غادر الشاب محمد الزعانين قطاع غزة لأداء العمرة في السعودية إلا أن أسرته فجعت بنبأ مقتله بعد ثلاثة شهور إثر "عملية استشهادية" نفذها ضد قوات الأسد في سوريا.
وأقامت العائلة الشهر الماضي بيت عزاء لابنها محمد (23 عاما) في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة بعد أن اعلن التيار السلفي الجهادي في بيت المقدس أنه "يحتسب الاستشهادي محمد الزعانين (ابو انس المقدسي) شهيد الدولة الإسلامية في العراق والشام والذي ارتقى شهيدا بإذن الله في عملية استشهادية على أرض الشام المباركة".
والزعانين واحد من "عشرات المجاهدين الذين نفروا من قطاع غزة طلبا للجهاد في سبيل الله في بلاد الشام" بحسب ما يقول مصدر سلفي فضل عدم الكشف عن هويته.
وتقول أم محمد الزعانين "سافر في 13 حزيران/يونيو الماضي دون أن يخبرنا، لكنه اتصل في اليوم التالي وأخبرنا أنه في السعودية لأداء العمرة وسيعود بعد عشرين يوما".
وتتابع "اتصل بنا من السعودية ثم انقطع الاتصال به فترة طويلة، ثم اتصل في الثاني من أيلول/سبتمبر وبعد إصرار أخبرني أنه في سوريا للجهاد في سبيل الله".
وتضيف "تحدث معنا جميعا في ال 16 من الشهر نفسه، وفي اليوم التالي اتصل بي صديقه يخبرني أنه استشهد في عملية استشهادية".
ويظهر الزعانين بلحيته الكثيفة ولباسه السلفي وراية الجهاديين السوداء خلفه في تسجيل فيديو يتلو فيه وصيته نشر على مركز ابن تيمية للسلفيين وعلى موقع يوتيوب.
وقال في الفيديو "أسألك ربي أعلى رتب الشهادة، إنما هو جهاد لإعادة خلافة المسلمين على الأرض وتحكيم شرع الله عز وجل".
ويقدر أبو عبد الله المقدسي القيادي البارز في المجموعات السلفية في قطاع غزة عدد المقاتلين الذين خرجوا من غزة إلى سوريا ب"نحو 27 مجاهدا منهم من عاد ومنهم من استشهد ومنهم من أصيب ولا زال هناك يتلقى العلاج أو غادر من سوريا إلى بلاد أخرى".
وحول سبب خروجهم للقتال في سوريا يقول "حالة الخلط القائمة في غزة ما بين هدنة وركود للعمل المقاوم وخاصة ملاحقة كل من يحاول القيام بعمل جهادي واتهامه بالخيانة ومحاولة إفشال التهدئة لصالح أهداف مشبوهة كما يدعون، أحدثت لدى إخواننا حالة من السخط والغضب الكبير دفع بهم إلى البحث عن خيارات أخرى من بينها الذهاب للقتال في سوريا".
ويشير إلى أن "من بين هؤلاء محمد الزعانين الذي كان ملاحقا باستمرار من قبل أمن حكومة حماس بسبب إطلاقه المتكرر للصواريخ تجاه الكيان الصهيوني".
وتؤكد والدة الزعانين أن ابنها محمد "اعتقل أكثر من ثلاث مرات من قبل حكومة حماس ،كما كانوا يستدعونه شهريا للتحقيق".
بدوره يرد إيهاب الغصين المتحدث باسم حكومة حماس في غزة بأن "المقاومة لم تتوقف في غزة، المقاومة لا تعني المواجهة المستمرة مع الاحتلال وما يتم الآن من إعداد وتحضير لأي مواجهة مقبلة للدفاع عن شعبنا هو جزء من المقاومة".
ويضيف القيادي السلفي أن "سفر المجاهدين لسوريا جاء بشكل فردي، بناء على طلبهم وبمالهم الشخصي ولم يكن هناك أي أوامر عليا لإرسال المقاتلين".
وأكد اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس التي تسيطر على غزة السبت عدم تدخل حركته بالأحداث الجارية في سوريا.
ولطالما اعتبر الأسد حليفا لحماس التي استضاف مقارها في بلاده، إلا أنها غادرتها بعد قيام الثورة السورية قبل أن تعلن تأييدها لها لاحقا.
محمد قنيطة (32 عاما) مقاتل آخر غادر غزة في أيلول/سبتمبر من العام الماضي وقتل في مدينة حلب السورية في 28 كانون الأول/ديسمبر 2012 حسب شقيقه بكر.
ورغم أن شقيقه يقول "كان لأخي بصمة جهادية قوية في غزة، فهو من أبرز قادة كتائب القسام في الشاطئ التي انتسب إليها في العام 2004"، إلا أنه يؤكد أن ذهابه لسوريا "ليس له أي انتماء تنظيمي فقد خرج بشكل فردي".
ويضيف " كان يدرب على الحدود السورية التركية في أنطاكيا وقد خرج الكثير من الدورات حسب ما أخبرنا اصدقاؤه".
وتنتشر على موقع يوتيوب فيديوهات مسجلة يظهر فيها قنيطة وهو يدرب مجموعة من الشبان على استخدام السلاح واقتحام المباني.
وتلقت العائلة نبأ مقتل ابنها من خلال أصدقائه في سوريا بحسب شقيقه الذي يقول أيضا" تأكدنا تماما بعد رؤية صوره وفيديو جنازته".
ويظهر وجه "الشهيد" قنيطة بوضوح بلحية كثيفة في جنازته التي شيعها عشرات من أصدقائه في سوريا وقد وضعوا على جثمانه شعار حركة المقاومة الإسلامية حماس كما يظهر في الفيديو الموجود على يوتيوب.
وفي غزة نعت حركة حماس وكتائب القسام قنيطة حينها كما تكفلت بإقامة بيت العزاء له في منزله غرب مدينة غزة بحسب نفس المصدر.
لكن في فيديو أعده مركز ابن تيمية عن سيرته يأتي فيه أن قنيطة "ترك القسام، وتاثر بالمنهج السلفي الجهادي ثم أثبت صدق انتمائه في العمل"، مشيرا إلى أنه"اعتقل من قبل جهاز الأمن الداخلي البغيض" التابع لحماس.
كما ينتشر على يوتيوب فيديو مسجل لقنيطة يتلو فيه وصيته لأهله وأصدقائه يقول فيه أنه خرج "لنصرة إخواننا ضد الطاغية بشار الأسد وأعوانه الشيعة".
أما الشاب فهد الهباش (28 عاما) المتزوج والأب لطفلتين لم ير أصغرهما والذي كان يعمل في جهاز حفظ النظام والتدخل في شرطة حماس، فقد قتل هو الآخر في سوريا في 19 تموز/يوليو الماضي.
ويقول والده نزار "أخبرنا أنه يريد السفر إلى السويد للهجرة ولهذا سافر إلى تركيا في الخامس من أيار/مايو الماضي".
وتقول والدته "لقد كان استشهاده أكبر صدمة تلقيتها في حياتي فلم يكن ينتمي لأي فصيل".
لكن ابنهما الملقب ب "أبو مصعب المقدسي" يقول في وصيته وهو يحمل سلاحه في فيديو أعده المكتب الإعلامي لمجلس شورى المجاهدين في بيت المقدس "رسالتي إلى الأهل إذا سمعتم خبر مقتلي أو رحيلي من هذه الدنيا الفانية فافرحوا واستبشروا واعلموا أني نلت ما أتمناه".
أ ف ب
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية