هل داعش تنظيم اسلامي متطرف؟؟؟ ... احمد عسيلي

نشرت ناشطة سورية معروفة عبر حسابها على الفيسبوك خبرا مفاده قيام داعش باغتيال احد ابناء الرقة و يدعى محمد العيد السويلم و ذلك بسبب اركيلة..و في التفاصيل ان هذا الرجل كان يجلس امام بيته و يدخن الاركيلة و هذا سلوك شائع جدا في المجتمع السوري و اثناء ذلك مر احد افراد داعش و حاول اعتقاله فجرى اشتباك بينهما و تم اثر هذا اعتقال الرجل لتتصل داعش بأهله بعد عدة ايام و يطلبون منهم استلام جثته
لا اريد مناقشة اسلامية او شرعية هذا التصرف من وجهة حقوقية او قانونية او اسلامية معتدلة....بل لنحاول مناقشتها من وجهة نظر اسلامي متطرف...فهذا المتطرف ليس وحشا او حيوانا بلا تفكير بل مرتبط بتفسيرات حرفية و متطرفة لنصوص دينية و له فيها وجهة نظر و ان كانت غريبة بل احيانا تصل حد التناقض لكنه محكوم بهذه النصوص و بتطبيقها و يستمد استقراره النفسي و شرعية تصرفه من هذه النصوص.... و لفهم هذه العقلية سأضرب مثلا ذكره الكاتب المصري رفعت السعيد عن عقلية الخوارج و تفسيرها للنصوص المقدسة فيروى قصة الصحابي عبدالله بن خباب الذي مر في الطريق هو و زوجته بمجموعة من الخوارج فحمل القرأن في عنقه...و لما مر بهم قالوا له هذا الكتاب يأمرنا بضرب عنقك فأخذوه للنهر و ذبحوه.... و بعدها دخلوا قرية فيها نصارى و طلبوا ان يشتروا تمرا و حين حاول النصارى اعطائهم التمر مجانا و رفضوا اخذه الا بثمنه لان الله اوصى خيرا بالنصارى
و حين اراد واصل بن عطاء المرور بمجموعة من الخوارج ناداهم و قال لهم انا مشرك مستجير و قرأ عليهم نص الاية ( و ان احدا من المشركين استجارك فأجره حتى تسمعه كلام الله) فاسمعوه كلام من القرأن و طلبوا منه الانصراف فرفض واصل بن عطاء و اتم الاية (ثم ابلغه مأمنه) فذهبوا به و اوصلوه الى الجهة التي يريد بأمان
و بذلك يكونوا قد قتلوا صحابي و قدموا خدماتهم لمشرك و عاملوا النصارى بشكل جيد....
هذا هو الشكل المتطرف من الاسلام الذي يتمسك بالنصوص دون اعمال للعقل.....و هذا الشكل كنا نجده في جبهة النصرة و طرق معاملتها للناس بشكل متطرف متماشي مع عقائدهم.....والكل يتذكر مقطع الفيديو الذي انتشر عن قيام جبهة النصرة باعدام مجموعة من مقاتلي النظام و كيف قرؤوا بيان الاعدام و قاموا بقتله برصاصة في الرأس لانها اكثر الطرق رحمة بالقتيل و لم يقتلوا عنصر الجيش الا بعد معالجته من كسر في قدمه و هناك مقطع اخر لجبهة النصرة و هم يقيمون الحد على احد المجرمين بنظرهم و ذلك بضربه بواسطة حزام بنظال و بشكل خفيف و مع عد الضربات لاحتسابها حسب الحكم القضائي الصادر عن احد القضاة الشرعيين عندهم...و أعود لأقول اني لا اوافق هذا النوع من التصرف لكني افهمه و افهم طريقة تفكير مرتكبيه و أفهم النصوص التي يستندون اليها في تصرفهم هذا
و السؤال....الى اي نص قرأني او حديث استندت قوات داعش لقتل متعاطي الاركيلة...اقرب النصوص التي تعالج موضوع التدخين هو تعاطي الخمر و حد شارب الخمر هو الجلد و ليس القتل و لم يعرف عن الاسلاميين انهم قتلوا شارب الخمر لان الحد واضح جدا في نص قراني
و لا يوجد رجل دين متطرف يستطيع تحمل مخالفة حدود الشريعة الاسلامية....لكن قوات داعش خالفتها مرارا و تكرارا و خالفوا حتى أوامر الامير حين اصدر الظواهري باعتباره امير المؤمنين قرار بحل داعش.....و مخالفة الامير الذي تم مبايعته و تم اقراره من قبل أئمة مشهود لهم (بالنسبة لهم طبعا) يعتبر جريمة و خروج عن الصف
فاذن لا نستطيع ابدا ان نقول ان داعش قوات اسلامية متطرفة لاننا نفهم الاسلام المتطرف و نفهم عقلية المؤمنين به و يستطيع الانسان ان يتعامل معه بذكاء و حنكة كما فعل واصل بن عطاء.....لكن داعش ليسوا اسلاميين متطرفيين و لا يمتون لهذا الفكر بأي صلة
فما هم اذن......؟؟؟
ربما تتعدد الاجوبة و تختلف تحليلات دوافع هؤلاء الناس و الاجهزة المرتبطة بها
و لا املك اي دليل واضح و صريح عن طبيعة هؤلاء الناس و عن الجهات الداعمة لهم....و لا يملك هذا الدليل الا المتنفذين في الاجهزة الاستخباراتية و لست واحدا من هؤلاء المتنفذين......لكني اعلم تماما ان هؤلاء ليسوا اسلاميين متطرفين و ليسوا اسلاميين اصلا و لا يستندون في تصرفاتهم على اسس اسلامية و انما على اسس اخرى و مرجعيات اخرى ستكشفها لنا الايام القادمة