أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين المنخفض الجوي وحرارة نيران قذائف الأسد..البرد بعد الجوع جديد جبهة الغوطة

طفل يبيع السجائر في غوطة دمشق، غير مكترث بالبرد القارص - رويترز

بلا كهرباء ولا وقود يستقبل مدنيو الغوطة الشرقية المنخفض الجوي تلو المنخفض، اصطكاك الأسنان وارتجاف الأطراف وتلعثم الخطى يكاد يطغى على صوت القذائف وأصوات الانفجارات من شدته..
كان لـ"زمان الوصل" جولة بين ربوعها رسمنا من خلالها ملامح الصورة من خلال أحاديث أجريناه مع بعض سكانها.

يقول أبو علي أحد شيوخ مدينة "عربين" ومزارعيها: لم أعرف في حياتي كلها بردا مر على الغوطة بهذا الشكل كيف نقاومه ولا كهرباء ولا وقود ويكاد ما بقي في حقولنا من أشجار يطلب الغوث صارخا دعوا شيئا للأيام القامة ..لقد استنزفت معظم الأشجار لتستخدم كوقود.

ويضيف أن الشوارع فارغة من الناس الذين يفضلون الالتفاف بما تبقى لديهم من أغطية والبقاء تحتها في هذه الأجواء، مشيرا إلى أن الأطفال حتى كبار السن مثلي مجبرون على الخروج لمزارعهم التي لم يبقَ فيها شيء سوى -كما ترى- بعض الملفوف والقرنبيط والسلق.

يتأوّه أبو علي الحمد لله قائلا "لازالت لدينا هذه الخضار لنأكلها ونطعم أطفالنا ولكن مصيبتنا بالمحروقات، لايوجد مازوت لتشغيل عنفات المياه لنسقي أي زرع ولا لنتدفأ أو نستعملها للطهي في بيوتنا، أمشي يوميا خمسة كيلوا مترات لأصل أرضي هذه وأجمع بعض الحطب والخضار لعائلتي ومثلي كثير من الناس". 

يبتسم "مصطفى" وهو طالب جامعي سابق الآن يحمل سلاحه ويشارك في المعارك مع إحدى الكتائب لفك الحصار عن الغوطة ويقول "لم نعد نشعر بالبرد من شدته أصابعنا المتجمدة لا يدفئها إلا حرارة الطلقات وهي تخرج من فوهات أسلحتنا البرد نال من ؟أهلنا وبلدنا كما الجوع والقصف.

الأطفال والنساء أكثر الشرائح الاجتماعية تعرضا للخطر تقول الحاجة أم علي وهي جدة تقوم على العناية بخمسة أيتام وهم أولاد ابنيها الشهيدين .. "بنينا الكانون في مطبخ البيت وبتنا ننام جميعا حوله نشعله وقت الطهي بما يتيسر لنا من أخشاب وبقايا قابلة للاحتراق يجمعها الصغار في النهار من بقايا المنازل المدمرة أو نضطر لشرائها من الدكاكين التي باتت منتشرة في المدينة، وقد غيرت بضاعتها من بيع المواد الغذائية لتقتصر على الحطب والخشب ونبقي آثار الجمر للتدفئة باقي النهار، تقول مطبخنا لايتجاوز المترين مربعين ونصف ننام ونأكل ونعيش فيه فيه سبعة أفراد لأن باقي البيت بلا شبابيك وبعضه جدرانه مدمرة بسبب القصف لنا الله لاينسى أحدا" ..

بينما يشير الطبيب "عمر" مسؤول إحدى النقاط الطبية إلى الوضع الصحي الكارثي وخصوصا للأطفال بسبب تعرضهم للبرد القارص فيما معظم الأدوية المضادة للبرد والمضادات الحيوية مفقودة تماما ازدادت بشكل كبير ومراجعات الأطفال والنساء وكبار السن الذين يعانون من السعال الحاد والنزوف الصدرية والتهابات المجاري التنفسية الحاد وآلام الظهر والعظام والأمراض التي يحركها البرد ازدادت بشكل كبير، ناهيك عن الإصابات جرّاء القصف التي لا تخلوا منها نقاطنا الطبية يوما واحدا.

ويضيف الطبيب عمر "أشعر الوضع من حولي كأنه تصفيات من لايمتلك بنية قوية فعلا ليس أمامه سوى الموت عندما يتعرض للإصابة بالمرض، فجميع مقومات الشفاء مفقودة لا غذاء مناسبا للسكان ولا تدفئة وأجواء التلوث والأدخنة تحاصرنا في كل مكان، أعداد الوفيات في ازدياد كبير دون أي التفاتة لهم بسبب الحصار والبرد والجوع.

فيما تقول "نور" وهي تعمل معلمة في إحدى المدارس "أستغرب حين أصل المدرسة وأنا ارتجف من البرد القارس فأجد طلابا في الصف يجلسون متلاصقين يفركون أيديهم ببعضها حتى يشعروا بالدفء، أحاول معهم أن نجري بعض تمرينات الإحماء في الصف المكتظ بالطلاب لنشعر بالدفء ونستطيع الدّرس، غير أن ذلك بدأ يتغير فكثير من الطلاب يتغيبون حاليا عن المدرسة بعد أن اشتد البرد كثيرا في غياب تام للمحروقات والتدفئة في المدارس لايوجد لنا سوى القذائف".

وتتسائل بحرقة .. "هل مات العالم كله فلم يعد يرانا ولا يصله صوت اصطكاك أسنان أطفالنا وصراخ عظامهم وأمعائهم وأرواحهم جرّاء البرد والجوع والقصف.

سعاد خيبة - زمان الوصل
(120)    هل أعجبتك المقالة (122)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي