أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

نشطاء في المناطق المحررة يعتبرون مخابرات الأسد و"الدولة" وجهان لعملة واحدة

حين كان عبد الله يدعو للثورة في سوريا ويحث أبناء وطنه على الانتفاض على نظام الأسد كان يخشى أن يطرق رجال المخابرات بابه في منتصف الليل.

والآن بعد أن اندلعت الانتفاضة في بلدته قرب حلب لم يفارق الخوف الناشطين المطالبين بالديمقراطية.. لكن زوار الليل هذه المرة لا يكلفون أنفسهم حتى عبء الطرق على الأبواب.

منذ عامين حين انقطع عبد الله عن دراسته ليقود حملة ضد الأسد على وسائل التواصل الاجتماعي احتجزه رجال الأمن وعذبوه. وتكرر نفس الحدث هذا الصيف لكن من جانب مسلحين إسلاميين موالين للقاعدة اقتحموا منزل أسرته وحطموا كل شيء فيه، واقتادوه إلى زنزانة حيث عصبت عيناه مرة أخرى وتعرض للضرب.

وقال عبد الله لـ"رويترز" في تركيا التي فر إليها بعد محنته الأخيرة "المؤسف أن من يفعلون هذا ليسوا من شرطة الأسد بل مقاتلون من المفترض أنهم يقاتلون من أجل الحرية.. حريتنا، وقتها وصفوني بالخائن لأني أطالب بالحرية وعذبني هؤلاء المسلحون أيضا لأني أطالب بالحرية".

وباتت هذه الرواية مألوفة في شمال سوريا حيث تهيمن مجموعة ميليشيات متناحرة على أجزاء منه. والقوة الصاعدة هي رؤية متشددة للإسلام ورجال يرون الديمقراطية من عمل الشيطان أو من صنع الغرب الذي يتعارض نظامه مع آمالهم في دولة يحكمها الدين.

وتكشف أيضا تجربة عبد الله حالة التشرذم التي تعانيها المعارضة السورية والتي تعقد الجهود الدولية الجديدة لإنهاء حرب النظام على شعبه والتي قتلت أكثر من مئة ألف شخص.

وتحدثت رويترز مع 19 سورياً يصفون أنفسهم بأنهم ناشطون مطالبون بالديمقراطية. وكلهم تحدثوا عن تجارب مماثلة لأعمال عنف وترويع على يد إسلاميين متشددين في مناطق بشمال سوريا لم تعد خاضعة لأجهزة "مخابرات" الأسد.

كان غالبيتهم طلبة حين اندلعت احتجاجات الربيع العربي في سوريا في مارس آذار عام 2011. وكلهم شاركوا في نشر أنباء المظاهرات وتوثيق ما تعرضوا له من قمع على أيدي قوات الأسد على وسائل التواصل الاجتماعي. ومع انتشار الحرب باتوا ينشرون صورا وتقارير ليطلع عليها السوريون ووسائل الإعلام العالمية.

البعض مثل عبد الله اضطر إلى الفرار كي ينجو بروحه.
ويقولون هم ومن بقوا في سوريا إن الإسلاميين المتشددين بدأوا حملة لإخراسهم وإسكات حرية التعبير بشكل عام. وفي الشهر الماضي قتل ناشطان إعلاميان بالرصاص في وضح النهار في حلب كبرى المدن السورية، واعتقل البعض واختفى آخرون.

*الخوف من القاعدة
البعض تحدث عن الخوف الذي تبثه الدولة الإسلامية في العراق والشام على وجه الخصوص. فالجماعة التي يهيمن عليه مقاتلون أجانب خاضوا حروبا أخرى من ليبيا إلى العراق وأفغانستان لا يتغاضون عن الانتقاد.

وقال رامي جراح الذي أدار محطة إذاعية في مدينة الرقة حتى أوائل شهر أكتوبر/ تشرين الأول حين أغلقها مسلحو الدولة الإسلامية في العراق والشام واعتقلوا أحد زملائه "مستحيل أن أذهب لسوريا الآن. أنا مطلوب من النظام ومن القاعدة."

يعيش "جراح" الآن في تركيا حيث تواصل محطة (أنا) بثها الى سوريا. واشتهر جراح كناشط اعلامي عام 2011 واستفاد من دراسته بالإنجليزية ليحقق شهرة دولية كمدون من داخل دمشق حيث تقيد السلطات السورية دخول وكالات الأنباء الأجنبية.

كان يكتب باسم مستعار هو "صفحة الكسندر" وحين فشل ذلك في إخفاء هويته فر من البلاد لكنه عاد لاحقا إلى مناطق "محررة" في شمال سوريا حيث ساهم في إنشاء محطة إذاعية في الرقة.
وقال إن المحطة أخطأت حين فتحت أمواج الأثير أمام المتصلين هاتفيا الذين كانوا يصبون جام غضبهم على الإسلاميين.

ومضى قائلا "كان الناس يتصلون ويقولون إن الدولة الإسلامية في العراق والشام فعلت هذا وذاك. يقولون (لقد أغلقوا متجري) أو (تعدوا على زوجتي وأجبروها على ارتداء الحجاب)." 
واتهمه الإسلاميون الذين كانوا يستخدمون الإنترنت بالإلحاد ورصدوا جائزة لمن يأتي برأسه.
وكثيرا ما يواجه الصحفيون شكوكا ومضايقات من جانب مقاتلين ومسلحين يجبرونهم على وقف التصوير ويصادرون أحيانا معداتهم، أو يهاجمون شققا أو مقاهٍ أنشأوا فيها "مراكز إعلامية" لنشر وتوزيع التقارير والتسجيلات المصورة.

لكن في الأشهر القليلة الماضية أخذت الأحداث منعطفا أخطر.. فقد اختفى بعض من يعملون في حلب. وفي بعض الحالات عثر على جثثهم ملقاة في الشوارع وبها علامات تعذيب وطلقات رصاص. وقال أصدقاء وأقارب نشطاء آخرين إن متشددين أبلغوهم أن ذويهم اعتقلوا.
ويصف "حازم داكل" من إدلب ما قد يعنيه هذا.
دأت محنة داكل -الذي يعيش أيضا في تركيا الآن- حين أرغم رجلان يستقلان دراجة نارية سيارته على التوقف بينما كان يصور في منطقة تديرها الدولة الإسلامية في العراق والشام، واحتجزوه في منزل واتهموه بمناهضة الإسلام. كان سعيد الحظ وتمكن من الفرار من نافذة.

تبدد أي شك فيما كان سيحدث له لو لم يهرب بعد اتصال هاتفي بين أحد محتجزيه وقريب له مازال في سوريا. قال "كانوا يعتزمون إعدامي في نفس الليلة التي هربت فيها. كانوا سيقتادوني إلى مصنع مهجور كانوا يعدمون الناس فيه."

*تحت المراقبة
نجح الإسلاميون المتشددون في كسب احترام السوريين في شمال البلاد إما لحماسهم للقتال أو لقدرتهم على فرض النظام بعد اندلاع صراعات بين ميليشيات متناحرة، وإما لقدرتهم على توفير الإمدادات من الغذاء والدواء. لكن هذا لا يبرر إخفاقاتهم في أعين الناشطين المطالبين بالديمقراطية.

قال جراح "مشكلتنا معهم ايديولوجية. يريدون فرض ايديولوجيتهم دون أن يسألونا عن رأينا."، وأضاف "النظام حرمنا من حرية التعبير وهم يفعلون نفس الشيء. أي ليبرالي أو من لا يرونه مسلما بالدرجة التي تتفق مع معاييرهم سيعتقل. يريدون أن تبث كل الإذاعات المحلية من مركز يسيطرون عليه."

وقال جراح إنه يعرف على الأقل 60 ناشطا اعتقلهم مسلحو القاعدة أو اختفوا في ظروف غامضة.

ووصف رجل مازال يعيش في منطقة يسيطر عليها المقاتلون قرب مدينة حماة في وسط سوريا حالة الخوف التي مازالت تتملكه وتجبره على إخفاء هويته مثلما كان يحدث حين كان نظام الأسد يسيطر على المنطقة.

وقال "أعيش في منطقة محررة من البلاد قرب حماة.. أسير وأنا أتلفت حولي طوال الوقت... كأننا عدنا إلى الأيام التي كنا نهرب فيها من المخابرات. لكننا الآن نهرب من إخواننا المسلمين".

وقال الناشط -الذي يفضل هو شخصيا وجود دولة إسلامية- إن إدانته على الإنترنت لعمليات قتل طائفية تعرض لها مدنيون من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد قوبلت بتحذيرات من إسلاميين متشددين طالبوه بأن يصمت.

ومثلما كانت تفعل أجهزة الأمن الحكومية تتابع الجماعات الإسلامية عن كثب ما يقوله الناشطون على الإنترنت.

وقال ناشط من دير الزور "يعرفون كل شيء. كلمة واحدة يمكن أن تكون سببا لقتلك أو اختفائك... ينظرون في أسمائنا وفيما نقوله لهذه الصحيفة أو تلك المجلة. يراقبوننا كالصقور. وبعدها يتحركون."
وأدين رامي جراح وناشطون آخرون علنا في موقع على الإنترنت تحت عنوان "عملاء الغرب في الرقة وسوريا عموما أم نشطاء ديمقراطيين وهل الفرق معتبر شرعا؟"

وفي خضم حرب لا تنحسر رغم الخطط الدولية لعقد مؤتمر للسلام في جنيف في يناير كانون الثاني لا يجد السوريون سبيلا للتصدي للجماعات المسلحة.

ويقول جراح إن من دعوا لحرية التعبير يجب أن يتحملوا قدرا من اللوم. ويضيف "كنا نقول حسنا إنهم يؤمنون بالله ويقاتلون على الجبهة ... وتجاهلنا الانتهاكات التي ارتكبوها".

ويقول عبد الله الناشط الذي فر من محافظة حلب إن تجربة الوقوف في وجه عائلة الأسد بعد 40 عاما من القمع ستجعل السوريين يحطمون سريعا "حاجز الخوف" ويعلنون معارضتهم للقاعدة.

وظهرت مؤشرات على مظاهرات مناهضة للإسلاميين، وصور بعض الناشطين مسيرة نظموها هذا الشهر أمام مبنى في حلب. يعتقدون أن الدولة الإسلامية في العراق والشام تحتجز فيه زملاء لهم. وأظهر فيديو على موقع "يوتيوب" نحو 30 ناشطا وهم يرددون "يا للعار يا للعار مخطوف بأرض الثوار.. يا للعار يا للعار مخطوف بأرض الأحرار".

ومثلما يتهم الأسد معارضيه بأنهم عملاء لقوى أجنبية يقول إسلاميون متشددون في سوريا إنهم لن يستمعوا لشكاوى "خونة".

ونفى مدون سوري مقرب من جبهة النصرة -وهي جماعة أخرى مرتبطة بالقاعدة- ما يردده ناشطون عن حدوث قمع وترويع ويقولون إنها تنطوي على مبالغة والقصد منها "إرضاء الغرب" بالنيل من الإسلاميين.
وقال "من يتهمون الإسلاميين بارتكاب انتهاكات يتبعون أجندة غربية".

رويترز
(91)    هل أعجبتك المقالة (107)

د. محمد غريب

2013-12-01

تقرير رويترز هو دعاية غير مباشرة لـ"داعش" وأنها مسيطرة على الأرض وو.. نفس مايردده النظام ومرتزقته داخل وخارج سوريا، وأصبح الآن هم وسائل الإعلام الغربية تبرئة النظام ومرتزقته من الإجرام ولصقه بآخرين..... طالبنا مراراً وتكراراً من زمان الوصل عدم نشر أي تقرير من وسيلة إعلام غربية بدون التعليق عليه وفصل السم عن العسل...


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي