في ظل الإعتداءت الإسرائلية المتكررة على مستودعات أسلحة النظام السوري وشحناته، يفاجئنا النظام مرة تلو أخرى على "قدرته" في ضبط النفس إزاء هذه الممارسات العدوانية على أرض سوريا، وذلك بعد أن أصبحت سماء سوريا -على مايبدو- ملعباً للطائرات الحربية الإسرائيلية! هذا وكان آخر إعتداء منذ أيام الغارة الجوية على شمال غرب سوريا لضرب شحنة أسلحة روسية موجهة لحزب الله، بحسب ما تناقلته وسائل إعلام مختلفة وبحسب ما أكدَه مصدر أمريكي.
لعلنا في الأمس واليوم نبالغ قليلا إذا ما أفرطنا بالاستخفاف أو الاستهزاء بموقف النظام الصامت تجاه هذه السلسلة من الإعتداءات، فربما أول أسباب عدم رد النظام السوري يكون في التحضير "المتأني جداً" لرد قوي ومفجع، يجعل الكيان الإسرائيلي يفغر له الفاه انصعاقاً! ولعل هناك متسع من الوقت للقيام بذلك، فالنظام ربما لا يريد أن يكون كالذي ثأر بعد أربعين عاماً، ثم قال: تعجّلت...فمزيد من التروي هنا "حكمة"، ومعرفة مــتى يكون الرد هو عصارتها! وهنا، وفي هذا السياق، أتذكر مقولة غادة السمان ((لأننا نتقن الصمت حمّلونا وزر النوايا))!
ولعلّ ثاني أسباب عدم رد النظام السوري، هو أن النظام يمارس وإلى الآن فـن الصمت كنوع من إتمام قراءة شاملة ووافية لما يجري من إعتداءات مستمرة، وخاصة أنه يشهد معارك متعددة الجبهات داخلياً مع مقاتلي كتائب الثورة...وربما أفضل قراءاته السائدة الآن هي أن التطيهر يجب أن يكون من الداخل. وبناء على ماتقدم، فإن تبني مقولة لقمان: "الصمت زين والسكوت سلامة" إزاء هذه الإعتداءت يكون الأجدى بالنسبة للنظام الآن!
أما السبب الثالث، والذي ربما لا نفقهه نحن، هو استمرار النظام في الصمت في محاولة منه إرعاب الجانب الإسرائيلي، وذلك من خلال ما يمنحه هذا الصمت المستمر مزيداً من هيبة الأسد له، وربما يكون ذلك تطبيقاً لمقولة الإمام عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه ((بكثرة الصمت تكون الهيبة))!
وإن لم يكن ذلك ولا ذاك، فلعله سبباً رابعاً، وهو إبراز الجانب الإيماني المرتبط "بالممانعة"، وتطبيقا لمقولة ((أفضل العبادة الصمت، وانتظار الفرج)) لعليّ ابن أبي طلب رضي الله عنه وأرضاه. ما بالكم..أصلح الله حالكم؟ لعلّ النظام يسعى لأن يكون من فئة ومرتبة الكاظمين الغيظ عند الله، ويعمد إلى الاستدارة لإعطاء الخد الأيسر للكيان الإسرائيلي كلما صفعه هذا الأخير على خده الأيمن، تنفيذاً لوصية السيد المسيح!
والسبب الخامس، ولعله الأكثر "نضجاً" بالنسبة للنظام، يتجلى في التصميم في عدم الرد بشكل مباشر على هذه الإعتداءات، وإنما بالرد عليها بشكل غير مباشر من خلال الإنتقام من الشعب السوري بمزيد من القصف والدمار، وهذا تماماً ما يفعله بعض الآباء عند الرد على إهانة من قبل أحد جيرانهم سبّبها لهم أبنائهم، فيكون بصفع الإبن، وذلك لعدم الرغبة في إفساد الود كلياً مع هذا الجار. فالنظام السوري ربما يثمن تماماً حقيقة أنه والكيان الإسرائيلي "سوى ربينا"..."ولوّ"!
وسادس هذه الأسباب قد يكون من باب "العين ما بتعلى عن الحاجب"، وعدم الرد واجب! فبالنسبة للنظام، فقد يعتبر هذه الإعتداءات تأديبية أكثر منها عدوانية، لكن شعوره بحراجة موقفه من تكرارها في ظل عدم رده عليها بات يثقل كاهل "مقاومته". وهنا لعل لسان حال رأس النظام يقول: "هذا ما جناه أبي عليّ."
وإذا كنتم تظنون أن كل ما سبق محض هراء، وأن النظام لن يردّ مادام هناك ماء على كوكب الأرض، فقد يكون هذا لإيمانه القوي بعدم الحاجة للرد بتاتاً فــ"سوريا الله حاميها"، وهذا ما يعطيه سبباً قوياً سابعاً لعدم الرد! أما إذا كنتم تؤمنون بكل جوارحكم بأن النظام هو أجبن من أن يفكّر حتى بالرد، فإني أرجوكم أن تمنحوه فرصة أخيرة قبل السقوط...إلا إذا كنتم تصرّون على أن الـشـياطين تـخاف الذئاب!
وفي ظل هذه الإعتداءات وأسباب عدم الرد، وإحتمالات الرد مستقبلا، فإن حال ثوار سوريا بالنسبة لذلك كله هو: "فرحان عايز أضحك، مهموم عايز أبكي".
7 أسباب محتملة لعدم رد النظام السوري على الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة

محمد عالم - أكاديمي وكاتب سوري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية