"كان الباب الرئيسي مقفلاً، كباقي أبواب المبنى، والخزائن مفتوحة في حين تتطاير الأوراق في كل مكان، كأنما حل زلزال في المكان"، هذا كان حال تجمع (شباب الرقة الحر) بعد تعرضه للسرقة يوم الجمعة 24 آب/ أغسطس 2013، بعد أن ترك معظم شباب التجمع المبنى لأسابيع عدة، ثم ترك التجمع المقر نهائياً وسلّمه لمديرية التربية في تشرين الأول/أكتوبر من ذات العام وسط انخفاض نشاط معظم التجمعات المدنية في الرقة التي يزيد عديدها عن 30 تجمعا تشكل معظمها بعد سيطرة المعارضة على المدينة في آذار/ مارس 2013.
تجمع "شباب الرقة الحر" هو أول تلك التجمعات المدنية و"الشرارة التي أسست لباقي التجمعات" كما يقول ناشطون، لكنه كبقية التجمعات انخفضت نشاطاته بشكل كبير.
يعود تراجع النشاط المدني لمعظم التجمعات -وفق الناشط أسيد الموسى (36 عاماً)- إلى قلة الدعم وضعف الإمكانات إضافة إلى سوء التنظيم وغياب الهيكلية.
يقول أسيد: "ظاهرة التجمعات المدنية في الرقة انتشرت كالفطر، ولكن بعد أن صدم المتطوعون في تلك التجمعات بأخطاء الثورة، تراجعت كثيراً".
لكن التجمعات التي لا تعاني كثيراً من قلة الدعم المادي، وتنحو منحى مؤسساتيا كحركة "حقنا"، تراجع نشاطها أيضاً -في الآونة الأخيرة-، ولم تعد تلك الجهة التي لها صدى واسع في الشارع كما كانت سابقاً.
"لا يوجد خبرة سابقة، هامش التحرك بسيط، السلاح الآن هو الصوت الأعلى" هذا ما عبر به الناشط الإعلامي أيهم الخلف (24 عاماً) عن أسباب انخفاض النشاط المدني في الرقة، معبراً عن خيبة أمله من الحال التي وصلت لها المدينة.
ورغم حالة الركود الحالية في مستوى الحراك المدني في مدينة الرقة، إلا أن هنالك تجمعات عادت إلى الشارع ولو بتواتر أقل، كتجمع "أبناء الرقة الأهلي" الذي أطلق حملات تنظيف "للجُزُر" بين الطرقات، كما يقوم التجمع بحملة أسبوعية لإعادة الحياة لحديقة 17 نيسان المقابلة لمخفر الشرطة.
يقول رئيس مكتب العلاقات العامة في المجلس المحلي محمد النزال إن المشاريع التي قامت بها التجمعات كانت آنية ومؤقتة، وتفتقر إلى النظرة المستقبلية، ما أدى إلى توقف معظمها.
حتى بعد تراجع التجمعات عن نشاطاتها الخدمية والتوعوية والاجتماعية، يتمسك بعض من كان بها، بجزئيات صغيرة يسترجعون من خلالها بعض الحملات والنشاطات قامت تجمعاتهم بها، فمثلاً وزع مجموعة من نشطاء حركة "سوا" مناشير توعوية عن كيفية التخفيف من ضرر الغاز الكيماوي في حال تعرضت المدينة لاعتداء مماثل لما جرى في غوطة دمشق صباح الأربعاء 21 آب/ أغسطس 2013، وكانوا مندفعين لإيصال حملتهم إلى أبعد مدى ممكن.
كما دعت مجموعة من مكتب النشاطات العامة في تجمع "شباب الرقة الحر" عبر صفحاتهم الشخصية عن حملات لفتح بعض الطرق المسدودة نتيجة القصف، وجمعوا تبرعات لحملة "رغيفنا" الإغاثية، بعد أن فقدوا الأمل في عودة تجمعهم للمبادرة بنشاطاته عبر صفحته الرسمية التي تكاد تكون شبه متوقفة منذ ما يزيد عن شهرين.
يرى أحمد الهشلوم وهو عضو في مركز "فرات للدراسات" أن الحل في تفعيل منظمات المجتمع المدني يقوم على إعادة هيكلة وفق تحديد سياسة عمل وأهداف تخدم المجتمع، واتهم معظم التجمعات بأنها "تحولت إلى رؤية سياسية بعيدة عن المنهجية، في حين بعضها أصبح نواة تخدم ولاءات معينة" على حد قوله.
بينما يرى الناشط السياسي محمد الصالح "أبو المؤمل" (55 عاماً) أن الحل الأمثل في نتشيط التجمعات المدنية مرة أخرى مرتبط بوجود مشاريع توعوية تساهم في بناء المجتمع لكي يقف الأخير على قدميه يقول الصالح "يجب أن يُنمّى الحس الوطني عند المتطوعين في التجمعات المدنية، لأنهم يعملون لأجل الوطن لا لمكاسبهم الشخصية".
تتناقض الآراء والتوقعات حول عودة التجمعات المدنية لممارسة دورها الفاعل بين متفائل بعودتها ومتشائم.
يشعر فراس النايف وهو عضو في تجمع شباب الرقة الحر، أن التجمع قد انتهى إلى غير عودة، موضحاً "سطوة العسكر هي السبب، والروح الثورية ضعفت عند معظم شباب التجمع"، ويوافقه في الرأي عضو إدارة التجمع عبدالله الشام التي بدت عليه أيضاً نظرة التشاؤم والحسرة على ما حلَّ بالتجمع.
بينما لهيثم الغرسي -أحد مؤسسي التجمع- وجهة نظر أخرى فهو يرى أن التجمع قائم وضعف نشاطه يعود إلى انعدام التمويل غير المشروط، وأنه مع مجموعة من الشباب أعادوا فتح مقر التجمع ويحاولون إعادة الأمور إلى سابق عهدها، وهم الآن "في ورشة عمل إلى أن يأتي الدعم المالي" بحسب ما ذكر.
"زمان الوصل" بالتعاون مع الهيئة العامة للثورة السورية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية