أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

اتحدوا أيها المعارضون

أي دم يسري في عروق سوريين يعرفون أن مبادرة شجاعة منهم قد تجلب الخير لشعبهم المشرد الجائع اليائس ولبلدهم الذي يحترق ولا يقومون بها؟ أي عقل يسكن رؤوسهم، وأي ضمير يسكن نفوسهم؟
كيف يمكن لنزعات الأنانية والغرور وحب الذات والمصلحة الشخصية أن تقف حائلا أمام  واجبات أخلاقية إنسانية بحجم إنقاذ بلد وشعب بأكمله؟ 

كيف يمكن لهؤلاء الادعاء بحب بلدهم وشعبهم وثورتهم وهم غير مستعدين لفعل ما قد يبعد الموت عمن يحبون؟

أطلق الشباب الثورة وأقحموا الجميع في لعبة جديدة بقواعد جديدة ومعايير جديدة... انخرط النظام فورا في اللعبة، وحسم أمره وحدد أدواته منذ اللحظة الأولى، العنف المفرط، والشحن الطائفي، والمؤامرة الكونية، والحركات الجهادية التكفيرية... وبقيت المعارضة تائهة متخبطة، لم تستطع حتى الآن، تحديد الاتجاه، واختيار الطريق، والتأقلم مع الحالة الجديدة، واعتماد المعايير المناسبة.

الحالة الثورية كانت تتطلب من قوى المعارضة الاتحاد ولم الشمل والعمل كفريق واحد متكامل.. يلتقون على أهداف مشتركة، وما أكثرها، ويلتفون حول برنامج سياسي واحد.. فريق منسجم يشد أزر الثورة ويمدها بالدعم السياسي والإعلامي والنصح والمشورة، يقوم اعوجاجها ويأخذ بيدها نحو أهدافها، يضعف خصومها ويسفه خطابهم ويفضح ادعاءاتهم ويبعد الناس عنهم.. كانت الحالة الثورية تتطلب رمي الخلافات جانبا أو تأجيلها والتواضع والتنازل للشركاء، والتخلي عن بعض التناحة والعنجهية كرمى عين الوطن وعين الناس، وكرمى تحقيق الحلم التاريخي بزوال الطغيان وإقامة نظام الحق والقانون والمواطنة... 

كان من الضروري التقاط المعيار الجديد للنضال في المرحلة الجديدة، وهو مد اليد للآخرين والعمل معهم، والذي ارتفع بحكم الثورة ليسمو على كل معايير النضال القديمة كالشجاعة في مقارعة النظام والملاحقة الأمنية والاعتقال.. فما فائدة مناضل أمضى نصف عمره في السجون إذا لم يستطع التقاط فرصة ثورة طالما حلم بها، وتسبب بعناده وعنجهيته في ضياعها؟ لكن يبدو أنه من الصعب على معارضة مفصلة على قياس العمل السري والغرف المغلقة أن تتأقلم مع أجواء حراك ثوري ومعركة سياسية مفتوحة؟

يذهلك أن الجميع يبدي إدراكا عميقا لهذه الحقيقة وتأييدا مطلقا لها، لكن الجميع يعتبر ببساطة أن المشكلة ليست عنده، إنما لدى الآخرين، ويلقي باللائمة عليهم لأنهم لم يدركوا خطأهم ويأتون للعمل تحت جناحيه!! لا يوجد في شخوص المعارضة من يعتبر أنه يملك 90% من الحقيقة و10% عند الآخرين، إنما الحقيقة في جيبه بالكامل..

لا أدري لماذا كنا نعارض إذن؟ ولماذا دفعنا كل تلك الأثمان، وجلبنا كل ذلك البؤس لعائلاتنا، وضيعنا مستقبل الخيرة من شبابنا..؟ لماذا فعلنا كل ذلك إذا كنا لا نستطيع الارتقاء إلى مستوى ثورة فتحت لنا بابا واسعا ما كنا نراه في أحلامنا؟ وكأن أهداف النضال تقف عند تحدي النظام والتخفي والاجتماعات السرية والملاحقة والسجن والجريدة السخيفة.. وليس من ضمنها إسقاط النظام وإقامة نظام أفضل!
كيف يستطيع أحدكم تقديم تنازلات لعدوه ولحلفاء عدوه.. ويعجز عن تقديم أي تنازل لمن يفترض أنهم شركاؤه في الهدف والحلم؟

ما هذا السر الذي يجعلكم تقبلون بضياع ثورتكم وخراب بلدكم، وخسارة كل رصيدكم لدى السوريين، ويجعلكم تقبلوا بأن تصبحوا دمية رخيصة بيد الخارج،... فقط لكي لا تتنازلوا أو تتواضعوا قليلا لبعضكم البعض؟
كيف نفهم انقضاض أعضاء من المجلس الوطني على اتفاق لم يجف حبره بين المجلس وهيئة التنسيق، كان يشكل خطوة هامة نحو توحيد الصف يمكن تطويرها والبناء عليها؟ 

أسئلة كثيرة ولا إجابات، فالذي نعرفه هو ما يجب أن يكون، والذي نعجز عن معرفته هو لماذا لا يكون... ما نعرفه ويعرفه الجميع أن في وحدة المعارضة خير للجميع، وفي تشرذمها شر على الجميع... وما نعرفه أن تشرذم المعارضة جعلها تصرف وقتها وجهودها في المشاحنات والمهاترات بدل أن تصرفه لدعم الثورة والعناية بها... وما نعرفه أن تفرق المعارضة واختلافها وتناحرها حرم الثورة من التغطية والدعم والتوجيه والبوصلة، وتركها تتخبط، جسما بلا رأس... وما نعرفه أن تشرذم المعارضة جعلها تستقوي بالآخرين، فأرتهنت لهم، وأصبحت كحصان طروادة، جسرا لتدخلهم... 

نعم أيها السادة القادة، بجردة حساب بسيطة يتضح انكم تركتم ثورتكم تتخبط وتسير نحو المجهول، وتركتم بلدكم وأهلكم تحت وطأة نظام دموي وأمراء حرب وقطاع طرق وتنظيمات عدمية، وسلمتم قراركم للخارج، وقدمتم للنظام ما يشتهي من فرص البقاء والنجاة...

ثم كيف لا يستقيل أحدكم؟ وهل يعقل أن يصل بكم عمى القلب إلى درجة أن لا يشعر أحدكم أنه فشل في شيء ما ومن واجبه أن يخلي مكانه للآخرين؟ سؤال غبي طبعا... وهل ثمة برهان على فشلكم أقوى وأكبر من كل هذه الدماء وهذا الخراب؟ وبماذا تختلفون في ذلك عن حكامكم؟ تتشبثون بالمناصب ولا تحققون سوى الفشل ولا تجلبون سوى الإحباط.. 

كم كنت فخورا بانتمائي لصفوف معارضة تقف في وجه أعتى وأحقر أنظمة الاستبداد عبر التاريخ،  وكم أنا اليوم خجل من انتمائي هذا.

لا أشكك أبدا في وطنية أحدكم ولا في حبه لبلده، لكني أشكك جدا في صحة نفوسكم وسلامة عقولكم.
والآن، ورغم كل الخسائر، وكل ما فات من فرص، ما زال لاتحادكم معنى وقيمة، وهناك استحقاق سياسي حاسم ينتظركم، فلا تخذلوا بلدكم وأهلكم مرة أخرى.

اتحدوا أيها المعارضون...الناس تصرخ، أرواح الشهداء تصرخ، الحجارة تصرخ.... 

(120)    هل أعجبتك المقالة (105)

رافع يوسف

2014-02-10

دعونا نوضح التالي أن منطق التاريخ أثبت أن نجاح أي ثورة كان يرافقه شعور بالحب لأفكار لخفق قلب لم يعهده أحد قبل ذلك نعم أن الثورة بسوريا سيطرة على قلوب كثير من الناس و هذا حدث تلقائي لمعطيات واقعهم المر و حتى يكمل الثوار الانجاز يجب الخروج للمستوى الثاني ثم المستوى الثالث حيث لم يستطع حتى الآن المفكرين السياسين و الفنانين و الأدباء و المثقفين من أبناء الشعب السوري صعود هذا الشعور الذي خفق في القلب لمستوى الرأس لمستوى البيان لمستوى الخطاب الذي يأخذ بالب الأنسان السوري و من ثم الأنسان العالمي نعم أيها السادة نحن لم نصنع حتى الآن فريق صناعة الفكرة لذلك كثير من أبناء سوريا لا يزال حيادي و كثير من شعوب العالم لا تعرف ماذا يجري في سوريا فعلا" و هذا تقصير واضح و نحن نعرف تماما عندما تصعد فكرة الثورة من القلب إلى الرأس حكما" يصبح و جود اليد أصبح مسالة تلقائية عندها فقط يمكن أن نبدع بخلق الأدوات و الآليات التي تساهم بتجسيد أهداف الثورة واقعا" عمليا" معاشا" يشعر فيه كل أبناء سوريا بحرية و كرامة.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي