أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

التطرف: هل هو حالة نفسية ام فكرية؟ ... احمد عسيلي


ما هو التطرف و لماذا يوجد اشخاص متطرفون و اشخاص غير متطرفون؟ ما هو العامل الدافع للانسان كي يصبح في خانة المتطرفين او الراديكاليين؟
هل القراءة المستفيضة والوافية للمجتمع و مشاكله هي التي تدفع الانسان لاتخاذ موقف متطرف من الاحداث؟ هل التعصب و كراهية الاخر القومي او الديني او الطائفي هي التي تجبر الانسان ان يتموضع ضمن خانة المتطرفين؟
على الرغم من عدم التقليل من هذه العوامل, فانا اعتقد انها لا تفسر سبب ظهور المتطرفين اولا و سبب تفاوت كمياتهم بين طرفي العالم الشمالي و الجنوبي ثانيا ,و اعتقد ان التطرف اولا و ثانيا و حتى عاشرا هو حالة نفسية.....حالة نفسية داخلية قد يكون باعثها او مولدها خارجي او داخلي....لكنها بالنهاية رد فعل نفسي على هذه البواعث.., و هو رد فعل مرضي حالته المقابلة السليمة هي معالجة الامور بهدوء وواقعية, و لأنها حالة نفسية فهي تزداد و تزدهر بالظروف المرضية, و تخبو و تنطفئ في الظروف الصحية, و لهذا نجد المتطرف مساند و داعم للمتطرف الاخر حتى لو كانوا اعداء و حتى لو كان تطرفهم هو التطرف المضاد, لان الاصل في الجو العام المولد و الذي يناسب التعبئة و الحرب و الدمار و الموت....و هي الاجواء المناسبة للمتطرفين, فعبر التاريخ كشفت العديد من الفضائح التي اثبتت ان المتطرفين الاعداء ظاهريا هم في الحقيقة داعمين لبعضهم و مؤازين لها على حساب الصوت المعتدل في كلا الجبهتين,ففي عام 2004 ظهر في الاعلام الامريكي فيلم تسجيلي للمخرج ادم كريتس اثار ضجة عالمية لحقائق ذكرها حول الدعم و الدور الذي قام به المحافظون الجدد في تشكيل و تطوير الجماعات الاسلامية الاصولية,و هذه الحقيقة ليست بالغريبة لان المحافظين الجدد يحتاجون للجماعات الاسلامية المتطرفة كي يبرروا وجودهم ويبرروا هويتهم الفكرية...فكلا التشكيلين ضروري لوجود الاخر, و هم داعمين لبعضهم في الخفاء, و متصارعين في العلن....و هذا ايضا ما دلل عليه المفكر الفرنسي روجيه غارودي حين ذكر التعاون الذي كان قائما بين المنظمات الصهيونية العالمية و بين النازية....بل ان اسحق شامير نفسه وهو احد الاباء المؤسسين للدولة الصهيونية و احد رموزها كانت تطارده السلطات البريطانية ابان الحرب العالمية الثانية باعتباره احد عملاء النازية؟؟ دون ان ننسى الاتفاقيات الاقتصادية التي ابرمت بين المنظمات الصهوينية العالمية و بين النازية؟؟؟
ربما يبدوا هذا الامر غريبا من الناحية الظاهرية لكنه الاكثر منطقية حين ننظر الى اعماق الامور و الى اساسها و منبعها....و لهذا لا نستغرب ايضا حين ذكرت وثائق وكيليكس ان تنظيم القاعدة يجمعه بنظام ايات الله في ايران علاقات تعاون و مؤازرة؟ لانهم ايضا يحتاجون لبعضهم...فالتطرف الشيعي سبب ظهور التطرف السني و العكس صحيح..و كلا الجهتين من المتطرفين يحتاج للاخر كي يجند اتباع من صفوف قومه و يتزعمهم و يجبرهم على خلق حالة عامة مشحونة بقيم التطرف و اجواء الحرب و العداء للاخر, اذن علينا الا ننخدع بخطابات كراهية الاخر وتمجيد الذات....و علينا عدم تصديقها و البناء عليها من اجل اتخاذ موقف,فربما بل على الاغلب ان هذا الذي يمجد الذات و يضرم النار في القلوب حقدا و كراهية على الاخر...لا نستغرب ان يكون متعاونا مع هذا الاخر...بل ربما يكون هذا الاخر هو من ساعده في صياغة خطابه و نشره بين الناس
,فالبشر من هذا المنطلق جبهتين ,هما جبهة الاعتدال القائمة على سلامة النفس و الضمير و القدرة على محبة الاخر و التعايش معه في جو صحي و معافى , و جبهة التطرف المليئة بالاحقاد و الكراهية و الساعية دوما نحو نشر اجواء الكراهية و الاحقاد. و النقطة القاتمة في هذا الامر ان التعاون و التواصل اكبر و اعمق بكثير داخل جبهة المتطرفين و هو شبه معدوم و خجول جدا داخل جبهة المعتدلين ,بل يكاد يصل الكثير من اتباع جبهة الاعتدال الى الاذعان و الخضوع للمتطرف....و هذا بالضبط الذي نحتاج الى تلافيه و القضاء عليه كي نخلق مجتمعا معافى و سليم,فيتعاون مثلا المعتدلين طائفيا من كلا الجبهتين كي نستطيع القضاء على النظام الايراني و حزب الله كما نقضي على القاعدة و الجماعات المتشددة الاسلامية... لان بقاء احد الطرفين سيعني الفشل بعينه لان هذا الطرف سيعمل لاحقا على خلق الطرف النقيض و تقويته وبالتالي عودتنا الى دوامة العنف مرة اخرى...

(113)    هل أعجبتك المقالة (115)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي