أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هام وعاجل، سأكتب وأمري إلى الله .... المهندس سعد الله جبري

 

ذلك لأني أشكُّ، في أن ما أشعر به - ويشعر به الكثيرين من العرب والسوريين - ويفرض عليَّ واجبي والتزامي الوطني أن أكتبه، سينشر في ظروف الغباء غير المتناهي للرقابة على الفكر والحوار، أو هي ظروف التآمر الفعلي، والتي أرى أنها من الأفكار التحضيرية لهزيمة يطلبها الأعداء لسورية وللعرب. وأنا إذ أكتب هذا الرأي، فإن أرى أن  نشره من عدمه، سيكون امتحانا لقدرة النظام على إعادة النظر، واستدراك الأمور قبل فوات الأوان، حيث بعدها لات ساعة مندم، وهناك كثيرٌ ممن يُحضّر نفسه ليلبس لباس مُقتدى ويضع قناعه.

أولاً: من المؤكد أن ما نشرته "القبس" هو بمعظمه صحيح، بما فيها الإشارات الخجولة لبعض الأمور السورية الداخلية المتصلة بالمسألة، والتي تبدو ظاهرياً على غير صلة بها. ومنها مسألة التحقيق في مقتل "مُغنّية" على سبيل المثال وليس الحصر، والأخطر معروف، ولازال الشعب ينتظر موقفا بشأنه.

ثانياً:  إن هناك حقائق علمية يشعر بها الشعب الواعي، ولكن يعرفها ويعمل بموجبها الإستراتيجيون الأعداء في أي معركة مرغوبة أو محتملة - من أي مقياس كان - وتتجسد بعض هذه الحقائق في الأمور التالية:

1. إن خلق أو وجود صراعات في السلطة قد تصل إلى صراعات صدامية، والتسبب بمشاكل متنوعة صارخة للشعب مثل الإقتصادية والمعيشية مُغطّاة بتبريرات علمية زائفة وكاذبة ومعادية، ومشاكل أخلاقية، وإرهاب وحجب وتقييد أمني على الفكر والحريات العامة، وبثّ الإشاعات عن صراعات في السلطة، وعدم وضوح أو توضيح كثير من الأمور المُنتظرة، والعمل على إخفائها والزعم المُتكرر العاجز بقرب الإعلان عنها، وتغييب المخلصين ممن يُزعم أنهم خصوم، وتثبيت الأنصار الفاسدين والمشبوهين والمنافقين في المواقع التي تُتيح لهم استمرار تآمرهم وتخريبهم، ذلك كله مما يدخل في تحضير المعركة ضد خصم ما، تخطيطا للإنتصار عليه. هل مثل هذه الأمور هي قائمة، أو قائم بعضها في سورية؟ وإذا كانت قائمة فهل هي بالمصادفة البريئة؟ أو هي بفعل فاعلين مزروعين مدسوسين، رضوا بأن يكونوا أعداءً لأمتهم ووطنهم مقابل مكاسب مادية أو سلطوية موعودة؟ المنطق والعقل الإنساني المتطور، والخبرة العملية، كلها تتجه إلى أن مثل هذه الأمور لا تكون قطعاً بالمصادفة، وإنما هي نتيجة فعل مقصود خُطّط منذ زمن ليس بالقصير، ولا زال يُخطّطُ له ويُنفّذ بشكل جيد وبتعاون داخلي متآمر وخارجي معادٍ.

2. هل هناك مسؤولية على القيادة العُليا، بعدم لجوئها في الوقت المُناسب والصحيح، إلى مكافحة سلبيات الفساد البحت، ومكافحة مراكز قوى التسلط والفساد الذين يُمارسون فعلا الخيانة والتفرقة والإضرار بالشعب ومعيشته -  وتحضيره لطلب الخلاص من حكمٍ وصل إلى درجة إفقاره وتجويعه - والرضا به ولو من عدوتهم إسرائيل الأمريكية؟-  ويقولون في الحِكَم التاريخية أن الجوع كافر، وما يوصِل إليه، ينطبق عليه -.

نعم إن القيادة العليا مسؤولة، نتيجة إنشغال، أو مسايرة أو غض نظر، أو تحسّب آني من أسوأ، أو ثقة زائدة غير مبررّة في مراكز قوى وقرابات - يا للقرب الزمني لما ارتكبه الخائن رفعت، ونُسيَ بسرعة غريبة - ولمراكز قوى لم يُتصوَّر أو يُشتبه بتآمرها الفعلي الجاري على الأرض. وما أشبه اليوم في سورية، بالأمس عند صدام حسين الذي وثق بأعوانه وأقربائه، فكان منهم أول من خانه وخان البلاد والوطن والشعب. وكأن التاريخ يُعيد نفسه، والتجربة التي نجحت هناك، سعوا ويسعون لإنجاحها هنا. وأن المقولة الخالدة، أن الفاسد الذي يبدأ بسرقة المال، سيصل به الأمر إلى أن يبيع الوطن والشعب والنظام والقيادة، بل وأمه وأبيه وأخيه، في سبيل نوع من الجنون أسمه الفساد والتسلّط. وهو الذي لم يُعامل ويُعالج في سورية حتى الآن كما تقتضي المعاملة المسؤولة الشجاعة.

وبعد، يُقال: لأن يأتي الأمر - الصحيح طبعاً - متأخراً خيرٌ من أن لا يأتي أبداً. وفي ظني ونتيجة لتحليل المعطيات المختلفة الإستراتيجية والتكتيكية، والأوراق التي لا زالت متوفرة بيد السلطة الشريفة المُخلصة، أن الأمر لا زال بيد القيادة العليا - رغم ضيق الوقت المتوفر - وذلك لمباغتة العدو الخارجي وإفشال تحضيراته وتخطيطاته ونقاط ارتكازه في الداخل، وذلك ابتداء بأعوانه وعملائه في الداخل، جميعا وبضربة واحدة وليس بالتقسيط المُتيح لردود فعل مُحبطة للجهد والهدف المرغوب، ولتعلم القيادة أن جميع القوى الفوقية التآمرية لا وزن لها إطلاقا مقابل سلاح الشعب واستنهاضه لدعمها. وأُكررها أن الهجوم هو خير وسيلة للدفاع، وهو خير من الإنفعال بحوارات وتحركات وتكيتيكات ووعود مُخادعة، وأيمان مُغلّظة مقصودة لصرف الأنظار عمّا يجب عمله، وهذه جميعاً غير مُجدية مع مثل هؤلاء القوم الخونة وأزلامهم ووزرائهم الأخوَن منهم، فقد سقطوا والساقط لا قول ولا عهد ولا أيمان له. ورحم الله حافظ الأسد، إذ وَثَق بأخيه رفعت، فلما تبين له خيانته، انقض عليه وعلى جميع أعوانه بضربة واحدة أنقذت البلاد والنظام. وما كان الخطر وقتها يساوي إلى 1% من الخطر الماثل اليوم.

بكل احترام /

 

(111)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي