قد يتفهم أحدنا أن يقدم نظامٌ إجراميٌّ قائم أساساً على القمع وكبت الحريات وكمُ الأفواه على اعتقال شخصيات بارزة في المجتمع في جميع المجالات وفي مقدمتهم فئة المثقفين والفنانين المبدعين, فقد قام النظام القمعي منذ بداية الثورة السورية في آذار 2011 بمطاردة أي شخصٍ يطالب بالحرية وملاحقته والتضييق عليه لخنق صوته وروحه التواقة إلى الانعتاق من قبضة حكم الأسرة والطائفة, فكيف إذا كان هذا الشخص فناناً له سمعةٌ وجمهور والأسماء كثيرة جداً ومن مختلف الطوائف أيضاً.
ما أثار حفيظتي فعلاً هو مرورأكثر من سنتين وشهرين على اعتقال المطرب الشعبي المعروف في سوريا ولبنان (نعيم الشيخ) أو( أبوسميرة) كما يحب عشاقه أن يسموه وذلك لغنائه المستمر لمحبوبته (سميرة), ولن أخوض في هذه العجالة في قيمة ماقدمه فنياً.
الغريب في الأمر أن (نعيم الشيخ) والذي لايعرفه من أكثر المطربين الشعبيين الذين كانوا يمجدون حكم آل الأسد وحسن نصر الله أيضاً ولا تكاد تخلو حفلة مسجلة له أو حتى بيت عتابا يخلو من تمجيد شخص من (آل الأسد) أو أحد الشخصيات المقربة من النظام مثل (آل طلاس ) و( مخلوف) وصولاً إلى (حسن نصر الله ) في لبنان حتى ولو كانت حفلة عرسٍ أو حتى عيد ميلاد, ويبدو من استمرار اعتقاله أن جميع أغانيه وأبيات العتابا الممجدة والمروجة للنظام وأتباعه لم تشفع له أبداً, الجدير بالذكر أيضاً أنه غالباً كان يغني تحت تأثير المشروبات الكحولية مما ينفي عنه تهمة البندرية والسلفية والوهابية، ربّما هو درس لغيره ممن يفكرون في الانعتاق أيضاً من قبضة القمع الفولاذية, نظام في حقيقته لايميز بين (مواطنيه) أبداً حين يتعلق الأمر بالتعدي على مقام الرئاسة والأبدية والبوط العسكري المجيد.
نعيم الشيخ أعتقل بتاريخ 4- 10-2011 ولايزال معتقلاً حتى الآن والتهمة هي (تمويل العصابات الإجرامية المسلحة), وهو ابن مدينة الرستن الغنية عن التعريف وبالربط بين تاريخ اعتقاله والأحداث التي جرت بنفس التاريخ قد نستشف أن نعيم قدتمَّ اعتقاله أثناء دخول الجيش النظامي غازياً للمدينة ولم أعثر على الشبكة على أخبار كثيرة أو مقالات تتحدث عن موضوع اعتقاله ربّما عشاقه لا يرتادون الشبكة العنكبوتية كثيراً.
مصادفة قابلت أحد المعتقلين المُفرج عنهم حديثاً والذي كان مع (أبو سميرة) في نفس المعتقل قال لي:
-مرّة كان (أبو سميرة) يصدح من منفردته:
"بدالي طيف محبوبي بدالي ...متل عنقود ومعلق بدالي
سميرة ليش ترضينو بدالي تبدلي الحر بطير الغراب!"
لكن السجان لم يمهله وقتاً آخر ليتابع مواويله اسكته بحقارةٍ قلّ مثيلها: (حاج تعوي ياكلب)!
فقط كان السجان من عشاق "الأستاذ" علي الديك!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية