تنتشر بكثافة كبيرة جداً في المدن والبلدات التركية، وخاصة الواقعة على الحدود مع سوريا "الوطن" ما يطلق عليه "الثّوار" اصطلاحاً بـ "دكاكين الثورة" في إشارة إلى المنظمات الإغاثية والطبية والمجتمع المدني، ويراعى وفقاً لخبراء ثوريين في تلك الدكاكين كثرة الملفات والدراسات وحتّى البكائيات واللطميات للشحادة على أبناء وطن هُجِّر شعبه، وأصبح غالبيتهم من سكان المخيمات التي تقض مضجعهم "برد الشتاء" و"حر الصيف".
ويتحدث أحد المتابعين لـ"دكاكين الثّورة" في مدينة الريحانية تلك البلدة التركية الواقعة على بعد أمتار من معبر باب الهوى الحدودي، عن انتشار أكثر من 40 مكتبا إغاثيا وصحيا وتعليميا في البلدة للسوريين، يقومون من خلالها بتقديم طلبات لسوريين في المهجّر، أو رجال أعمال عرب من أجل التبرع لضخ الأموال في تلك المكاتب، من أجل أحياء "الأنفس السورية" التي قاربت على الموت، من خلال شعارات دينية عديدة منها "من أحياها، أنا وكافل اليتيم كهاتين...إلخ"، من أجل "تطبيق الزبون".
ويقدّر رجال أعمال أتراك قيمة الإيجارات التي يضخها القيّمون على تلك المؤسسات في مدينة الريحانية منفردة بحوالي 80 ألف ليرة تركية شهرياً، أي ما يعادل 40 ألف دولار.
فيما يتحسر آخرون على العملية التعليمية للمؤسسات السورية هناك، من خلال غياب العناصر الكفوءة، والاستعاضة عنها بذوي القربى، متشدقين في الدفاع عن ذلك والمباهاة بين العامة بالقول: "الأقربون أولى بالمعروف"، -وفقاً لمراقب-.
ولدى الانتقال لمدينة عينتاب التركية، ومراقبة ما يحدث لأصحاب تلك الدكاكين هناك، فإن الطموحات في تلك المدينة تقارب، تطورها العمراني، ليصل حد الترف، من خلال افتتاح المشاريع الوهمية والّتي تصب في معظمها في المشاريع الإغاثية والائتلافية، حيث يوجد في مجمع واحد ثلاث هيئات تتبع للائتلاف "ظاهرياً"، لكنها لاتعرف حتّى وجوه من يعمل بها من هذه المؤسسة أو تلك.
كما ووفقاً لمطلعين على شأن السوريين في المدينة فإن تقديم الطلبات استجداء المشاريع الإعلامية للمؤسسات الأوربية والعالمية، أصبح موضة، حيث يقبل السوريون وبكثرة على العمل في الحقل الإعلامي، الذي قد لايسمع بمشروعهم سوى أصابع اليد الواحدة في تمويل قد يصل لعشرات الآلاف من الدولارات لصالح منظمات أجنبية، أمريكية، ناهيك، عزيزي السوري، عن الخلافات الّتي قد تعصف بين محدثي الثورة من تبادل للاتهامات والشكوى للسفارات وإلى ما هنالك من أفعال لايقتضي التوقيت الحالي من عمر الثورة فضحها، مع امتلاك الدليل.
وكل ذلك غيض من فيض، أما سماسرة السوق السوداء، من السوريين الذي وجدوا في "خورفة" أشقاء النزوح فرصة لخروج من عالم البطالة لديهم، حيث يقوم السوري بالنصب على شقيقه وأخيه السوري الآخر، من خلال "إكرامية" العثور على بيت التي تتعدى في كثير من الأحيان مستوى 400 دولار، عدا عن صفحات الفيس التي تغرق بالخدمات والنصب والاحتيال من قبل أبناء البلد على أقرانهم حيث يحتاج كشف العلامات الواحد لطالب سوري دفع ما يتراوح بين 1800-2000 دولار، وكذلك استخراج جوازات السفر.
وبعد توصيف حال السوريين أصحاب الدكاكين في المنتزه التركي، تراودني الحيرة والشك تجاه مستقبل مهنة "الدكاكين الثّورية" إن سقط الطاغية وتحسنت الأحوال، ماذا سيصبح بهم المآل، وأين ستستقر بهم الأحوال، سؤال يحير الكثيرين منهم.، ويقض مضجعهم.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية