إلى المطران لوقا الخوري..ماذا لو كنت من أهل السنة؟
غبطة المطران لوقا الخوري المحترم:
قتل جوزيف الكبة (26 عاماً) الأسبوع الفائت، هو ابن مدينة صيدنايا وأحد عناصر "جيش الدفاع الوطني" قتل أثناء اشتباكات مع كتائب من الجيش الحر بالقرب من دير الشروبيم، الدير الأرثوذوكسي الذي تحول منذ أشهر إلى ثكنة عسكرية وسط عجز الكنيسة الحفاظ على قدسية الأماكن الدينية..وقتل معه أيضاً في ذات الفترة شابان مسيحيان آخران.
خلال الأسبوع الفائت قتل أيضاً جورج قسيس "الدحرنجي" هو عامل بسيط من مدينة يبرود، كان قد تم اعتقاله وأخيه منذ عدة أشهرعلى أحد الحواجز الامنية أثناء توجههما إلى بلدة القطيفة، بعد مدة أطلق سراح الأخ، أما جثمان جورج فلم تتسلمه العائلة حتى الآن رغم مرور أسبوع على اتصال الفرع الأمني وإبلاغهم أن ابنهم قد فارق الحياة.
عادة لا تفعل الكنيسة شيئاً إزاء الحادثتين اللتين تنسحبان على قصص متشابهة لآخرين من أبناء الرعية، وربما من النافل بعد عامين ونصف القول بأن الكنيسة "مريضة" من وجهة نظر جزء من أبنائها الذين اختاروا الوقوف إلى جانب الثورة، تلك الثورة التي تصفون من يؤمنون بها بأنهم أتباع للخارج وعملاء وإرهابيون، هي ذات الثورة التي قمتم يا غبطة المطران بتسليم خمسة من ثوارها منذ عام ونصف إلى السلطات الأمنية ومن داخل مكتبكم حين جاؤوا إليكم طالبين وقوف الكنيسة على الحياد.
في التاسع عشر من تشرين الأول الماضي تحول دير الشروبيم إلى ثكنة عسكرية، واستبدلت رائحة البخور برائحة البارود..فماذا فعلت الكنيسة لحماية مقدساتها؟ من ذلك الدير باتت رنكوس ومزارعها، وتلفيتا وجرد تلفيتا في مرمى النيران اليومية..هل تعلم من يقتلون بها؟ وهل تدركون الآثار المستقبلية للوجود المسيحي في صيدنايا المحاطة بالقرى والبلدات السنية من كافة جوانبها، وماذا فعلتم لحماية السلم الأهلي مع جيرانكم الذين بادروا الكنيسة النداء تلو الآخر دون استجابة؟
غبطة المطران المحترم:
أستعيد بعضاً من تعاليم السيد المسيح، وأستذكر ماقاله لتلميذه بطرس ليلة إلقاء القبض عليه "رد سيفك إلى غمده، لأن الذي يأخذ بالسيف، بالسيف يؤخذ" وقال أيضاً "لاتخافوا من الذين يقتلون الجسد، بل خافوا من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما" وأتساءل من هو قدوتك الذي استلهمت منه دعوتك الشباب المسيحي للتسلح؟ وما هو مصدر السلاح وعن ماذا سندافع به وضد من؟ وبرأيك كم يوماً سيكون بمقدور أقل من 10% من مجموع السكان الموزعين على اتساع الجغرافية السورية - أغلبيتهم باتوا في المهاجر- الصمود في الحرب ضد "التكفيرين والإرهابيين والمرتزقة" والمؤامرة الكونية التي تتحدثون عنها والتي لم يتمكن نظام الأسد وجيشه ومن ورائه روسيا وإيران ومالهم وأسلحتهم وميليشياتهم إيقافها؟
كان المأمول من رؤساء الكنيسة السورية أن يستعيدوا سير الشهداء الأوائل، وأن يكونوا كالقديسة تقلا في شجاعتها وإيمانها واصطبارها إلى أن كافئها الرب القدير وأبعد عن جسدها الطاهر كل الشرور، لم يكن الوجود المسيحي في الشرق يوماً إلا إشعاعاً للتحرر والحكمة، ومن هذه الأرض انطلقت وعظمت الرسالة المسيحية فلماذا بعد ألفي عام سنخون التاريخ والجغرافيا؟ ولماذا تقزّم دورنا الوطني واستبدلتموه بصورة المسيحي المرعوب والخانع والأهوج، وجعلتمونا الورقة الطائفية الأضعف المحترقة عند تلاقي المصالح بدلاً أن نكون واسطة العقد ونقطة التلاقي بين الفرقاء وأن تكتب بأيدينا كما كنا دائماً وثائق السلام وعزة هذا البلد.
يا غبطة المطران:
في وطن مستباحة كرامات أهله ومتفق دولياً على تصفية دمائهم بات قتل مئات آلاف من أهل السنة وإبادة أطفالهم خنقاً بالكيماوي واغتصاب نسائهم وتهجير ما يزيد على خمسة ملايين منهم مسألة اعتيادية تحتمل منكم وجهات نظر، وكذلك الأمر عادياً عندما يتحول دير إلى معكسر يمتلئ بالراجمات والدبابات، إلا إذا احترق بنيران الطرف الآخر وقتها سيكون "التطرف" الإسلامي حديثكم على الشاشات.
يبقى سؤال يا سيادة المطران ماذا لو كنت من أهل السنة؟
من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية