"نحو تحّول ديمقراطي في سوريا"، حول هذا العنوان تجمّع سوريون أتوا من الداخل إلى بيروت صباح أمس الأول، لحضور مؤتمر يؤسس لسوريا الجديدة أقيم في فندق"شيراتون"، يأتي ذلك بينما تشتعل العاصمة الدمشقية وضواحيها.
تدخل تلك القاعة الفخمة، التي اجتمع فيها أحد أكبر تجمعات المعارضة الداخلية، في مقدمتها "سوريات من أجل الديمقراطية"، ورابطة النساء السوريات"، ومركز" مساواة" وموقع "ثرى" ومركز "مواطنة" وغيرها، ممن فضلّ البقاء في دمشق حتى اللحظة، حيث العمل في كثير من الأحيان بأسوأ الظروف، على حدّ وصفهم، ما يعتبر نقطة إيجابية تصّب في صالحها على الأقل أمام خصومها في الخارج الذين ينشغلون في الوقت الراهن بحضور جنيف2.
في هذا السياق، دعا المجتمعون اليوم إلى بناء وضرورة تبني دستور ديمقراطي قائم على أساس المبادئ الديمقراطية التي تجمع بين سيادة القانون واحترام كرامة الإنسان وحقوق الإنسان لجميع المواطنين، نساء ورجالا على حد سواء، وبين قيم المساواة المبنية على النوع الاجتماعي، ومبدأ عدم التمييز.
رغم ذلك لم يكن أحد راضياً عما يجري، تسأل أحدهم عن جدوى ذلك في ظل العنف الدائر في البلاد، حيث لا صوت يعلو فوق المعركة، فلا إجابة عن أي تساؤل بهذا الصدد.
تخرج تلك المرأة الإنكليزية لشرح أسباب فشل دولة "مقدونيا" مثلا في تحقيق إصلاحات سياسية على صعيد القانون والدستور، ويتساءل المشاركون إن كان الحال في سوريا مشابهاً، وتجري نقاشات حادة حول تأسيس دستور في دولة الاستبداد وترتفع وتيرة النقاش بين المشاركين وكأنّ المعركة انتهت والحرب السورية وضعت أوزارها، يقول الباحث: "منير درويش": ما فائدة الحديث عن المناصرة والتي تعنى بأسس الانتخابات وعملية المشاركة السياسية للفئات كافة ولا تزال الدولة الاستبدادية موجودة بقوة على الأرض، كل ما تقولونه حبر على ورق.".
وفي معرض حديثها عن الهدف من المؤتمر، تقول "ليليان هالس" إحدى المشاركات وكذلك من منظمي الجلسة: "يجب تعزيز ثقافة الديمقراطية لديكم كسوريين، قد يكون الحديث عن هذا في وقت يتصاعد فيه العنف أكثر من ذي قبل يكون الحديث لا جدوى، لكن له أثار جيدة في المستقبل".
يجهد الأوربيون الآن في تعليم السوريين معاني الديمقراطية وأسس المجتمع المدني، لاسيما المعارضين وأقطاب التجمع المدني في سوريا، يدفعون بالأموال الطائلة لقاء ذلك، حيث انفرد اليوم الثاني من "ورشة العمل" التي أتت بدعم من السفارة السويدية في بيروت، واستمرت على مدار يومين، انفردت في تعريف المجتمع المدني ومفاهيم المساواة والمواطنة، تشرح "ألين هاغرليد" السكرتيرة الممثلة عن السويديين مزايا الديمقراطية، وتقول"بات السوريون يتوقون لها الآن أكثر من وقت مضى"دون أن تنسى السؤال عن أحوال السوريين في الداخل.
تشم رائحة اليأس في صفوف المعارضين، ولنقل السوريين، تسأل الناشطة "لمى قنوت" عضو في رابطة السوريات من أجل الديمقراطية، عن ماهية عملهم هنا وإن كانت أصداؤه في الداخل إيجابية، لتجيب: "أغلق مركز "مواطنة" في دمشق عدة مرات وضغط علينا من قبل الأمن السوري فأتينا لبنان راحلين، قمنا بفتح صفحة على الموقع الاجتماعي "فيس بوك" وهذا كل ما فعلناه هنا، نشعر بقمة العجز، العجز فقط". ونقطة وحيدة مشتركة تجمع كل من أتى لورشة العمل هذه، هي تمسكهم حتى اللحظة بخطاب سياسي أشبه بخطاب النظام وربما أقل منه، غير أنّ بعضهم يرفض هذا النقد بالقول: "نحن بالنهاية مجتمع مدني نقف على الحياد" الذي يراه بعضهم الآخر أنه أضعف الإيمان.
هكذا يمضي النشطاء أوقاتهم، فقد سبق وأن أطلق هذا "التجمّع من أجل الديمقراطية" مؤتمراً دولياً في بيروت في 14/15كانون الأول 2012 تحت عنوان "المساواة أولاً"، بالتعاون مع الجهة نفسها، وهي المبادرة الأوربية (IFE-EFI) حضره الناشطون نفسهم حيث ضمّ أكثر من 60 ناشطا وناشطة، وممثلين عن هيئة التنسيق الوطنية والتي تعتبر أحد أعتى جبهات المعارضة الداخلية، وتحدثوا بموضوع مقارب لهذا الذي يجري الآن، أتوا يومها لمناقشة مشروع دستوري مستقبلي لسورية، ناقشوا جميعا أفضل السبل لإطلاق عميلة واسعة وشاملة لبناء الدستور، وهكذا أيضاً يقضي السوريون أوقاتهم في الموت والتشرد، لم تنقذهم أي مبادرة حتى الآن.
يذكر أنّ القائمون على المؤتمر هذا لم يوجهوا دعوة لوسائل الإعلام ورفضوا التصوير، حيث أحيط المدعوون بكامل السرية علما أنهم سيعودون دمشق غداً.
شام محمد ـ بيروت (لبنان) -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية