أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

النظام الذي يُسقط النظام العالمي.. القاضي مصطفى القاسم

إن الخدمات الجليلة التي قدمها الأسد الأب للعالم على حساب المنطقة والإسلام والعالم الإسلامي، وتماهى معها الأسد الابن، واستفاد منها زعماء العالم -حتى في دول الشعوب المسلمة- جعلت سقوط النظام السوري تهديدا حقيقيا لأنظمة كبيرة في العالم، وباتت هذه الخدمات المعيار الحاكم للموقف العالمي من القضية السورية.

أسوق هذه المقدمة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية تتوالى في سوريا بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ المعاصر، وحتى في فترات طويلة من تاريخ البشرية القديم. فتحت أنظار العالم ومع تواصل الذبح العلني والتصفية الطائفية والقتل على الهوية والخطف والاختفاء القسري والتهجير والهدم والتغيير الديمغرافي والتلاعب بالعوامل الإنسانية، ومع التطور الكبير في عالم الاتصال، ونقل الخبر العاجل الموثق بالصوت والصورة واسم القاتل والضحية والزمان والمكان واللون الأحمر القاني للدماء الطازجة المسفوحة والغبار والدخان والمخلفات الكيماوية والأصوات المدوية في أماكن القصف المدنية وطلعات الطائرات واستخدام الصواريخ البالستية المضبوطة جميعها بالأقمار الصناعية.. مع كل ذلك، استمرت أنظمة العالم وشعوبها صم بكم عمي فهم لا يفقهون ولا يتحركون ولا ينكرون، ولا يكتفون بصمتهم، بل يدعمون القاتل، ويبررون له ويشجعونه ويؤيدونه ويحتالون لصالحه، فإذا عجزت حيلتهم قدموا له الرجال والسلاح كله والمال، سرا وعلانية. 

ونحتار وتحتار العقول في ما يجري، وفي حرص العالم على فوز وبقاء القاتل، ليس بالضرورة بشخصه، ولكن من خلال منظومته أو نظامه؟
وهنا يكمن الربط الذكي للأسدية، ما بين الخدمة التي تؤديها هذه المنظومة عالميا، وما بين وجودها شخصيا، وبالتالي ارتباط ديمومة هذه الخدمة ببقاء الخادم، وضبابية علاقته بالمخدوم على تعدده وتنوعه وتنافسه.

فالأسد الأب الذي أفلح في تصوير نفسه كبطل مقاوم وممانع، نجح في ربط استخباراته بشبكة المخابرات العالمية، فكان يقدم الخدمات الجليلة في آن معا لكل من الولايات المتحدة وروسيا والصين والأوروبيين، وكان كريما في هذه الخدمة مع الإيرانيين، لم يبخل بخدماته حتى على الإسرائيليين. وما كان لهذه الخدمات أن تقدم بهذا الحجم والاتساع إلا على حساب العالم الاسلامي والمسلمين، مستغلا في ذلك سمعته الظاهرة كعدو لأمريكا واسرائيل، وقناعاته الباطنية وقدراته الخفية على استقطاب التنظيمات والتواصل مع قادتها مستغلا حاجتهم الماسة الى الدعم والمساعدات وتسهيل الاختفاء والتنقلات, حتى ان استدراج واعتقال أعضاء هذه التنظيمات وقادتهم ومن ثم اطلاق سراح بعضهم، كانت مسألة غامضة جدا وخفية.

إذا فهمنا سر ذلك وملابساته، وأن الخدمات المقدمة في هذا الإطار كانت قيمة جدا، وأن الدول التي نالت حصة وافرة من هذه الخدمات ستقف عاجزة طويلا عن سد الفجوة التي سيخلقها فقدان النظام السوري الحالي، عندها فقط سندرك التواطؤ العالمي مع تنافر مكوناته على تدعيم بقاء هذا النظام وتبرير أفعاله وتهويل الخطر القادم في حال سقوطه، فهو في النهاية يوفر لهم الكثير من أسباب التمزق بين مكونات العالم الإسلامي، وبالتالي سهولة كبيرة في السيطرة على مقدراته.. إنه ذات الدور الذي تلعبه وتفيد منه إيران، وتمده أمريكا والصين، أجل الصين، بمبالغ طائلة.

إن الأسد الابن يدرك أهمية النظام الذي خلفه له أبوه، ويعلم حرص العالم على هذا النظام وإصراره على توفير الحماية له، ويدرك أنه ليس في العالم حب شخصي وعلاقات إنسانية، كما يدرك أن استمرار بقائه الشخصي مرهون بربطه لخيوط لعبه بيديه، لذلك أقصى في مرحلة سابقة بعض من يشكلون خطرا شخصيا عليه من أعمدة وأركانات نظامه، وأحاط نفسه بأشخاص لا يملكون قرارهم الشخصي، وحرك طائفته منذ الساعة الأولى على أساس أن تهديده سيودي بأرواحهم وأموالهم، واطلق سراح من يستطيع بمكره وخداعه أن يؤثر عليهم من معتقلين مصنفين كخطر عالمي ليدعم موقفه الدولي ويخلق التمزق في صفوف معارضيه، ولئن كان فشل حقيقة في السيطرة على كثير ممن أطلق سراحهم، إلا أن الواقع يثبت أنه نجح في خطته بالنسبة الى القليل، وأن ما يقدمه هذا القليل يتم بشكل دقيق وأثره خطير و جليل.

لكن نقطة الضعف الحقيقية ضمن هيكلية النظام تكمن في فقدان السيطرة ضمن دائرة الحاشية العائلية الأقرب، وبالتالي فقد هؤلاء لأعصابهم أحيانا وقيامهم ببعض التصرفات والارتكابات التي تتجاوز الحد الأقصى المقبول به من قبل الشركاء الدوليين لأنه يسقط أقنعتهم ويكشف وجوههم القبيحة أمام شعوبهم بشكل يمنع هذه الشعوب من القبول بالحد الأدنى الذي قادتها إليه الصناعة الإعلامية في بلادها، لقد فقد النظام السيطرة أيام حافظ على يدي رفعت، وهو يتكرر على عهد بشار على يدي ماهر، ودفع رفعت ثمنه بإجباره على التخلي عن طموحه الرئاسي الذي لازال يراوده حتى الآن، ودفعه بشار وماهر على شكل توافق دولي تمثيلي بالتنازل عن الكيماوي، أو بعض الكيماوي.

إن كشفا حقيقيا مغطى إعلاميا يذهب بأوراق توت الكثيرين، ويكشف الغمة عن العيون، لهو كفيل إلى حد كبير بوضع الشعوب أمام حقيقة الجريمة التي يشاركون فيها على أيدي أنظمتهم، ويبين للأمم الأسباب الحقيقية والمساهمين الحقيقيين في صناعة (الإرهاب الدولي). وبالتالي قد يسقط النظام السوري والكثير من الأنظمة المتواطئة، على شكل لعبة (دومينو عالمية).

(126)    هل أعجبتك المقالة (136)

نيزك سماوي

2013-12-17

هذه هي الحقائق وارء وقوف العالم أجمع مع هذه العصابة والتستر عليها حتى الآن رغم كل هذه المجازر الوحشية التي فاقت كل الجرائم التاريخية على وجه الأرض ، وقد أدرك الشعب السوري أنه أصبحت لديه القناعة التامة أن هذه العصابة الطائفية الحقيرة المجرمة الخائنة العميلة لديها ضوء أخضر من مشغليها ومعروف مشغلي هذه العصابة على مستوى العالم ولن نذكر أسماء لأن ويكليكس سوف يكشف لكم الكم الهائل من الوثائق التي تؤكد إرتباط هذه العصابة الطائفية المجرمة في سوريا بالعصابة العالمية التي تختفي وارء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وخلاف ذلك من شعارت كاذبة زائفة جوفاء إذن كما قال الكاتب أن هذه العصابة سقطت فسوف يتغير مجرى التاريخ وينفك التلازم القائم منذ أكثر من أربع عقود بين العصابيتن الصغيرة المنفذة للجريمة والكبيرة العالمية التي تخطط فعلا أيها الكاتب مقال حقيقي مئة بالمئة وببصمك بالعشرة على هذا المقال الجريئ الذي لا يأتي إلا من إنسان لديه الخبرة والدارية التامة والكاملة عما جرى ويجري.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي