محاكمة مرسي وتأسيس "وعد"
يقولون إن تنظيم الإخوان في مصر وغيرها ارتكب الكثير من الأخطاء الجوهرية:
1- (تسييس الدين) وليس تديّن السياسة، بمعنى توظيف شعبية الدين واحترامه عند الناس للحصول على السلطة باسمه، وليس جعل السياسات والسياسيين أكثر التزاما بالقيم الإسلامية.
2- اعتماد مبدأ (الحزب – الدولة) ودولة الحزب، فالحزب السياسي الذي يمثل مصالح جزء من الشعب يحتل مؤسسات الدولة ويسخرها في خدمته وخدمة بقائه في السلطة متحكما بالثروة.
ويقولون إن إخوان مصر ركبوا ثورة ليست ثورتهم، وجاؤوا للسلطة بالديماغوجيا وبدعم خارجي (أمريكي- بريطاني) أساسا هو من اقترح تنظيم الإخوان كضامن لعدم انتشار الإرهاب، وضابط للشعوب الثائرة، وأنهم حاولوا تحزيب الدولة وأخونتها، ولكن الدولة المصرية بمؤسساتها انقلبت عليهم، واعتقلتهم، كل ذلك حدث.. في مسار الصراع على السلطة وعلى شكل نظام الحكم الذي ولّده الربيع العربي، وظهر أنهم وحدهم في المعركة مع الدولة كحزب، وأن ارتباطهم بالإسلاميين وبالشعب هش وضعيف، إن لم يكن مقطوعا.
لكنني ولِكوني أعرف معنى المحاكمات السياسية، وقد حوكمت أمام كل أنواع المحاكم في سوريا (الجنائية المدنية والعسكرية وأمن الدولة العليا)، لا أستطيع أن أقبل هذه المحاكمة الصورية للرئيس المعزول بانقلاب عسكري (محمد مرسي)، لسبب بسيط أنها مخالفة لكل ما يسمى بالشرعية والاختصاص والإجراءات، ولأن القانون يجب أن لا يسيس ليبقى الحصن الضامن للسلم الاجتماعي. لأنني أعتقد أنه بهذه الطريقة يقوم الانقلابيون في مصر بتدمير أسس الدولة المصرية ونزاهة المرجعية القضائية السند الأخير للسلم الأهلي.
لا ننسى علاقة إخوان مصر الطيبة مع الأسد وحزب الله وإيران، ولا استقبال مرسي لنجاد استقبال الفاتحين، ولا تعويله على دور إيران البناء، قبل أن ينقلب موقفه بشكل متطرف قبل إزاحته بشهر، ولا ننسى المعاملة الطيبة للسوريين، والتي تغيرت جذريا بعد رحيله، لكننا نقلق لو صحت المعلومات التي تقول إن إخوان ليبيا وسوريا وغيرهم قد بدأوا بتهريب السلاح لمصر للانتقال للتمرد المسلح هناك، والذي يشجعه ويبرره تسييس القضاء وعودة الاستبداد العسكري بهذه الطريقة الرعناء.
نعم نحن نحترم شعب مصر الشقيق، ونحترم حقوقه السياسية ونظامه الذي يرتئيه، ولحبنا لأشقائنا نخشى عليهم من التورط بما يهدد السلم الأهلي وكيان الدولة، وهذا لن يحصل إلا بتدخل أجنبي خبيث، أو بتجاهل طاغوتي لأصول الحياة السياسية الرشيدة، أو بتسييس القضاء.
أما إخوان سوريا فندعو الله ليسامحهم على فعلتهم بحق الوطن، أقصد طبخ وتمرير الورقة الكوردية بالتوافق مع الأمريكان والشيوعيين، ونأمل منهم أن يساهموا في سحبها، ونأمل ألا يكرروا محاولاتهم للقفز للسلطة من تحت الطاولة بصفقة دولية تشمل الإيراني والروسي، وأخذ موقف واضح جدي برفض جنيف، والتوقف عن تحزيبهم للدعم المادي والعسكري، مما يشجع على تقسيم الثورة وشرذمة العمل المسلح.
وفي الوقت الذي يهيمن فيه التيار السلفي بشكل عفوي وشامل في كل المناحي، تتشرذم جماعة الإخوان وتتصارع وتضمحل في أكثر من مكان، مع أنها قديمة ومنظمة، هل هو يا ترى نحس الأنكلوساكسون قد امتد إليها، وهو الذي حاول جعلها حصان المرحلة. إن تغيير حلتها وشخوصها ووسائلها يتطلب فعلا هياكل جديدة ..
مرحبا بحزبهم الجديد "وعد"، ليكون شريكا في سوريا الحرة. ونأمل أن يدخل الانتخابات القادمة ببرنامج وأشخاص، وليس بالتصويت على القرآن أو ضده. ونأمل من الإخوة السلفيين السماح بإجراء هذه الانتخابات بعد أن يحرروا سوريا.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية