أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"زمان الوصل" وسط حلب.. انقسام يتجاوز الجغرافيا ووحدة في الغلاء والبلاء

-"بستان القصر" شريان الحياة الوحيد بين الحلبين "الغربية والشرقية"
-"الحر" يسلط "كماشة اقتصادية" على مناطق النظام
- الرخص والحصار يدفعان أهل "الغربية" إلى الأحياء المحررة 
- إدارة "الشرعية" للـ "الشرقية" تفسدها بعض الحوادث

مدينة باتت اليوم تعيش في ظل انقسام جغرافي يخفي وراءه انقساماً من نوع مختلف أعمق وأقسى ما يمكن أن يكون قد مر عليها منذ قرون، هي حلب..

يبدأ الانقسام الجغرافي المتعرج للخط الوهمي الذي رسمته قوات الجيش الحر عند
دخولها المدينة قبل عام ونصف، وبدأت تزيد من رصيدها في رسم هذا الخط، وينتهي بشكل يقسم المدينة إلى "شرقية وغربية".

وما يزال السكان هاهنا ينتقلون بين قسمي المدينة الشرقي والغربي عبر معبر وحيد هو معبر "بستان القصر"، طريق عادي تشكل من تلقاء ذاته كنتيجة لأماكن النفوذ والسيطرة من الطرفين المتحاربين، حيث مازال سكان المنطقة يشهدون اشتباكات غالباً ما تكون في الليل فيه ليستمر فتح المعبر في الصباح حتى غروب الشمس ويعبره أكثر من عشرين ألف شخص.

*غلاء في مناطق النظام
سكان المناطق الخاضعة لسيطرة القوات النظامية وهي بشكلها العام الأحياء الغربية كـ "حلب الجديدة، الفرقان، الشهباء، الميرديان، الحمدانية، الجميلية، العزيزية، السليمانية، الزهراء"، باتوا اليوم أكثر زيارة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الكتائب المعارضة لأسباب اقتصادية في الغالب، فبعد سيطرة قوات من الجيش الحر على الريف الغربي للمدينة وقعت المناطق الخاضعة لسيطرة القوات النظامية في كماشة اقتصادية، زاد عليها أن الطريق الرئيسي للمدينة القادم من مدينة "حماة" يدخلها عند الجانب الجنوبي الغربي وهو موقع لأكاديمية الأسد للهندسة العسكرية التي باتت اليوم أحد الحصون الضخمة لقوات جيش النظام السوري والتي تعاني اليوم شكلاً من أشكال الحصار والاستهداف بقذائف الهاون أو بعض الاشتباكات مما أدى إلى قطع ذلك الطريق الرئيسي.

وفضلاً عن أن جميع المداخل المؤدية إلى المدينة فيما عدا ذلك الطريق أصبحت بيد كتائب الجيش الحر والكتائب والتشكيلات الإسلامية فقد وجد سكان تلك المناطق أنفسهم في حصار خانق اتهمت فصائل المعارضة بتسببه، أمر رفع أسعار المواد الأساسية فيها إلى أضعاف، فمثلاً ارتفع سعر مادة البندورة إلى 500 ليرة في الوقت الذي كانت تباع فيه بـ 140 ليرة كحدٍ أقصى في مناطق سيطرة الحر في حين وصل اللتر الواحد من البنزين إلى 1000 ليرة "في حال وجوده" بينما كان يباع في مناطق الحر بـ 300 ليرة.
كل تلك الأسباب المعيشية دفعت آلافاً من السكان للعبور إلى المناطق المحررة لشراء تلك المواد ليصل العابرون إلى أرقام مخيفة.

* قصف وقلق
وبدأت عدوى مضاعفة الأسعار تسري إلى المناطق "المحررة" حيث بدأت في حي بستان القصر أول الأحياء المستقبلة للعابرين، الأمر الذي دفع الهيئة الشرعية والتي تدير معظم المناطق "المحررة" إلى وضع يدها على المعبر وإغلاقه، ثم معاودة فتحه، وما تزال على تلك الحال من التخبط حتى اليوم، فلا تعرف متى يفتح ولا تعرف متى يغلق.

أما في المناطق "المحررة" ذاتها والتي تشغل القسم الشرقي والشمالي والجنوبي للمدينة (هلال السيطرة)، فما يزال الساكن لتلك المناطق يشعر وأنه في ورطة، فبالرغم من انخفاض الأسعار مقارنة بالقسم الآخر من حلب إلا أنه ما يزال ثلاثة أو أربعة أضعاف عن الوضع الطبيعي الذي كان ما قبل الثورة، هذا بالإضافة لكون تلك المناطق هي بالأساس مناطق شعبية وعشوائيات ومستوى دخل الفرد فيها كان يكفي ما قبل الثورة ليسد الرمق اليومي فقط..

منذ بداية دخول الجيش الحر إلى المدينة ويعاني القسم المحرر منها من قصف القوات النظامية، فعلى مدار عام ونصف من ذلك نال ذلك القسم منها نصيباً كبيراً من القذائف التي أطلقت من المدافع والطائرات بل وحتى الصواريخ كما حدث في "جبل بدور، والأرض الحمرا"، وهو أمر أفقد الشعور بالأمن بشكل عام.

أما اليوم فيتلاشى ذلك الشعور نسبياً فقد خففت القوات النظامية من قصفها أيضاً بشكل نسبي وانشغلت بالجبهات المفتوحة على طول الخط الفاصل بين القسمين من المدينة، إضافة لانشغالها بجبهات أخرى كمحاولة فتح طريق "خناصر" المتنازع عليه حتى اليوم.

في النهار يكون الازدحام سيد الموقف وربما بسبب الشعور المزيف بالأمان الذي يفرضه ضوء النهار، وأما في الليل فكانت الشوارع تكاد تخلو من المارة بشكل كامل قبل عام ونصف ليزيد السواد الحالك الذي سببه انقطاع التيار الكهربائي بوحشة الأمكنة واستحالة الخروج بعد الغروب.

أما اليوم فقد تلاشت تلك المظاهر خاصة بعد الإجراءات التي تقوم بها مؤسسات مدنية ذات طابع إسلامي، حيث قامت بتأمين الكهرباء لتلك المناطق وإن كان ذلك ليس طول اليوم، إلا أنها دفعت إلى ضجيج بالحياة كما السابق.
تأقلُم السكان هاهنا بات السمة الغالبة على الوجوه، فقد تأقلم المجتمع مع كل شيء "ارتفاع الأسعار، القصف اليومي المحتمل، كتائب الجيش الحر والكتائب الإسلامية..الخ".

والتنظيمات الجهادية الموجودة كثيرة يكاد يكون أبرزها اليوم تنظيم "دولة الإسلام في العراق والشام" والذي ظهر قبل أشهر فأحكم سيطرته مبعداً التنظيم الشهير "جبهة النصرة" الذي شهد انحساراً كبيراً في النفوذ والتواجد.
وتشترك الفصائل الجهادية جميعها برغبتها في إقامة دولة الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق الخاضعة لسيطرتها الأمر الذي يؤرق الفرق والأفراد ذات التوجه العلماني.

وقد شهدت المناطق هنا عدداً من الحوادث كانت مؤشراً مقلقاً لما سيكون في المستقبل كان أبرزها مقتل الطفل "محمد قطاع" والذي أعدم بعد أن اتهمه إسلاميون مجهولون بالكفر، رغم تنصل تلك الجماعات (دولة الإسلام في العراق في الشام، جبهة النصرة) من هؤلاء المسلحين.

وتكلل الحديث عن الضربة الأمريكية مؤخراً لخطاب أوباما الأخير والذي أعلن فيه تريثه والعودة إلى تصويت الكونغرس ومن ثم التوافق الدولي الذي نتج عن تسليم النظام للسلاح الكيميائي.

*عسكرة وخوف من الحر
في الطرف الآخر من المدينة حيث تنتشر قوات الجيش النظامي، تأقلم الناس مع وجود عناصر الجيش النظامي وحتى مع التجاوزات التي تحدث والتي تكون غالباً من قبل الشبيحة المدنيين الذي تطوعوا في فرق "الدفاع الوطني" التي أنشأها حزب البعث، في حين خلا وسط المدينة من الحركة ليتحوّل إلى ما يشبه حامية عسكرية يمنع فيها الاقتراب.

وعلى الصعيد الحياتي فمازال السكان في ذلك الجانب يعانون أزمة اقتصادية مريرة دفعت بالعديد منهم إلى العبور إلى المناطق المحررة وشراء البضائع وإدخالها وبيعها بأضعاف ثمنها الأصلي، إضافة إلى أن الهاجس الأمني الموجود في تلك المناطق دفع إلى الشعور بالوحشة في الشارع، ففي أية لحظة يمكن ان تعتقل أو تطلب هويتك.

يخاف أغلب السكان في المناطق المسيطر عليها من قبل الجيش النظامي من فكرة دخول الجيش الحر إلى مناطقهم خاصة بعد التدفق الإعلامي الكبير الذي تناول عمليات السطو التي قامت بعض الكتائب في "الشيخ نجار" حيث المصانع الكبيرة، وبعض الممارسات التي تقوم بها "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، كفرض الحجاب وتحريم الموسيقا، وإحراق علب التبغ وتحريم التدخين.. كل تلك الأمور رسمت شكلاً حذراً للعقول في تلك المناطق، ليبقى ساكن تلك المناطق وخاصة أولئك الذين لم تسنح لهم الفرصة بزيارة المناطق المحرر حذراً وقلقاً من وصول رقعة النفوذ إليه.

في حلب وجد ساكنو الطرفين طرقهم الخاصة في التأقلم، فالدورة المالية اليوم يكفلها استمرار دفع النظام للرواتب في المناطق الخاضعة لسيطرته، كما يكفل الجانب المسيطر عليه من قبل الجيش الحر بتدفق القطع الأجنبي عبر تركيا، والعديد من الأمور التي جعلت من الغربة بين الطرفين سمةً بارزة قد ترسم في المستقبل العديد من التساؤلات.

ولعل الانقسام في حلب المدينة اليوم هو عنوان كل شيء حتى بالمعنى بالعقائدي للمفردة، أو حتى العسكري، إلا أن الأمر لم يمنع السكان هاهنا من مواصلة المراهنة على شيء ما سيحدث ويعيد المدينة وكلٌ حسب وجهة نظره.

حلب - زمان الوصل - خاص
(112)    هل أعجبتك المقالة (110)

سفيان

2013-10-26

اشو عن حياني وعفش ؟.


د. محمد غريب

2013-10-26

التقرير به تضليل وسرد لأحداث بدون إثبات، ومحاولة لتلميع النظام والشبيحة حتى، والمساواة بين المجرم والضحية بين الجيش الحر وعصابات النظام، المساواة بين أخطاء تشوب خدمة ودفاع الجيش الحر عن الشعب وبين إجرام عصابة الأسد... المشكلة أن هذا ليس أول تقرير يتحدث بنفس الطريقةــ تقارير "زمان الوصل" عن حلب يجب إعادة مراجعتها، لأننا عندما نقرأها ينتابنا إحساس بأن من أعد التقرير لاينتمي بحال إلى الثورة بل تشبه تقارير النظام التي تحاول النيل من الثوةر بـ"ذكاء" عبر التشكيك والتضليل، تماماً مثل هذا التقرير ..


كامل الحسن

2013-10-26

سمعنا أنها مليئة بالمقاهي و السهرات و الحاله عال العال وهذا بحد ذاته يبرهن على ان الثوار لا يتفصدون المسيحية - وهذا ذاته صحيح بحمص أيضا!.


التعليقات (3)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي