عمد المهربون إلى خدعة قذرة، حين أوهموا الركاب السوريين أن القارب سيحمل عددا أقل من المعتاد لتأمين سلامتهم، ولأجل هذا طلبوا منهم مبلغ 3 آلاف دولار.
بعد مرور قرابة 3 أسابيع على إنقاذهم، ما يزال بعض الأطفال في "صقلية" بإيطاليا، بينما آباؤهم في "فاليتا" عاصمة مالطا.. إنه فصل وحشي
ربما لن يطالب أحد بباقي المفقودين حيث بقيت عائلات كاملة في قاع البحر، لاسيما أن بعض المناطق في سوريا أصبحت الاتصالات فيها مستحيلة.
السفن الحربية الإيطالية وصلت إلى مسرح الحادث بعد ما يقرب من ساعتين على إطلاق أول إشارة استغاثة من القارب المنكوب
من أصل 268 قضوا غرقا في هذا الحادث تم إيجاد وانتشال فقط 26 جثة من المياه، خلال عمليات الإنقاذ التي قامت بها البحرية المالطية والإيطالية
بالتزامن مع كارثة القارب، عقد زعماء الاتحاد الأوروبي اجتماعهم، وقرروا أن قضية اللاجئين لاتعد قضية ضرورية للنظر فيها الآن!
ليس لدينا هنا سوى بعض الأسماء والصور من أصل 242 جسد تُرك في مياه البحر المتوسط. "لقد تركوهم طعاماً للأسماك".
على عكس معظم وسائل الإعلام التي اختارت المرور عليهم كـ"أرقام"، قامت صحيفة "إل سبريسو" الإيطالية بنشر تقرير مطول وموثق بالصور والمعلومات حول ضحايا غرق قارب هجرة غير شرعي في 11 أكتوبر الماضي، والذي أودى بحياة مئات اللاجئين السوريين منهم قرابة 60 طفلا، فضلا عن هلاك عائلات بأكملها غرقا.
التقريرالمؤثر، وثق بصور للضحايا ولاسيما الأطفال، مظهرا قدر الخسارة التي تتعرض لها سوريا مع "النزيف" البشري المستمر، وكاشفا حقيقة "المواقف" الأوروبية من القضية السورية، حيث لم يحظ حادث الغرق المريع باهتمام رؤوساء حكومات الاتحاد، بل إنهم رؤوا تأجيل البحث في قضية الهجرة السورية حتى 2014!
الاتفاقية التي ضاعفت الزمن!
وقال التقرير الذي كتبه فابريزو جاتي: هذه هي ابتسامات ونظرات وحياة عشرات الأطفال السوريين وآبائهم وأمهاتهم الذين اختار رؤساء الدول والحكومات الأوروبية أن لا يتعاملوا معهم. هذه هي وجوه وأسماء اللاجئين اللذين اختفوا في مياه البحر المتوسط بعد غرق القارب الذي كان يقلّهم يوم الجمعة 11 أوكتوبر/تشرين الأول 2013، على بعد 60 ميل من الشواطئ الجنوبية لجزيرة لامبيدوسا وعلى امتداد مضيق صقلية الذي تبلغ فيه عمق المياه من 80 إلى 100 قدم.
ليس لدينا هنا سوى بعض الأسماء والصور من أصل 242 جسد تُرك في مياه البحر المتوسط. "لقد تركوهم طعاماً للأسماك" صرخ بعض الأهالي، احتجاجاً على ماحصل. إنه أمر مخيف ولكن هذا ماحصل. الصور التي سأدرجها هنا هي صور لبعض مفقودي قارب 11 أكتوبر، مأخوذة أثناء حياتهم اليومية قبل سفرهم. إنهم ليسوا كل الضحايا المفقودين وإنما بعضهم، حيث تمكن أهاليهم من التصريح عن اختفائهم: تم التصريح عن أكثر من 70 شخصا (نساء وأطفال وشبان ورجال) اختفوا في البحر المتوسط. أقاربهم في السويد والنرويج ودبي ومصر يكافحون من أجل إيجاد أجسادهم وحثّ السلطات على فتح تحقيق.
من أصل 268 شخصا قضوا غرقا في هذا الحادث، تم إيجاد وانتشال فقط 26 جثة من المياه خلال عمليات الإنقاذ التي قامت بها البحرية المالطية والإيطالية. حيث تمكنوا من إنقاذ 212 شخص وإيصالهم إلى البرّ.
ربما لن يطالب أحد بباقي المفقودين حيث بقيت عائلات كاملة في قاع البحر، لاسيما أن بعض المناطق في سوريا أصبحت الاتصالات فيها مستحيلة.
بعد مرور قرابة 3 أسابيع على إنقاذهم، ما يزال بعض الأطفال في "صقلية" بإيطاليا، بينما آباؤهم في "فاليتا" عاصمة مالطا، إنه فصل وحشي، رغم أن مالطا وإيطاليا في نفس القارة وكلاهما عضو في الاتحاد الأوروبي.
ستجدون أيضاً صورة وقائمة بأسماء رؤساء الدول والحكومات الذين، وخلال اجتماعهم الأخير في مجلس الاتحاد الأوروبي المنعقد في أكتوبر 2013، قرروا أن قضية اللاجئين لاتُعتبر قضية ضرورية للنظر فيها الآن. وقرروا بالتالي تأجيل مناقشتها إلى جلسة يونيو/حزيران 2014. وذلك بعد انتخابات البرلمان الأوروبي.
وليس هذا هو الإهمال الوحيد للسلطات الأوروبية، فهناك إهمال أبشع منه بدأ منذ اللحظة الأولى لمحاولات إنقاذ القارب، حيث تم إيفاد طلائع الإنقاذ الأولى من مالطا وهي تبعد 230 كيلومترا عن موقع غرق القارب، وليس من "لامبيدوسا" التي تبعد 110 كيلومترات!، أي إنه بدل اختصار الزمن، فقد تمت مضاعفة الوقت اللازم للوصول إلى الموقع. والسبب في ذلك هو أن الاتفاقات الدولية، توجب إيفاد طواقم الإنقاذ من "مالطا" لأن البقعة التي غرق فيها القارب تقع ضمن ضمن اختصاص الطواقم المالطية وليس الإيطالية.
بل إن السفن الحربية الإيطالية وصلت إلى مسرح الحادث بعد ما يقرب من ساعتين على إطلاق أول إشارة استغاثة من القارب المنكوب".
مبلغ مضاعف، وحمولة مخفية
وفقا لشهادات ناجين من الحادث، فإن قارب الصيد القديم المحمل بـ 480 لاجئا على الأقل غرق في قاع البحر بسبب نيران المدافع الرشاشة التي اطلقت من زورق دورية قرب طرابلس الليبية، ولكن ناجين آخرين، قالوا إن النيران أطلقت من قارب يقل ميليشيات ليبية، ربما في محاولة لسرقة الركاب، لاسيما أنه كان يحملل عددا من ذوي الدخول الجيدة، من أطباء ومهندسين سوريين برفقة أسرهم.
وقد عمد المهربون إلى خدعة قذرة، حين أوهموا الركاب السوريين أن القارب سيحمل عددا أقل من المعتاد لتأمين سلامته، وطلبوا منهم مبلغ 3 آلاف دولار عن كل شخص، مقابل 1600 دولار يتم طلبها عادة لتأمين تهريب اللاجئين من ليبيا إلى إيطاليا.
ولكن الحقيقة كان مخبأة في عنبر متوضع في قعر القارب، ملأه المهربون بقرابة 100 مهاجر غير شرعي قدموا من جنوب الصحراء في أفريقيا، وهؤلاء قضوا مباشرة عند غرق القارب لأنهم كانوا محبوسين في العنبر، ولا يسمح لهم بالصعود إلى السطح حتى لايراهم اللاجئون السوريون، ويطلعوا على حجم الخديعة!
وقال شهود عيان إن طاقم الزورق كان مؤلفا من 3 رجال تونسين وواحد ليبي، أما مسؤول القارب فهو سوري من حلب، وهو الشخص الذي كان على اتصال مع اللاجئين السوريين، وكان وجوده على متن القارب يشكل عامل اطمئنان.
وبعدما تزايد مستوى المياه المتدفقة من البحر إلى داخل القارب، ما نجم عنه توقف عمل المحرك، نزل واحد من الرجال التونسيين للتحقق من المحركات، وبعدها نشب شجار على سطح القارب بين المسؤول الحلبي والمهربين، وحصل تبادل لإطلاق النار بين الطرفين.
وهنا بدأ اللاجئون المتكدسون في القارب يصرخون، حيث كان من الواضح للجميع أن القارب بات على شفا الغرق في أعماق البحر.
أسماء بعض الضحايا
تغريد محرز وابنتها شام:
تغريد تبلغ من العمر 31 عاماً. كانت تعيش في ليبيا خلال الأشهر الأخيرة مع زوجها محمد الشامي وابنتيها شام ولامار. حيث اضطروا لترك سوريا في بداية الحرب. لقد وجدت تغريد عملاً في طرابلس في صالون للتجميل. وعمل زوجها في أحد المخابز هناك. وبسبب الأوضاع الغير مستقرة هناك وسماع دوي تبادل إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة، قررت تغريد وزوجها الهجرة مع ابنتيهما للانضمام إلى عائلتهم في النروج. حيث لديها أخوها وعائلته هناك منذ مايقارب 20 عاماً. لقد اتخذوا قرارهم بشكل فجائي حيث تناقل السوريون في طرابلس في ليبيا خبر وجود قارب يستطيع أن يبحر بهم بسلام إلى الشواطئ الإيطالية انطلاقاً من مدينة زوارة الليبية. أخوها في النروج لم يكن يعلم أي شيء حول ذلك.
بعد حادث الغرق تم إنقاذ الأب وابنته لامار فقط من قبل البحرية المالطية وأخذوهم إلى مالطا. بقي محمد الشامي زوج تغريد عدة أيام ينظر إلى قوائم الناجين وصورهم وصور الجثث المتواجدة في مالطا ولكن لاأثر لباقي عائلته: تغريد وشام. بعض الناجين هناك أخبروه بأنهم رؤوا زوجته وابنته شام أحياء في مياه البحر. وأحدهم روى له بأنه أنقذ شام بنفسه وسلمها للمنقذين في قارب مطاطي. ولكنه اكتشف أنه لاوجود لـ"شام" وأمها. لقد كانت تغريد حاملا في شهرها الرابع وتحلم بوضع مولودها في أوروبا.
صلاح الدين سباعي وعائلته:
صلاح الدين سباعي (45 سنة) مع زوجته منال عيون، وأولاد الأربعة: بلال (14 سنة) ويمان (12 سنة) وهمام، (10 سنوات) ورغد (4 سنوات) كانوا على متن قارب الصيد الذي غرق فقط على بعد 60 ميل من جنوب شاطئ لامبيدوسا. أحد أقاربهم وهو طبيب يبحث عنهم، ولكن لايوجد أي أثر لتلك العائلة.
محمد جعفر إيزولي:
محمد جعفر إيزولي (19 عاماً)، غادر سوريا عندما كان قاصراً تحت 18 سنة. جزء من عائلته يعيش في الإمارات العربية المتحدة. لقد هاجر محمد على متن القارب الذي غرق يوم 11 أكتوبر بعد يأسه خلال العامين الماضيين من الحصول على تأشيرة نظامية لمغادرة ليبيا. وفقاً لما صرّحت به أخته علا، المقيمة في دبي: "لقد حاولنا جلبه إلى الإمارات ولكن تأشيرته السياحية انتهت صلاحيتها. ولم يعد بإمكان السوريين هنا الحصول على تصاريح إقامة. لقد كان محمد في سوريا ولكن اتصل به صديقه من ليبيا وأقنعه بالذهاب إليها. لقد أرسلناه في البداية إلى مصر حيث لم يستطع الحصول على إذن لدخول ليبيا. وعندما بلغ أخي الثامنة عشرة من العمر استطاع دخول الأراضي الليبية. عمل هناك بدون عقد عمل وكان في بعض الأحيان لايحصل على أجره من قِبل أرباب العمل هناك. وبعضهم ذهب إلى أبعد من ذلك وحاول اغتصابه. لقد تمكن محمد من الفرار ولم يكن يشعر بالأمان هناك. ولم يستطع العودة إلى سوريا لأن جوازه تم ختمه من قبل الثوار الليبيين، مما سيسبب له المتاعب حال عودته إلى سوريا. وكان حتى من المستحيل الحصول على تأشيرة دخول إلى إحدى البلدان العربية أو الأجنبية. حيث لايكفل أحد الآن تأشيرة سفر لشاب سوري. لذلك اعتقد أن الطريق الوحيد الذي يساعده للوصول إلى برّ الأمان هو الهروب بقارب عبر البحر"
ريم شحادة وأولادها الثلاثة:
لقد اختفت ريم شحادة وأبناؤها الثلاثة في البحر، بينما استطاع زوجها أن ينجو وهو حالياً في مالطا.
عبد المجيد شيخ محمد وعائلته (ولديه محمد ولارا، وزوجته بشرى خرنوب)
فاتنة خطيب وابنتها جود (5 سنوات)
الطفل ميار لبابيدي (6 شهور)
الطفلة ميار شعبي (6 شهور)
الدكتور منور رحيل (35 عاما)، وطفلته بيسان (10 شهور)
ثروت الطحان زعيم (19 عاما) وطفلها عدي موسى (6 شهور)
شحادة منصور وعائلته:
شحادة منصور (32 عاماً) استقل القارب مع زوجته نهاوند داهود، وطفليهما يمان (6سنوات) ومحمد (5سنوات). حتى الآن لايوجد أي أثر للعائلة.
رياض خليفة العيسى وعائلته:
رياض خليفة العيسى (31 عاماً) وزوجته ماريا سليمان الدوش كانوا على متن القارب مع أطفالهم الثلاثة: أسامة (4 سنوات) وأيمن (3 سنوات) وطارق (6 أشهر). وكان برفقتهم أيضاً شقيق رياض الذي هو عم الأطفال، حسين المهدي خليفة (22 عاما). لايوجد أي أثر حتى الآن لأفراد هذه العائلة.
الطفلان محمد ورائد خالد الحاج
الشقيقات الطفلات: شيريهان ونورهان ورندة وسلبيل حسن.
الطفل محمد عبد الناصر سليماني
الطفل محمد سامر علي
الطفلة جنين سامر علي
الطفلة ألمى ماهر مصطفى (سنتان)
أسماء برغل وطفلها منصور عماد شيخ محمد
الطفل عبد الحميد شيخ محمد، وهو ابن عم منصور عماد شيخ محمد
هناء أحمد الحسني وأطفالها الأربعة: : حسام السباح (14 سنة)، ديمة السباح (11 سنة)، سليم السباح (9 سنوات)، نور السباح (4 سنوات).
خالد عوض (49 سنة) وعائلته: زوجته وأولاده الثلاثة مروة (14 سنة)، كندة (12 سنة)، عز الدين (9 سنوات).. اختفوا جميعهم بعد غرق القارب ولاأثر لهم.
محمد نور المنيزل (16 سنة)
مريم عطوة (55 سنة)
أمل عبد الناصر سليماني
دعاء عطوة
هديل حلبوني
ميساء عبد الرحيم سليماني
عبد الرحمن سليماني
لينا زكزك
زمان الوصل-إعداد وترجمة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية