أتمنى أن ينخلع كٌّلٌ منا عن ارتباط سابق أو منفعل بموقف أو رأي أو رد فعل مبني لأحداث سابقة أو موالاة أو معاداة لجهة ما، في تقييمه لمسألة أساسية كمسألة الديمواقراطية.
1. إن الديموقراطية - وهذا أسمها الغربي الحالي - هي الشورى الذي أمرَ وقضى وحكمَ به الله تعالى، على البشر جميعا كنظام حكم هو الصحيح من حيث المبدأ، ولم يحكم الله بتفاصيله، بل تركه للمجتمعات الإنسانية لتُطوره وتُعالجه تبعا مصالحها وفقاً لكل زمان ومكان، وذلك في قوله تعالى في منتهى الإيجاز والإعجاز { ........وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ .......... الشورى 38} وإذن فالديموقراطية التي هي الشورى هي الحل والحل الصحيح.
2. إن ما ذكره الأخوة القراء والمعلقين عن سلبيات ديموقراطية معينة بذاتها في بلاد عربية وغربية، ما كان نتيجة لمبدأ الديموقراطية بذاته، وإنما كان نتيجة تطبيقها المنحرف لمصالح سياسية واستعمارية وفسادية وشخصية وعائلية وتحكمية ...إلى آخره. نصل إلى نتيجة مفادها أن من الواجب أن نُفرّق بين الديموقراطية كمبدأ وبين تطبيقها عند الكثيرين كتطبيق. وأذكر بالمناسبة أنه لدى زيارة ودعوة نقابية قمت بها إلى فنلندا في السبعينات، أخبرنا أحد الأدلّة المرافقين، أن رئيس الجمهورية - آنئذٍ - جرى تكرار انتخابه الشعبي ثلاث أو أربع مرّات. وفي كل مرّة كان يُطالب بعدم التكرار، فتعمد جميع القوى السياسية والشعبية، بالإصرار على مطالبته بالتكرار، حتى كانت آخر مرّة حينما اشترط مُلحّا ومؤكداً، إلى أنه لن يترشح بعدها أبدا، وكانت التكرار الرابع على ما أذكر. لماذا يا قوم؟ لأنه كان رئيسا أخلاقيا يعمل لبلده وشعبه، وليس لأي شيءٍ آخر - وفهمكم كفاية - من هذا المثل نرى وجها برّاقا وناجحا للديموقراطية، وأتفق مع من وصف الديموقراطية الأمريكية في ذات أمريكا أنها ديموقراطية زائفة، تُمثل مراكز قوى مهيمنة بغض النظر عن الناجح الذي سيكون أحد أدواتها غالبا، وهذا سيعود إلى شخص الرئيس وقناعاته وإخلاصه وشخصيته.
3. نصل إلى نتيجة أن الله وهو أحكم وأعلم من جميع البشر جميعا مهما كانت سلطاتهم، قد وجّه البشر باتجاه الشورى الديموقراطية. وأن من يُمانع فيها - سواء عن قناعة أو مراءاة - فهو لا يرضى بحكم الله، ويظن أن عقله أكبر من حكم الله، والحقيقة أن مصلته هي التي تقوده.
4. لأنتقل إلى مرحلة أبعد من النقاش. كثيرة هي أشكال الديموقراطيات المعاصرة، ويُمكن القول أن العامل الشخصي، هو الذي كان سبب نجاحها في بلد وفشلها أو انحرافها في بلد آخر ( ما أفظع أن يكون 81% من الشعب الأمريكي مُطالبا بإنهاء حرب العراق والإنسحاب منها، ويُصر الرئيس الديموقراطي المُنتخب وفقا لأحكام الديموقراطية، وحده على رفض رأي أكثرية الشعب بحجة سلطته الديموقراطية، ومثل هذا في بلاد العرب أشباه وأمثال... ) وإذن فما هو الحل العام الأصلح - وليس الصالح البحت بالضرورة - ؟ لقد وصلتُ إلى اقتراح أرجو أن يأخذه السادة المسؤولين - المخلصين بالطبع - والأخوة المواطنين جميعا، جميعا، بالإهتمام والمناقشة لتطويره أو القذف به في سلّة المهملات. هذا الإقتراح يقوم على أن مدّة رئيس الجمهورية غير محدود بزمن على الإطلاق، ولكنها تتطلب استفتاء شعبيا سنويا يجري في تاريخ محدد من كل سنة، وتنتهي مدة رئس الجمهورية دستوريا وتلقائياً، إذا لم يحصل في أي تصويت على 51% من الأصوات المُؤيدة، أو إذا لم يُدعَ الشعب إلى الإستفتاء الدستوري، أو إذا تقدم الرئيس باستقالته.
5. يهدف الإقتراح المذكور، إلى ضبط الرئيس - وبالتالي كامل سياسة البلاد وتوجهاتها - بالأخذ بمصالح الشعب، وإلى عدم التأثر بآراء وتسلطات الغير سواء كانوا أقرباء، أومراكز قوى ومخابرات، أو فاسدين، أو عملاء مزروعين في أجهزة الحكم ...إلى آخره. وبالتالي، سعيه لاستقلال رأيه ضمن حدود ممسؤوليته، لبذل أكثر جهده واهتمامه على تحقيق مصلحة الشعب والوطن. وكم سيكون رئيسا مثالياً، لو طبق إحدى مواد دستونا الحالي في بعض المسائل الهامة على الإستفتاء الشعبي، فيستكمل بذلك درجة أبعد من الشورى الشرعية: { المادة 112: لرئيس الجمهورية ان يستفتي الشعب في القضايا الهامة التي تتصل بمصالح البلاد العليا وتكون نتيجة الاستفتاء ملزمة ونافذة من تاريخ اعلانها وينشرها رئيس الجمهورية }، وحينئذ لا يكون الرئيس كالسيد بوش الذي يقول "طز" في أكثرية الشعب الأمريكي ورأيه ومصالحه لأني أنا الحاكم بموجب الدستور وأحكامه الديموقراطية، وسأواصل تحكمي فيكم إلى آخر يوم من ولايتي "الديموقراطية" !!!!!!!!!.
أخواني وأحبائي من المواطنين، أرجو مناقشة الفكرة المذكورة، أما السادة الرفاق والكبار والوزراء فأرجو أن يتجرؤوا ويبدوا بآرائهم أمام الشعب ببساطة واختصار .
بكل احترام /
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية