا , و اختصارنا , و دمغنا تماما كما يفعل أصحاب الأملاك بمن و بما يملكون .. فقط عندما نقبل بأن نتنازل عن هويتنا كبشر , عن أحلامنا كبشر , عن أن نعيش و نموت كما يفعل البشر , عندما نعيش و نموت "أبطالا" , "شهداء" , يموت فينا الإنسان فعلا , و هذا هو الموت الفعلي , و النهائي , هذا هو الجحيم .. 

(103)    هل أعجبتك المقالة (118)

جامع

2013-12-21

رائع فإرادة الحياة في الثورات يجب ان تسبق عزيمة الموت التي يريدها الطغاة.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي