شهد ريف اللاذقية الأيام الثلاثة الماضية أحداثا متسارعة، تمثلت بداية بمحاولة اغتيال أحد قادة الجيش الحر في جبل التركمان، راح ضحيتها أحد المواطنين.
أعقب ذلك هجوم لإحدى الفصائل العسكرية في الجبل، على مقرات تابعة لفصيل آخر، وجرت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، استمرت يومين، سقط فيها عدد من الثوار بين قتيل وجريح.
ولم تتوقف الاشتباكات إلا بعد تدخل شخصيات عسكرية ومدنية رفيعة المستوى، عملت على التهدئة ومحاولة إصلاح ذات البين، إلا أنها فشلت في إيجاد حل للمشكلات بين الفريقين المتقاتلين، يطفئ الجمر المتوقد تحت الرماد، ليبقى التوتر سيد الموقف، رغم وقف إطلاق النار.
"ما كنا نريد توجيه بنادقنا إلى صدور إخوتنا في النضال، إلا أنهم بادروا إلى محاولة اغتيال أحد قادتنا، وهاجموا مقراتنا، لن نسمح لهم بتجاوز حدودهم مرة أخرى، لقد طفح الكيل" هكذا تحدث "أبو مجد" القيادي في إحدى المجموعات المتقاتلة.
النظام استغل فترة صراع أعدائه الأشقاء، وانشغالهم عن مواجهته، فبادرهم بالهجوم على أكثر من محور، ففي جبل التركمان حاول التقدم من محور "بيت عوان".
كما حاول التقدم من محور قرية "بلاطة" في جبل الأكراد مرتين، خلال يومين متتالين، ولكن الثوار المرابطين على مختلف الجبهات والمحاور، تمكنوا من رده خائبا، غير آبهين بانشغال بعض الكتائب باقتتال بين الإخوة.
"أبو راشد"مقاتل في إحدى المجموعات المرابطة على جبهة جبل الأكراد، قال مستنكرا الصراع بين الكتائب: قاومنا سلميا في الرمل الجنوبي، وقصدنا الجبل لتحريره وصولا إلى اللاذقية، وليس للاقتتال فيما بيننا، عدونا واحد، وهو سفاح مجرم، يستغل هفواتنا، ويضربنا منتهزا انشغالنا عنه.
وكثفت قوات النظام قصفها للريف بأكمله، حيث وجهت إلى جبل التركمان أكثر من مئتي قذيفة يوم أمس، واستهدفت صواريخها موقع اشتباك الفصائل فيما بينها، مستغلة وجود أعداد كبيرة منهم في مساحة جغرافية صغيرة، بهدف قتل أكبر عدد ممكن.
واتهم "أبو أحمد"، لقيادي في الجيش الحر، على صفحته في "فيس بوك" جماعة بعينها بإثارة الفتن، وإشعال نار الصراعات بين الكتائب المسلحة، خدمة للنظام، "نظرا لعمالتها، وارتباطها بأجندات خارجية، تدعمها الدول المساندة للنظام".
كما حدثت في ريف اللاذقية مؤخرا جملة اغتيالات، طالت عددا من القيادات البارزة في الجيش الحر، وشخصيات مدنية فاعلة في المجتمع المحلي، إضافة إلى اعتقال عدد من الناشطين الإعلاميين.
ويفيد السكان هنا بمعرفتهم بالقاتل، لكنهم لايجرؤون على التصريح باسمه "خوفا على حياتنا من بطشه" كما يقولون، وتراهم يتهامسون فيما بينهم، عند الحديث عن هذا الصراع الداخلي، ويجهرون بأنه "لايخدم سوى النظام".
ولم تقتصر الأحداث على ذلك، حيث شهدت المنطقة حالات سرقة، أثارت دهشة واستغراب السكان، لأسلحة كتائب بأكملها، كما سرق عتاد لواء تابع للجيش الحر، وسط تشكيك الثوار بمصداقية هذه الروايات، ويتحدثون عن عمليات بيع موصوفة للسلاح.
تأتي تلك الأحداث لتبدو كما لو أنها تكرار لسيناريو ما حدث في ريف حلب، حين انشغلت الكتائب بقتال بعضها، ما مكّن النظام من استعادة "السفيرة" وقبلها "خناصر".
زمان الوصل - الهيئة العامة للثورة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية