بصق الطفل على تمثال حافظ، فبدؤوا بطعنه بالسكاكين والدعس عليه وضربه إلى أن فارق الحياة
يتم إعدام المحكوم بربطه بسيارتين تسيران بقوة في اتجاهين متعاكسين، فينفصل رأسه عن جسده
عمليات الإعدام تتم كل يوم بحق 40 سجينا عند منتصف الليل، بحضور مدير السجن، ومفتي دمشق غالبا.
عدد الأحداث الموجودين داخل سجن صيدنايا يبلغ حوالي 2500 معتقل، من أصل 14 ألفا
أثبت تقرير حقوقي جديد أن سجن صيدنايا هو الوريث الشرعي لسجن تدمر، وأن"صيدنايا "يستحق لقب أكثر سجون ومعتقلات بشار الأسد وحشية وعنفا في التعامل معتقليه الذين يقاربون 14 ألف معتقل، رغم أن الموقع الذي بني فيه سجن صيدنايا على تلة مشرفة ومطلة على كروم التين والعنب، لايوحي بذلك، خلافا لسجن تدمر الذي كان في وسط الصحراء.
وكشفت مقتطفات من تقرير صادر عن الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان، مجموعة من الحقائق المفجعة حول أهوال هذا المعتقل، ومنها شهادة عن تعذيب طفل وقتله طعنا بالسكاكين ودوسا بالأرجل، لأن تهمته كانت البصق على تمثال حافظ الأسد.
تقرير الرابطة نقل شهادة أحد المفرجين عنه، وفيها من الروايات ما تشيب له الولدان لاسيما عن طريق إعدام المحكومين، ودحرق جثثهم، فضلا عن أنه كشف بالاسم متعهد مهام التعذيب والقتل الأول في هذا السجن الرهيب.
وهذه مقتطفات من التقرير:
أعداد المعتقلين:
منذ اندلاع الاحتجاجات السلمية في منتصف آذار 2011 وازدياد حملات الاعتقالات العشوائية بحق الناشطين، ازداد عدد النزلاء في سجن صيدنايا العسكري بشكل مستمر. واستنادا لشهادات متطابقة حصلت عليها الرابطة، فإن السجن يضم حاليا 14 ألف سجين معظمهم خضع لمحاكمة صورية أمام محكمة الميدان العسكرية وتلقوا أحكاما جائرة تتراوح بين الاعدام والسجن لمدة 15 عاما.
ويحتوي السجن الأحمر على 8 آلاف معتقل بينهم نساء وأحداث (تحت سن 18) بحسب الشاهد معاذ الذي قضى 19 شهرا فيه وكان شاهدا على الكثير من الانتهاكات التي سيتم ذكرها لاحقا في سياق التقرير، بينما يضم البناء الجديد أو ما يعرف بالبناء الأبيض حوالي 6 آلاف سجين بينهم أكثر من 4 آلاف ضابط من جميع الرتب.
ظروف المعتقلين:
تبدأ معاناة المعتقل من لحظة وصوله إلى السجن مباشرة، فعند وصول الحافلة التي تقل المعتقلين إلى ساحة السجن تبدأ "حفلة استقبال" كما يسميها السجانون للقادمين الجدد حيث يقوم أفراد من الشرطة العسكرية التابعين لسرية الحماية داخل السجن بضرب المعتقلين بالهراوات والقضبان المطاطية، ويترافق ذلك مع كم هائل من الشتائم والإهانات، ثم يتم استلام المتعلقات الشخصية من السجين، وغالبا ما يتم إيداع السجناء الجدد في الزنازين الانفرادية لمدة شهر "لكسر نفسيتهم"، وذلك بعد جلدهم بالكبل مئة جلدة حسب ما أفاد به أحد الضباط المنشقين.
بعد خروج المعتقلين من الحبس الانفرادي يتم توزيعهم على المهاجع الجماعية في السجن الأحمر حيث يبدأ نوع آخر من المعاناة والتعذيب النفسي والجسدي، فبالإضافة إلى الاكتظاظ وحالات المرض الشديد لدى السجناء، فإن رئيس المهجع يتوجب علية يوميا تقديم 10 أسماء ليتلقوا عقوبة قاسية يشرف عليها الملازم أول فادي سليمان وهو المسؤول عن عمليات التعذيب التي تفضي إلى الموت في حالات كثيرة.
داخل المهجع الكلام بصوت مرتفع ممنوع والصلاة ممنوعة منعا باتا، ولا يسمع سوى صوت أنات السجناء والمرضى منهم بشكل خاص، ويتعرض المخالفون لهذه التعليمات لعقوبة قاسية في الحجز الانفرادي بعد الجلد بالكبل الرباعي (وهو أداة تعذيب شائعة في سوريا، عبارة عن كبل كهرباء يحتوي أسلاك معدنية مغلف بمادة مطاطية) .
بالنسبة للسجن الأبيض الذي يضم حوالي 6 آلاف معتقل بينهم 4 آلاف ضابط، فالظروف متشابهة إلى حد كبير، ولكن إدارة السجن تعمد إلى إجبار الضباط على ارتداء بذاتهم العسكرية بشكل مقلوب، وتجبرهم على الجلوس بأوضاع مؤلمة ومهينة طوال فترة النهار.
ويشترك جميع المعتقلين بالخضوع لنفس المستوى من التعذيب والإذلال والمعاملة الحاطة من الكرامة على أيدي السجانين والحرس الذين لايتجاوز أعمار الكثير منهم 20 عاما،
ومن الأساليب الشائعة للتعذيب في سجن صيدنايا، بالإضافة إلى الصفع والركل:
1- الجلد بالكرباج: عبارة عن أداة من المطاط القاسي تمت تقويته ليصبح مثل السوط
2- الدولاب: وهو الإطار الخارجي للسيارة حيث يتم وضع السجين داخله ليصبح بلا حول ولا قوة وغير قادر على الحركة أثناء الضرب بالعصي والكرباج والكابل.
3- العصا البلاستيكية: عبارة عن أنبوب للتمديدات الصحية تمت تقويتها بعصا أخرى بداخلها.
4- الصعق بالكهرباء: وهو وصلة من الكهرباء يتم ربطها بالسجين بقوة 220 فولت، كما يتم استخدام العصي الكهربائية الصاعقة.
5- الحرمان من النوم أو الطعام والشراب لفترات طويلة.
6- بساط الريح: حيث يربط المعتقل ويثبت على لوح خشبي متحرك قابل للطي ليتم تعذيبه دون أي قدرة له على التحرك.
7- الفلقة: والتي تقوم على تثبيت قدمي المعتقل قبل القيام بجلدهما, إضافة إلى سكب الماء البارد على السجين أثناء التعذيب.
8- الحرق بالسجائر والمواد المذيبة.
السجناء الأحداث:
يضم السجن الأحمر بالإضافة إلى مهجع خاص بالنساء (لم نتمكن من معرفة العدد) عددا كبيرا من الأطفال أو الأحداث الذين تمت إدانتهم ومحاكمتهم بصورة مخالفة لكافة الأعراف والقوانين أمام محكمة الميدان العسكرية، والكثير منهم محكوم بالسجن لمدة 15 عاما، وبحسب الشاهد معاذ فإن عدد الأحداث الموجودين داخل سجن صيدنايا يبلغ حوالي 2500 معتقل! يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي وجرى استغلال العديد منهم جنسيا من قبل السجانين.
وورد في شهادة المعتقل معاذ للرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان بأنه كان شاهدا على إعدام الحدث عدنان جيزاوي في شهر نيسان/ إبريل 2012 حيث يقول: "... أقسى ماحدث لي هو ماجرى أمامي للطفل عدنان جيزاوي البالغ من العمر 16 عاما من بساتين جوبر منطقة باباعمرو في حمص، وكانوا قد أحضروه من أحد فروع المخابرات التي قضى فيها أشهرا طويلة وكانت تهمته البصق على تمثال الرئيس السابق حافظ الأسد، وقد قام الحراس بإيعاز من الملازم أول فادي سليمان برميه على الأرض وهو مقيد اليدين، ثم بدأوا بطعنه وجرحه بالسكاكين والدعس عليه وشتمه وضربه إلى أن فارق الحياة، وكان يصرخ ويستغيث.. لكني لم أتمكن من فعل شيء لذلك الصبي".
الرعاية الصحية:
المنظومة الصحية داخل السجن منهارة تماما وتتعمد إدراة السجن التجاهل الكامل للمرضى وتترك الحالات الحرجة لتموت ببطء دون الاكتراث لمعاناة المعتقلين المرضى الذين يعانون من مضاعفات ناتجة عن التعذيب الشديد أثناء فترة التحقيق في أجهزة المخابرات أو خلال وجودهم في السجن الأحمر، يقول المعتقل معاذ: "شهدت وفاة 28 معتقلا من مهجعنا خلال فترة توقيفي، جميعهم كان بالإمكان إنقاذ حياتهم ومن كان يطرق باب المهجع بداعي المرض كانت عقوبته 50 كبلا.. لذلك امتنع الجميع عن طلب المساعدة الطبية وسلموا أمرهم لربهم.. وفي إحدى المرات وأمام إصرار أحد المعتقلين على طلب الطبيب قام أحد الممرضين بإعطائه حقنة في رقبته وطلب منا عدم إزعاجه لأنه نائم.. وفي الصباح كان جثة هامدة ووجهه أقرب إلى الزرقة.. تبين لنا أن الممرض قام بإعطائه إبرة هواء في وريد رقبته قتلته بعد دقيقتين.. وكانت هذه رسالة لنا جميعا...".
وتنتشر بين المعتقلين الكثير من الأمراض المعدية الخطيرة كالسل والحمى التيفية، إضافة إلى الأمراض الجلدية والالتهابات الناتجة عن التعذيب كتقرح الجروح والغرغرينا.
بالنسبة للطعام فهو عبارة عن وجبة واحدة يوميا وتتألف من نصف رغيف يابس (تعلوه طبقة من العفن في أغلب الأحيان) عليه بعض المربى وفي حالات كثيرة كانت تقدم للسجناء وجبة واحدة كل يومين، وغالبا ما تعمد إدارة السجن إلى قطع المياه عن المهاجع لمدة 10 أيام متواصلة كأسلوب عقابي إضافي يزيد من معاناة المعتقلين اليومية.
الزيارة:
معظم السجناء العسكريين في السجن الأبيض محرومون من الزيارة وغالبا ماتنكر السلطات السورية وجودهم قيد الاعتقال، أما بقية السجناء في السجن الأحمر فالزيارة بالنسبة إليهم رحلة إضافية من العذاب حيث يتعرض جميع المعتقلين بعد انتهاء زيارتهم إلى جلسة إضافية من التعذيب بالإضافة إلى كيل الشتائم والصفعات والركلات خلال إحضار السجين إلى مكان الزيارة، الذي يتألف من شبكين معدنيين يفصل بينهما ممر بعرض متر واحد يتواجد فيه الحرس ويمنع السجين من التحدث عن أي تفاصيل حول حياته داخل السجن والاكتفاء بالإيحاء لذويه أنه بخير وكل شيئ على مايرام وإلا كانت عقوبته قاسية، ورغم المشقة الكبيرة والمعاناة التي يتكبدها الأهل لزيارة ولدهم، فإن إدارة السجن حددت مدة الزيارة بثلاثة دقائق فقط!!.
وغالبا ما يتم إذلال الأهالي عبر إجبارهم على المشي من البوابة الرئيسية للسجن لمسافة 3 كيلومترات يتخللها شتائم من الحرس الذين يقرعون الأهالي ويقولون لهم: "..لو أنكم أحسنتم تربية أبنائكم لما كنتم هنا!!".
عمليات الإعدام:
منذ بداية عام 2012 ونتيجة لصدور أحكام كثيرة بالاعدام بحق الناشطين من قبل المحاكم العسكرية الاستثنائية، عمدت إدارة السجن لتنفيذ أحكام الإعدام بحق المعتقلين في منتصف ليل يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وكانت تتخلص من الجثث عبر نقلها في ساعات الفجر الأولى إلى مكان مجهول، ولايتم إبلاغ ذوي الضحايا بمصير أبنائهم أو تسليمهم جثثهم.
وكانت الرابطة أشارت في بيان لها في شهر نيسان/ إبريل 2013 إلى تصفية أكثر من 480 معتقلا داخل السجن في الفترة الواقعة مابين 6/4 و13/4 /2013، وأشارت بأن سلطات السجن قامت بعمليات حرق لعدد كبير من الجثث، واستطاع السكان المحليون القريبون من السجن مشاهدة الدخان الناتج عن عملية الحرق إضافة إلى رائحة حرق الجثث المميزة.
وبحسب إفادة أحد الضباط المنشقين فإن 40 معتقلا كان يتم إعدامهم أسبوعيا على دفعتين يومي الاثنين والخميس، وكانت عمليات الاعدام تتم شنقا حتى الموت بإشراف مدير السجن والنائب العام العسكري ومفتي دمشق في كثير من الأحيان.
مؤخرا وبحسب الشهادة المروعة التي أدلى بها المعتقل معاذ للرابطة فإن عمليات الإعدام تتم كل يوم بحق 40 سجينا عند منتصف الليل بحضور مدير السجن وعدد من الضباط والنائب العام العسكري محمد كنجو ورئيس المحكمة الميدانية محمد خرفان، وتجبر إدارة السجن الكثير من المحكومين على حضور عمليات الإعدام في الساحة، وهو الأمر الذي سبب انهيارا نفسيا للكثير منهم.. يقول الشاهد معاذ الذي حضر الكثير من عمليات الإعدام والطريقة الوحشية الجديدة التي تتبعها إدارة السجن في تنفيذ هذا الأحكام الجائرة هذه كونها تصدر عن محكمة الميدان العسكرية: "...يتم إحضار السجناء مقيدي الأيدي ووضعهم على الأرض على ظهورهم ويتم تقييد أرجلهم بسيارة عسكرية متوقفة، ويتم وضع حبل المشنقة في رقبة السجين ويربط بسيارة عسكرية أخرى، وتتم عملية الإعدام بإيعاز من مدير السجن فتتحرك السيارة الثانية بقوة وغالبا يتم فصل الرأس عن الجسد في هذه العمليات وسط سيطرة أجواء من الرعب والهلع على بقية المعتقلين".
ويتم دفن الجثث عند الفجر في مقبرة جماعية موجودة لهذا الغرض داخل السجن تقع بالقرب من مهجع النساء في السجن الأحمر ومؤخرا تقوم سلطات السجن بنقل الجثث عبر سيارات مغلقة عند ساعات الصباح الأولى إلى جهة مجهولة.
الشاهد معاذ الذي طلب من الرابطة إيصال نداءات الاستغاثة باسم زملاءه الذين يقبعون حاليا في السجن الأحمر بانتظار لحظة الموت، يعتبر نفسه من المحظوظين القلائل الذين كتب لهم عمرا جديدا بحسب رأيه.. لأن من يدخل صيدنايا لايمكن أن يخرج منه إلا جثة هامدة أو في أحسن الحالات مخلوقا مشوها أبعد ما يكون عن الإنسان نتيجة الظروف الكارثية التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا عبر العصور.
سجن صيدنايا .. من تصميم "زمان الوصل" محاكاة للواقع
سجن صيدنايا .. من تصميم "زمان الوصل" محاكاة للواقع
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية