أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ثنائية الولادة والموت في ريف دمشق.. غارة جوية تقتل أماً مع طفلتيها في دوما ومولودة تخرق حصار القابون

في الوقت الذي أعلنت فيه صفحات التنسيقيات عن ولادة الحياة في أقبية الموت وعن إشراقة أمل جديد من عيني طفلة سورية تولد في أتون الحصار والمعاناة في أحد أقبية اللجوء في حي القابون المحاصر، تقصف طائرات الأسد تجمعا سكنيا في أحد أحياء مدينة دوما وتسرق الحياة من عيني طفلتين صغيرتين وأمهما ضمن سياسة الإبادة الجماعية التي ينتهجها نظام الأسد تجاه المناطق المحاصرة.

بينما تقاوم فرحة صابرة وسعادة متأصلة على شفاه تلك المولودة الرصاص والقصف وترى النور رغم جوع وحصار عائلتها وغياب العناية والغذاء والإمكانات الطبية اللازمة في ملجأ احتجزهم لأشهر، يقوم الكادر الطبي في المشفى الميداني تحت الأرض والمؤلف من عشرين موظفا بينهم طبيب جراح واحد وعدد من طلبة كلية الطب يومياً بمعالجة عشرات الجرحى وإجراء عمليات جراحية، في ظروف لا تخلو من مخاطر وصعوبات شتى ونقص كبير بالأدوية والكوادر الطبية المختصة.

وفي الوقت عينه تُفتح أبواب النقاط الطبية في مدينة دوما كما كل يوم لاستقبال عدد كبير من الإصابات الخطرة والجرحى النازفين والأشلاء والأعضاء المهشمة من سكان الحي المتعرض للقصف، بينها ثلاث جثث لطفلتين شهيدتين وأمهما، فيما تتحدث الأنباء عن فقدان طفلة ثالثة في مشهد مأساوي يشي بأن المزيد من الموت لازال في جعبة نظام الأسد يقدمه لأهالي تلك المناطق الواقعة في جحيم الحصار الخانق والموت المترصد لأهلها في كل زاوية.

وعلى الجهة المقابلة من الغوطة الشرقية في بلدة المليحة حيث لم تمض أيام فقط عن نصر جزئي حققه الجيش الحر أوجع النظام بالاستيلاء على مجمع "تاميكو" للأدوية وضرب الحاجز وقتل من فيه يجمع الأهالي ما استطاعوا من متاع وبعض أشياء على عجل ليغادروا المنطقة نزوحا إلى مناطق أخرى في الغوطة الشرقية ليس بالضرورة أن تكون أفضل حالا من بلدة المليحة التي تتعرض بشكل مكثف للقصف بالطيران الحربي والمدافع والصواريخ دون توقف، ولكنه مجرد دوران ومراوحة في المكان وإعادة انتشار ضمن المربع المميت نفسه والذي خصه نظام الأسد وداعميه بالموت كون الغوطة مغلقة على جميع أهلها من كل اتجاه ولا نافذة لأي هروب منها نحو خارجها.

يتساءل الأهالي المحاصرون ماذا بعد الموت؟ وماذا بعد القصف والكيماوي والجوع؟ وماذا بعد هذا الصمت الكارثي تجاه مايحصل الآن ومايعانيه أكثر من مليوني ونصف المليون شخص في الريف الدمشقي اليوم؟ 
وتصطدم تساؤلات الأهالي بغياب أي مبادرة من أي نوع لرفع الحصار والموت عن المناطق المحاصرة وغياب ملامح حسم عسكري حالي ضمن الظروف الراهنة لمثل ذلك الحسم المنتظر، فيما لايزال الأطفال يقاومون وحدهم عبر "شيفرة" خاصة تنتجها الفطرة الإنسانية الطبيعية تستند في مضمونها على ثنائية الولادة والموت.

سعاد خبية - زمان الوصل
(122)    هل أعجبتك المقالة (117)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي