قرأت في موقع أخبار سورية الموقر، خبراً أو تعليقاً، أو علّنا نسميه استياءً من تعامل السفارة السورية في فرنسا مع الموفدين. ولعلي، وفي عجالة من أمري، ألقي الضوء على بعض ما جاء في هذا الاستياء، راجياً من الله تعالى، أن يكون الهدف منه إحقاق الحق وتوضيح الصورة. أود في البداية، أن أؤكد للإخوة الكرام الذين سيقرؤون هذا الرد، أنني لا أتمتع بأي ميزات خاصة من السفارة السورية، ولا أعمل لدى المخابرات، ولا أقبض أموالاً من تحت الطاولة. كما أنني لا أعرف أي موظف في سفارة بلادنا في فرنسا. ولكنني أقرأ أسمائهم على الوثائق الرسمية التي غالباً ما أرها عند بعض الإخوة السوريين هنا. أضف إلى كل ذلك فلا علاقة لي بالسفارة، لا بشكل مباشر ولا غير مباشر منذ فترة ليست بالقصيرة، إذ تكرمت علي وزارة التعليم العالي بقطع منحتي بقرار غير معلل ومنذ زمن بعيد. أعود للمقال الموجود في موقع أخبار سورية، ففي الجملة الأولى، يقول الطالب، أنه يتوجه إلى السفارة السورية بالصك لتفتح له حساباً بمصرف بعينه. أنا هنا أبدي شكري للسفارة السورية وإعجابي بها إذا كانت تقوم بذلك فعلاً. كما أبدي دهشتي من الطالب، الذي يذهب للسفارة ليفتح الحساب، فالمصارف في فرنسا أكثر من محال العلكة في سورية، تستطيع أن تدخل أي مصرف فتفتح فيه حسابك، وإذا كنت لا تعرف الفرنسية، تذهب مع صديقك أو زميلك السوري أو العربي وانتهت المسألة. هذا ما فعلناه لما جئنا إلى هذه البلاد. ولا يعقل أن تكون السفارة السورية مسؤولة عن فتح حسابك، لأن كثيراً من الطلاب السوريين، لن يكونوا في باريس، بل على بعد ألف كيلو متر منها، فهل يعقل أن نذهب إلى باريس لنضع الصك المصرفي في الحساب عن طريق السفارة. يقول كاتب المقال:" بعد ذلك تبدأ رحلة العذاب، فالسكن في فرنسا صعب" وهو بالتالي يحمل السفارة السورية في باريس مشكلة السكن في فرنسا، لن نقول أبدأ أن السفارة السورية هي من يؤمن السكن للطالب، هذا لا يعقل، وإنما الطالب الممنوح من الحكومة السورية يحصل على سكن طلابي من هيئة الاستقبال(CNOUS ) في المدينة الجامعية الطلابية، أما إن كان الطالب لا يحصل على مثل هذا السكن، فالخطأ هنا لا علاقة له بالسفارة، بل يرتبط مباشرة بخطأ المفاوض السوري، و وزارة التعليم العالي، فهي لما تفاوض الجانب الفرنسي على إيفاد الطلاب لابد أن تشترط السكن لهؤلاء. والحق أنني لما جئت إلى فرنسا، وجدت السكن بانتظاري منذ اللحظة الأولى. وبالتالي فإذا واجه الطالب مشكلة سكن توجب عليه أن يصرخ في وجه وزارة التعليم، أو ربما في وجه المفاوض من وزارة الخارجية، فمن الطبيعي أن لا يرسل طالب إلى أوروبا وهو لا يعرف أين يسكن، ولكن السفارة السورية لم تحضر تلك المفاوضات ولا علاقة لها بها. ثم يقول الطالب "واللغة المحكية غير ما تعلمناه في المدارس"، ويحمل مرة أخرى السفارة السورية مسألة ضعفه باللغة الفرنسية. صحيح، أن الفرنسية التي تعلمناها في سورية لا تشبه بحال من الأحوال لغة الناس هنا، ويتفق الجميع معي أن هذه مشكلة وزارة التعليم العالي في سوريا ومؤسساتها وليست السفارة بحال من الأحوال. فلا بد للحكومة السورية، أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتعليم الطلبة الموفدين الفرنسية بشكل جيد خاصة وأنها لغة صعبة - معقدة، وينقصها كثير من المنطق. على الجانب السوري أن يعلم طلابه الفرنسية في سورية على يد الأساتذة الفرنسيين، وليس على يد متقني الفرنسية من السوريين، ثم لا بد أن يمنحهم عدة أشهر للفرنسية في معاهد اللغة هنا، حتى تكتمل الفائدة. بالتالي، لا تتحمل السفارة وزر هذا الخطأ الجسيم الذي لا ننكره بحال من الأحوال. ثم يقول كاتب الخبر، "والأقوال مجمعة على أن أعضاء السفارة يقبضون خمسين أورو من فتح كل حساب مصرفي". الحقيقة أنني لا أرتضي هذه الجملة، فما معنى الأقوال مجمعة، يعني أن أناساً قالوا، حتى الطالب نفسه، لم يتحمل مسؤولية هذا القول فقد قال والأقوال مجمعة ، وهذا غير صحيح البتة، فقد فتحنا حسابنا لوحدنا تماماَ كما فعل زملائنا الذين التقينا بهم في هذه البلاد . ثم بالغ كاتب المقال قليلاً فقال، إن موظفي السفارة يضعون أموال الطلاب في حسابهم قبل أن يرسلوها للطلبة بما يعنيه أنهم يكسبون الفائدة المجزية من المصارف هنا. وهذا ما لا يقبله الصحيح المعرفة، فإن المال يحول إلى حساب السفارة، وليس إلى حساب موظفي السفارة، ومن أجل أن يقوم الملحق الثقافي بهذا العار، فهو يحتاج إلى التآمر مع أعضاء السفارة كافة، وبالتالي فهم جميعاً متفقون على الجريمة، الأمر الذي لا أعتقده وأنفي عنه أي منطق. أن أدنى مقارنة بين السفارة السورية في باريس، وأي سفارة لدولة عربية، ستظهر مدى احترام أعضاء السفارة السورية للموفدين. فهؤلاء الأعضاء، وقد اتصلت فيهم مجرباً وسائلاً وطالباً، كانوا في منتهى الاحترام واللطف والإحساس بالمسؤولية. في النهاية، أتوجه بالاعتذار الشديد للأخ كاتب الخبر، فليس الهدف من الرد هنا هو دحض مقالتك والتقليل من شأنك، بل هي كلمة لإحقاق الحق وأحب أن أذكرك بقوله تعالى" وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن". غرونوبل - 10/ 2006
كلمة لإحقاق الحق في الرد على مقال "رواتب الموفدين في فرنسا"
د. عوض السليمان
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية