أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حكاية "أبو علي" الذي أطعم الثوار 585 ألف وجبة دون تمييز

قد لا يكون صاحب أحد برامج الطهي التلفزيونية بعد، لكنّ ياسر أبو علي مشهورٌ في محيطه كونه الوحيد الذي يقدّم خدمة توصيل الطعام المجاني في أنحاء سوريا، حسب تقرير نشرته "ناو".

مطعمه يُسمى "مطعم الثوّار الأحرار" ومقرّه في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وهدفه بسيط ونبيل في آن؛ ويتلخّص في تأمين 3 وجبات طعام متوازنة للمقاتلين الجائعين الموجودين على الجبهة في الصراع الدائر في سوريا. ويعمل مطعمه المتحرك من باص أبيض صغير معدّل ذي مقعدين، وتخرج منه 1750 وجبة يومياً. ويقدّر أبو علي بأنّ مطعمه قدّم أكثر من 585 ألف وجبة طعام إلى المقاتلين منذ أن تم إنشاؤه قبل 14 شهراً.

أما أصدقاء "أبو علي" في مسقط رأسه بإحدى القرى في جنوب إدلب، فنادراً ما اعتبروه مقاولاً يسعى وراء الكسب الماديٍ. وهم بالطبع لا يعتبرونه طاهياً. ويزعم أبو علي بأنه "لم يطبخ أبداً في حياته" قبل الثورة. قبل 2011، كان يمتلك متجراً في الحي الذي يقطنه ويبيع فيه أدوات منزلية. وهو لم ينهِ دراسته الثانوية.

ولكن الثورة غيّرت كل شيء بالنسبة لـ"أبو علي". الذي تشجع على فتح مطعمه الخاص بعد أن رأى "نقص التنظيم في توزيع الطعام" القادم من تركيا، وقد سمّاه "مطعم الثوار الأحرار" وافتتحه في الأول من تشرين الأول 2012. وهو ينطلق من قريته في جنوب إدلب من أجل إطعام الناشطين والمقاتلين الأحرار في مناطق بعيدة تصل الى حماه وحلب.

ورغم أن اشتداد الصراع الأخير حدّ من تحركه، فإن ذلك لم يمنع أبو علي من الطبخ للمقاتلين على أكبر ساحات القتال في أنحاء إدلب. وقد زار مواقع عدة بينها قاعدة تفتناز الجوية، ومخيم القرميد للمدفعية، ومطار أبو الضهور العسكري.

"أحياناً أتمكّن من السفر بسهولة" يشرح أبو علي، قائلاً إنه أحياناً يقدّم الفطور والغداء والعشاء في ثلاثة أماكن مختلفة خلال اليوم الواحد. وفي أوقات أخرى، يجبره القتال على البقاء في مكان واحد لفترة أطول بكثير. فقد أمضى 27 يوماً في أريحا، وهي من كبرى مدن إدلب شهدت نزاعا كبيرا عليها.

وبالإضافة الى قيامه بإطعام المقاتلين، يقول أبو علي إنه يقدّم لهم النصح أيضاً، ويوافق الحاج زكي، القائد في كتائب الفاروق المتمركزة على الخطوط الأمامية في جبهة جنوب إدلب، على ذلك قائلاً "أبو علي، بالإضافة إلى عمله، شخص مرح جداً. كل المقاتلين معي يسألونني عنه عندما لا يرونه. إنه شخص مرح والناس يحبون لقاءه في كل حين". وأضاف الحاج زكي أنّ "أبو علي" يحظى باحترام مجموعة المقاتلين معه: "إنّه يتكبّد مخاطرة كبيرة من أجل مساعدتنا. عندما أتى في آخر مرة إلى "وادي الضيف"، كان عليه أن ينتظر مدة يومين حتى يُخلي القناصون المنطقة. وحصل الأمر نفسه عندما كان يساعد المقاتلين في أريحا".

وقد انتقل احترام شخصية "أبو علي" إلى المجالس المحلية والمؤسسات الحاكمة في البلدات التي يسيطر عليها الثوار. يقول أبو علي: "أينما أذهب.. يوجد أفراد ومجموعات يمدّونني بالمساعدة". فمثلاً، مدّه المجلس المحلي في سراقب بالخبز لإعداد سندويشاته لأربعة أشهر. ودعمه كذلك المجلس المحلي في معرة النعمان.

وعلى الرغم من هذه الشهرة المحلية التي يحظى بها، إلاّ أن "أبو علي" يكافح من أجل إيجاد مستثمرين يدعمون مطعمه: "التقيتُ في تركيا أحد ممثلي إئتلاف المعارضة السورية في محافظ إدلب، وقد وعدني بأن يساعدني في شأن المطعم، ولكنّي لم أر منه أي شيء بعد ذلك".

وقال أبو علي أيضاً إنّه التقى أحد المتبرعين من الخليج: "قال لي سوف أهتم بكافة احتياجاتكم"، ولكن المتبرّع ما لبث أن طلب الحصول على قائمة بأسماء المجموعات المقاتلة التي سوف يمدّها أبو علي بالطعام وبأماكن تواجدها. وهذا أمر شائع بالنسبة للمتبرعين الخليجيين الذين يشترطون لدعم المنظمات في سوريا معرفة توجهاتها.

وكان لدى "أبو علي" في فترة معينة 5 أو 6 متطوعين لمساعدته، ولكن التمويل المحدود حدّ من عملياته. وهؤلاء المتطوعون يحاربون اليوم مع مجموعات مسلحة في المنطقة ويحصلون على رواتب.

رغم الفائدة من ذلك، يبدو أنّ أحد الأسباب التي تجعل "أبو علي" لا يحصل على تمويل كبير هو أنّه يقدّم خدماته "لكافة المقاتلين بغضّ النظر عن انتماءاتهم"، رافضاً التمييز بين الجيش السوري الحر، وجبهة النصرة، وكل الجماعات الباقية، ذلك أنّ مبادئ "أبو علي" غالباً ما تحول دون حصوله على المزيد من الدعم المالي من متبرعين يريدون منه أن يدعم المجموعة المسلحة المفضلة لديهم.

ورغم ذلك، يتمسّك أبو علي بإيمانه: "هذا أمر يقوم به المسلمون"، قال ببساطة مصرّاً على المحافظة على استقلاله السياسي. "سوف أساعد كل الكتائب الإسلامية ولا أميّز بينها.. فنحن جميعاً شعب واحد في رعاية الله وتحت أنظاره".

ولكي يجذب التبرعات إليه، يقوم أبو علي بكتابة المواد التي يحتاج اليها بالخط الأسود العريض على جانب باصه الصغير الأبيض وينشر صور الباص على صفحته على فيسبوك. وقد حضّر أبو علي كذلك تقريراً من صفحتين يشرح فيه وضع مطعمه، وتكاليفه، والمجموعات التي ساعدته في الماضي. "هذا مشروع في تطوّر مستمر" يشرح قائلاً. "أريدُ أن أدلّ على الذين يساعدونني لأن ذلك يُثبت بأني أحاول أن أكون منظّماً. ومن أجل حماية نفسي أيضاً: أريد أن أكون شفافاً في عملي بقدر الإمكان خشية أن يشك الناس في شيء ما".

ولدى سؤاله عما يحتاج إليه، يجيب أبو علي "حاجاتي بسيطة جداً، لا أحتاج الى الكثير: المال والخبز والوقود هذا كل ما أحتاجه". ويضيف ضاحكاً "وأنا لا أحتاج إلى ذلك اليوم فقط، بل في كل وقت".

ويبقى أبو علي واحداً من القليلين المتفائلين بنتائج الحرب: "لقد حارب النبي محمد لثلاث سنوات"، قال في إشارة إلى المعارك التي جرت بين 625 و628 م وانتهت بـ"صلح الحديبية" بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقبيلة قريش. "لم نبلغ بعد في سوريا الثلاث سنوات التي هي العلامة".

ولدى سؤاله عما سيحصل لو أن الحرب استمرت في سوريا أكثر من 3 سنوات، أجاب أبو علي: "النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو مثالنا الأعلى وعلينا الاحتذاء به. عندما حاصرته قريش، اضطر هو وأتباعه الى أكل أوراق الشجر لكي يبقوا على قيد الحياة. وهذا يحصل في الغوطة الشرقية في دمشق اليوم. وحتى إن وصلنا إلى مثل هذه الأيام في أجزاء أخرى من سوريا، فنحن لن نتخلى عن ثورتنا".


زمان الوصل
(111)    هل أعجبتك المقالة (102)

ياسر العمر

2018-02-08

لي الفخر والشرف بان ياسر ابو علي صديقي وصديق مقرب على قلبي ياسر ابو علي مثل كمثل الشجرة الطيبة ياسر ابو علي اصله طيب فلطيبة متاصله به يكفيني فخرا اننا جلسنا على مقاعد الدراسة ايام الطفولة..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي