من خلال ما نشاهده ونلمسه ونحلله من رسائل إعلامية ثورية تأتينا من الداخل، أو حتى من تلك التي تصاغ في الخارج بأقلام زملاء صحفيين سواء كانوا احترافيين أو هواة – على الرغم من قلة عدد الصحفيين الاحترافيين في الثورة – فإننا نلاحظ أن تلك الرسائل ما برحت أن تماثل رسائل إعلام النظام من ناحية عدم الدقة والمبالغة في مضمونها.
حتى أن بعض الإعلاميين الذين يعتبرون أنفسهم محترفين ولا يكتبون شيئا عن الثورة نراهم يتشدقون أمام جهات قد تكون أجنبية أحياناً ويبالغون بوصف تجاوزات القيّمين على الثورة في الداخل، ليؤكدوا من خلال تشدقهم ما هو مترسخ في ذهن المتلقي الأجنبي عن إرهاب ونفور من الثورة في سوريا سواء كانت الرسالة شفهية أو مكتوبة أو مجرد صورة.
وقد حدث مثل ذلك كثيراً، كأن يصور أحدهم ما يجري في مكان ما من أماكن الثوار على أنَّ تصرفاتهم هناك هي إرهاب بامتياز، وذلك أمام مندوب أو مراسل وسيلة إعلامية أجنبية، يعتقد في مخيلته أو يدعي أن ما يجري في سوريا هو حرب أهلية ويتخللها الإرهاب نتيجة لوجود القاعدة هناك.
من ذلك نستنتج أن الإعلام الثوري الوليد وما تبعه وجاراه من إعلام مساند غايته السبق الصحفي وكذلك الإعلام المفبرك الذي اعتاده النظام والمتسلقون المندسون بين الإعلاميين الثوريين على أنهم محترفون ويعملون لصالح الثورة وهم في الحقيقة يشوهون سمعتها ويبتعدون كثيراً في خطابهم الإعلامي عن أهداف الثورة.
لذلك بات من الحتمية بمكان ومن الضروري إيجاد البدائل المناسبة لتصحيح مسارات الإعلام الثوري ليكون مواكباً لمراحل الثورة التي تمر بها وتعكس واقعها الفعلي الذي يمكن من خلاله شرح أهداف الثورة ومتطلبات الجيش الحر وفضح أساليب النظام وجرائمه التي يرتكبها دون أن تلقى الصدى العالمي المطلوب في أوساط الشعوب كرأي عام خارجي يكون ايجاباً اتجاه الثورة وسلبياً اتجاه النظام.
ومن تلك البدائل المتوخاة هناك ما يمكننا تسميته بالإعلام البديل الذي يهدف إلى تصحيح أساليب عمل الإعلاميين الثوريين الذين صنعوا من أنفسهم صحفيين سابقوا في أيامهم الأولى كبرى المؤسسات الإعلامية من خلال عفويتهم وصدقهم بنقل الحقيقة دونما فبركة وتهويل أو تصغير رغم بدائية الوسائل التي استخدموها.
وهذا التصحيح يكون من خلال تدريب هؤلاء الصحفيين أو الإعلاميين على الأساليب الصحيحة لتناولهم الحالة الإعلامية الثورية وبيان الإيجابي منها والسلبي وأبعاد كل منها والعمل على تبني أسلوب الصياغة الواقعية والتصوير الهادف الذي يعبر عن رسالة لها أهداف غالباً ما تكون ذات بعد إيجابي منعكس على الثورة وبعد سلبي ينعكس على النظام ومرتزقته وأعداء الثورة سواء أكان ذلك محلياً أو خارجياً، عربياً أو عالمياً ... مما يساهم ذلك في تكوين رأي عام مساند يساهم في الضغط على الحكومات العالمية لمساندة الثورة في تحقيق أهدافها بدلاً من الحالة التي لمسناها من برلمانات العالم في موقفهم المساند للنظام من خلال عدم موافقتهم على تفويض حكوماتهم بتوجيه ضربة عقابية لنظام الأسد على ارتكابه مجزرة الغوطة بتاريخ 21 / 8 / 2013.
بالنتيجة لا بد لنا من العمل سوية على توفير مراحل تدريبية قصيرة الأجل لدفعات متتالية من الإعلاميين الثوريين وحتى الاحترافيين منهم لممارسة الإعلام البديل،اليوم قبل غد، لنتمكن من المساهمة في تصحيح مسار الثورة.
عشتم وعاشت الثورة السورية المظفَّرة.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية