أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المشروع الوطني بوصلة القضايا العادلة: قضية فلسطين وإسقاطاتها السوريّة.. حمزة مصطفى

ثمة اختلاف كبير ما بين "الحلول" المطروحة لقضية ما ومشروعها الوطنيّ، فالأخير يمنحها الاستمرارية والشموليّة والقدرة على التعبير عن ذاتها كقضية عادلة ومحقة، أما الحلول فتجسدها كـ "أزمة"، أو "مشكلة" يحق لأي طرف معنيّ بها اقتراح "حل" يعتبره مناسبا بحكم موازين القوى القائمة وبغض النظر عن المحددات والعوامل التي خلقتها أو صنعتها، وعن قيم العدالة والمظلومية الواقعة على كاهل الطرف المعتدى عليه. 

ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أن يكون المشروع الوطني عبارة عن شعارات ونداءات أيديولوجية ترفع بالعنوان العريض، بل يجب أن يتضمن برنامجا سياسيّا يراعي المتغيرات داخليا وخارجيّا. 

الحاجة إلى مشروع وطني فلسطيني كانت أبرز الإشكاليات التي ناقشها المؤتمر الثاني لمراكز الأبحاث العربية "قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني" والذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بمشاركة أكثر من 60 مركزا بحثيا من ضمنها مراكز أبحاث صينة وهندية وأوروبية، وبحضور أكثر من 200 شخصية سياسية وإعلامية وأكاديمية من مختلف أرجاء الوطن العربيّ. 

مثل هذا المؤتمر حالة تكاد تكون فريدة عن ما سبقها، فقد جمع الباحثين الفلسطينين من مختلف المناطق الفلسطينية والشتات، وتميز بحضور باحثين وأكاديميين شباب تناولوا القضية وتشعباتها وهمومها بجدية بحثية عابرة للانتماءات الحزبية والسياسيّة، عدا عن النشطاء والمتضامنين الأجانب والحراك الشبابي الفلسطيني داخل أراضي فلسطين المحتلة وخارجها. لقد دلت الاقتراحات البحثية التي وصلت إلى لجنة المؤتمر والأوراق والتي بلغ عددها 200 ورقة (قبل منها بعد عملية التحكيم 58 ورقة فقط) على حضور القضية الفلسطينية ومستقبل المشروع الفلسطيني في قائمة الأولويات البحثية للأكاديمين الفلسطينين والعرب على الرغم من التهميش الذي وقع عليها إعلاميا وسياسيا على حساب المستجدات الطارئة في دول الثورات العربيّة.

بالعودة إلى صلب الموضوع، نجد وجود تشابه ما بين الحالة الفلسطينية والحالة السوريّة في جوانب عدة على الرغم من وجود اختلافات جوهرية لجهة طبيعة الصراع، ووزمنه وطبيعة أطرافه. فقد نجم عن المأساة السوريّة جرح عميق في المجتمع والدولة السورية لجهة اللاجيئن والمشردين، الانقسام البنيوي في المجتمع، نظرة النظام إلى نفسه على أنه "قوة احتلال" تتفوق في موازين القوى في الحرب ضد الشعب، الخذلان الدولي والإقليمي، أداء المعارضة وانقساماتها، غياب المشروع الوطني السوريّ الذي يجسد أهداف الثورة ومبادئها وطريقة واستراتيجية الكفاح المسلح والحل السياسيّ. 

يجب على المعارضة السوريّة أن تتنبه إلى هذه المسألة الهامة من خلال دراسة التجربة الفلسطينية وتلافي أخطاء الحركة الوطنيّة الفلسطينية وانقساماتها التي حالت دون إنتاج المشروع الوطني الجامع في مواجهة الاحتلال. ويمكن لشخصيات المعارضة التي حضرت المؤتمر وساهمت في نقاشاته (جورج صبرة، برهان غليون، ميشيل كيلو، حازم النهار، رياض حجاب، رضوان زيادة، نزار الحراكي، سلامة كيلة) أن تثير هذه الإشكالية على الصعيد السياسي والإعلامي لصياغة مشروع وطني سوري يجمع القوى على مبادئ الثورة من أجل التخلص من الاستبداد وبناء الدولة السورية الديمقراطية الملتزمة بقضايا الأمة وثوابتها وفي مقدمة ذلك قضيّة فلسطين.

زمان الوصل
(151)    هل أعجبتك المقالة (118)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي