أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

37 قتلوا في حلب، وليس برصاص النظام

الضحية الأخيرة الموثقة لسلسلة الانتهاكات المرتكبة كان هو، محمد سعيد، الناشط الإعلامي من بلدة مسقان بريف حلب الذي أتقن الثورة منذ يومها الأول وتدرج فيها من ناشط إلى صحفي محترف.

أعتقد يقيناً -رغم قساوة نبأ اغتياله- أن مسرح الجريمة كان من ترتيب الأقدار، لم يكن صدفة أن يموت على كرسي الحلاقة وبكامل أناقته، فالشاب كان مولعاً بالحرية والحياة تماماً على قدر جسارته وعدم مهابته الموت، بعكس قاتليه.

في الإعلان عن مقتله تناقلت وسائل الإعلام أن "مجهولين ملثمين" أوقفوا سيارة "كيا ريو" وبمسدس كاتم للصوت وبثلاث طلقات في الرأس، اغتالوه.

قبلها وبعدة أسابيع تعرض محمد لمحاولة خطف فاشلة، يومها كتب على بروفايله الشخصي في فيسبوك طالباً من خاطفيه أن يقتلوه مباشرة في المرة المقبلة، لتتوالى رسائل التهديد

قبل مقتله بأيام قليلة كتب يقول: "أعلم علم اليقين بأن الحق واضح وضوح الشمس وأنا أعترف بأنني عاجز الآن عن الصدح بكلمة الحق ولكن كونوا على يقين بأنني لن أتأخر في فضح المتنكر بقناع الرجل الصالح، وقد أكون يوما ضحية منسيةً لجرائم هذا العدو الذي لن يتردد بقمع كل من يقول الحق".

العدو الذي كان يعرفه محمد سعيد يعرفه غالبية الحلبيين والسوريين في المناطق "المحررة" لكنهم في حالات كهذه الجرائم يتكلمون عنه همساً، ففي بلدة مسقان وأثناء تشييع جثمانه كان الجميع يتكلم عن هوية القاتل ويعرفون أنهم ليسوا مجرد ملثمين مجهولين، بعضهم لا يجرؤ على الجهر والبعض يقول لاوقت الآن لفتح معارك جانبية، وكثيرون لم يصلوا لقناعة بعد بأن المستبد الجديد، إنما هو صنيعة الأسد أو بأحسن الأحوال ينفذ أجنداته، وحدها صفحة مؤسسة الفرقان للإنتاج الإعلامي على "فيسبوك" والتي يديرها مقربون من داعش أوردت الخبر بحقيقته كما هو قائلين: "كتم أنفاس مرتد يعمل في قناة العبرية بقرية حريتان".

قصة محمد سعيد تشبه كثيرا من تلك القصص، فحلب أضحت كالمستنقع الذي تفوح رائحته في استهداف النشطاء خطفاً أو تهديداً بالقتل والخطف، إلى جانب عملية أخرى ممنهجة في إفراغها من النخب الثورية والفكرية والسياسية لتصبح نهباً لقوى السلاح فقط لاسيما ذاك اللاوطني منه، ما ينذر بأن تتحول المدينة إلى ساحة للصراع يكون المدنيون والشرفاء من حملة السلاح فيها دريئة ومجرد أرقام في سلسلة موت لا ينتهي.
في المناطق المحررة من حلب لم تنضج من مشاريع إلا الفوضى، هكذا يعرف الكل ويصمت الأغلبية عن الخطر القائم والقادم، ويوماً تلو آخر وبأصوات خجولة يتم الإعلان عن ضحية جديدة.

وأثناء كتابة هذه المادة يصلني خبر اختطاف مؤيد السلوم مراسل قناة أورينت نيوز من قبل مسلحين "مجهولين" عند الكاستيلو، المنطقة والتي للصدفة كانت قد سيطرت عليها "داعش" قبل يوم واحد فقط، قبلها بأيام قليلة يتم اقتحام مقر قناة "الآن" وسرقة معداتها واعتقال طاقمها لساعات، ثم إطلاق سراحهم في منطقة الزبدية بحلب من قبل "مجهولين" بينما يستمر اعتقال كل من الناشط السياسي وائل ابراهيم الشهير بـ "أبو مريم"، إلى جانب محمد العمر والناشطة سمر صالح المتواجدين في مقرات "داعش"، إلى جانب اختطاف عبيدة بطل وعبودي العتيق وحسام نظام الدين من قبل "مجهولين" وأسماء كثيرة رهن الاختفاء في حلب "المحررة"، سواء من قبل "داعش" أو سواها من التنظيمات المسلحة.

كل هذه الانتهاكات التي تطال النشطاء الإعلاميين في الوقت الذي كانت فيه الشرطة العسكرية الثورية قد أصدرت في التاسع من آذار العام الحالي بياناً تتعهد فيه بحماية الإعلاميين، وتؤكد على تجريم وملاحقة ومحاسبة كل من يحاول التعدي عليهم، ليصبح هذا البيان محط تندر وسخرية من النشطاء الذين يتسائلون، لماذا ولمصلحة من يصمت قادة الألوية والمجلس العسكري عن كل هذه الانتهاكات التي تتم في وضح النهار بالقرب من مقراتهم دون أن يضعوا لها حداً أو على الأقل يستنكروها ببيان.

تقول أرقام البيان الشهري الصادرة عن موقع شهداء حلب للتوثيق أن عدد المقتولين برصاص غير النظام والشبيحة لشهر تشرين الأول قد بلغوا 37 شخصاً، بينهم طفلان وسيدة، هي المرة الأولى التي يكشف فيها الموقع عن هكذا إحصائية، وهم الذين اعتادوا شهرياً نشر بيانات الشهداء المقتولين برصاص النظام، لكن على ما يبدو أنه آن الأوان لفتح صفحة توثق انتهاكات أطراف جديدة، انتهاكات لا تحظى بنصيبها من التغطية والنشر للأسف، سيما وأن الضحايا مدنيون بسطاء لا يعرفهم إلا ذووهم، وليس لدى أصدقائهم صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، فمن سيكترث على سبيل المثال للسيدة أم عقيل من منبج التي قتلت في الثلاثين من تشرين الأول الفائت برصاص لواء جند الحرمين أثناء ملاحقتهم سيارة تابعة لتنظيم "دولة الإسلام في العراق و الشام"، أو "وليد محو" من مدينة اعزاز الذي قتل برصاص داعش أثناء عودته إلى منزله من طريق معرين في الخامس والعشرين من الشهر ذاته، وقبله بثلاثة أيام وبذات الرصاص قتل الطفل "نور رشيد ﺯﻋﻤﻮﻁ"10 ﺳﻨﻮﺍﺕ، أما محمد بشير اسماعيل (45عاما) وينتمي للجيش الحر فقد قضى على يد أحد عناصر لواء السلطان مراد حين كان ذاهبا إلى حي بستان الباشا لإفراغ منزل أحد أصدقائه بطلب منه، عندما طلبوا منه ورقة من الهيئة الشرعية، ولما لم يستجب لهم وقام بإشهار السلاح كانوا أسرع منه وقتلوه.

القائمة تطول والأسباب تتعدد، اقتحامات، اشتباكات بين الأطراف المسلحة، أو بقذائف عن طريق "الخطأ"
في تشرين الأول الفائت توثق الأرقام رحيل 456 مواطناً حلبياً، أي بمعدل 15 ضحية في اليوم الواحد، أي بمعدل ضحية كل 96 دقيقة، ليس بالضرورة أن يكونوا برصاص الأسد، ابحثوا عن القاتل، ولاتقولوا برصاص مجهول كي لا تقتلوهم مرتين.


(129)    هل أعجبتك المقالة (122)

سوري حر

2013-11-03

الكاتبة يبدو أنها أصبحت متخصصة في تشويه صورة العمل الثوري المسلح، لا نعلم هل هي تتغاضى عمداً أم جهلاً عن حقيقة أن كل الحوداث التي ذكرتها تقع في أماكن استولت عليها "داعش" من الثوار؟!، وعن حقيقة أن "داعش" هي صنيعة النظام، وكل اعمالها تصب في مصلحته. نود من السيدة سيلفا لو ذكرت هذا، بدل من هجومها المنظم "تحت العباءة النقدية" في كل مقالاتها على الثورة وثوارها.. نتمنى أن تنشغل الكاتبة في الهجوم على النظام والمجرمين والشبيحة وأعمالهم القذرة إنطلاقاً من "وادي النصارى" مثلاً، أو أن تتكرم بتقديم حل لمن يعانون الأمرين من الشعب السوري المقهور، أو قد نسألها إذا ما كانت تفضل عودة النظام ليمسك برقاب السوريين مرة أخرى!!.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي