لماذا يكمن الشيطان في التفاصيل؟
هل لأنه ضعيف ولا يستطيع إجادة رسم الخطط؟!
أم أنّ لديه ما لدى أغلبية البشر من فوبيا البداية و النهاية؟
أم يفر هارباً من الرجال الأقوياء العقل و القلب الذين يقفون هناك عند خط البداية ؟
كما ولا يجد جدوى من إغواء وتلبيس أولئك الصبورين الدؤوبين المنافسين الذين ساروا
طويلاً و سريعاً حتى تمكنوا ـ دون غيرهم ـ من إدراك الهدف و النهاية؟
نعود ونتساءل: عن أسباب فوبيا البداية؟ ولا نقول حمى البداية؛ حيث أن الحمى تقترب
من معنى الهيستيريا ـ فيما أنّ الفوبيا تعني التخوّف و التردد و العزوف ..
دعونا نجعل تساؤلنا أكثر مباشرة و نقول: ما هي خصائص الشخص المبادر الذي يتحلى
بروح المبادأة؟
حتما من أهم هذه الخصائص هي: الجرأة، و الإندفاع و الدافعية الذاتية و الإيمان بنبل
الهدف و الصبر و السهرعلى تحقيقه..
لو أخذنا هذه الخصائص و الصفات و رحنا نعاير ونميّز بها الرجال، فلن نجد رجلاً
تنطبق عليه تلك الصفات أكثر من انطباقها على صدام حسين ـ و هذ يفسر لنا جليّاً سر
الروح المبادرة المبادئة التي يتحلى بها صدام حسين.
وبصرف النظر عن التقييم الموضوعي لمبادرات و مبادآت صدام حسين و نهاياته ،
نمعن النظر في نماذج مبادرات الرجل ونتأمّل كم هي قوية و جبارة و شجاعة..
ـ صدام حسين لم يتردد وهو في بداية فترة حمل مسئوليته في الدولة العراقية كرئيس
للجمهورية ـ لم يتردد في قبول الدخول في نزاع مسلح مع دولة لها مكانتها المتقدمة في
ترتيب الدول الأقوى عسكرياً في العالم كإيران.
ـ و عندما رأى أنّ لا طائل من الإستمرار في القتال ـ كان شجاعاً و مبادئاً بالقبول
بقرار مجلس الأمن الدولي بشأن و قف إطلاق النار بين دولته و الدولة الإيرانية.
وقد أنهى النزال لصالحه عسكرياً حين أجبر النظام الإيراني بقبول قرار وقف إطلاق
النار الذي وصفه زعيمهم وقتها بأنه كتَجَرُّع السمّ بعد ضربات قوية و مكثفة لقطاعات
الجيش الإيراني و خلفياته داخل وخارج المدن الإيرانية.
كما و أنهى النزال في صالحه معنوياً و سياسياً و إعلامياً؛ الأمر الذي دعى اسرائيل
للتحرش بالأمن الوطني العراقي تحت وطأة خوفها على أمنها بل و وجودها على
الأرض كدولة عبرية مستقلة ذات سيادة.
ليس هذا هو آخر مدى لشجاعة إتخاذ الرجل للقرار الصعب مهما بلغت التحديّات
بل لقد قبل المواجهة أمام أكبر تحالف عسكري شهده العالم ضد دولة بحجم و محدودية
قدرة العراق، و لو كان غير صدام مَن يتخذ مثل هكذا قرار لكانت قد فنيت دولته و لم
يَعُد لها وجود ككيان سياسي و إداري مستقلّ..
بل؛ لقد لزم أمريكا 13 عاماً من الحصار الإقتصادي على بلد صغير كالعراق لتتمكن
من وضع أول قدم لها على أرضه كسلطة إحتلال..
بل و لزم أمريكا و مَن معها أن تستكمل إحتلال كل شبر على أرض العراق حتى تفلح
فقط في مجرد إنتزاع الرجل من على كرسي الحكم !!
أيّ تكلفة باهظة تكلفها الطغاة حتى يزحزحوا الرجل عن كرسييه في قيادة بلده!!
ونعود بالزمن إلى نهاية الثمانينات بعد عام واحد من الخروج من حرب إيران
الضروس الطاحنة على مدى ثمان سنوات لنرى كم كان الرجل جريئاً ومندفعاً في شأن
هندسة وإعلان ولادة أول نواةٍ لمجلسٍ للتعاون العربي، و معً مَن ؟! مع ثلاث دول
جميعها ضعيفة إقتصادياً و مدينة كمصر و الأردن و اليمن !!
بل ولننظر كم كان الرجلُ مهتمّاً و حريصاً كل الحرص ألا ينفرط عقد هذا المجلس أمام
أيّ معوّقات أو خلافاتٍ طارئة ـ فاشترط بالوثائق تعهد قيادات هذه الدول بعدم طلب حلّ
المجلس مهما ظهرت الصعوبات أو بلغت بينهم الخلافات .
حتى أن النظام العراقى الوطنى انتهى على الأرض بعد 14 عاماً من قيام مجلس التعاون
ولم يُنْهِ النظام من جهته رسمياً مجلسَ التعاون !!
و نعود إلى آخر يوم و لحظة من حياة الرجل بعد محاكمة باطلة لجأ إليها الأمريكان و
ذيولهم في العراق بعد إحتلاله و تنصيب عملائهم عليه، و تشكيل محاكمة صورية
لتقضي على الرجل بالإعدام شنقاً ..
لنرى كم كان الرجل شجاعاً و مقداماً في الصعود على منصة المشنقة بقامة منتصبة و
خطوة واثقة و نظرة مطمئنة لحسن النهاية و المآل !!
كما كان شجاعاً و مقداماً في كل مبادراته و مبادآته في كل مسيرته، وطوال حياته من
البدايات حتى النهايات !!.
***
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية