أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

معبر "بستان القصر".. شريان للحياة أو الموت بين ضفتي حلب بانتظار فتح بابي "الفرج والنصر"

المعبر - زمان الوصل - خاص

لا يمكن الحديث عن معبر "كراج الحجز" في حلب، إلا وتعرّش على الذاكرة صور الضحايا الذين قضوا مروراً أمام قناص القصر البلدي و"الإذاعة"، ولكن في الطرف المقابل لتلك الصور ثمة وجه آخر للحكاية يمكن أن يطلق عليها "الدجاجة التي تبيض ذهباً" ويؤكد ذلك إصرار جميع الكتائب التي تحيط بالمعبر على استلامه.

تشكّل معبر بستان القصر تلقائياً عقب دخول الجيش الحر إلى معظم المناطق الشرقية في المدينة واحتدام الاشتباكات على طول الخط الفاصل بين المنطقتين (المحررة، والواقعة تحت سيطرة النظام)، فدفع ذلك إلى نشوء حدود وهمية شكلتها تضاريس كل مكان في المناطق المتقابلة بين القوتين ورصاص القناصات.
وبعد إغلاق أغلب الطرق الواصلة بين المنطقتين حدث أن بقي الطريق الواصل من منطقة "بستان القصر" إلى منطقة "المشارقة" سالكاً للسيارات، ما دفع إلى إطلاق تسمية المعبر على ذلك الشارع كونه بات الوحيد الواصل بين المنطقتين.


32 كتيبة لإدارته
وكان أول من أدار شؤون ذلك المعبر الكتائب التي تواجدت في "بستان القصر" وعددها 32 كتيبة ويكاد يكون أبرزها "آل عمران، النقيب نمر بقيادة احمد شما، ثوار الجبل، النحلاوية (وهم تجمع من القوات أطلقت عليهم تلك التسمية كونهم من بلدة "نحلة" التابعة لمحافظة إدلب). 

وبدأ الوجه الواضح لإدارة المعبر من قبل كتائب النحلاوية والمقاتلين من "دارة عزة" وكتيبة مجد الإسلام، وثوار الجبل، وأيضاً "كتيبة أحمد شما النقيب نمر، ولواء ذي النورين" الذين أعلنوا قانون ترسيم المعبر بفرض قيمة تبلغ 2% من قيمة البضائع التي تخرج، وقف على إدارتها الناشط "وائل ابراهيم" المعروف بـ "أبو مريم"، والذي اعتقل لاحقاً من قبل تنطيم "داعش".

وبعد أخذ و ردّ وبعد مشاكل جمة كان آخرها سرقة المكتب المخصص للترسيم بمحتوياته من قبل مجهولين علّقت غرفة العمليات في بستان القصر الرسوم في 1-7-2013، حيث أغلق طريق "خناصر- حلب" في تلك الفترة، ما جعل الطرف الغربي في المدينة والذي يقع تحت سيطرة النظام يقع في حصار اقتصادي كبير، أدّى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، ولم يبقَ منفذ لتلك المناطق للتزود بالمحروقات والأغذية إلا المناطق المحررة عن طريق معبر بستان القصر.

في تلك الأثناء كان هناك قرار سابق يقضي بمنع خروج اللحوم والمواد الغذائية والمحروقات وتزامن ذلك مع دخول شهر رمضان، حيث قام آنذاك ناشطون معارضون بتاريخ 9-7-2013 بمظاهرة كبيرة طالبوا فيها بفتح المعبر، وجوبهت تلك المظاهرة بقمع شديد من قبل الكتائب الموجودة (كتيبة خالد خليفة، آل عمران) بحجة أن النظام يحاصر حمص، فلا ضير من محاصرة الجزء الواقع تحت سيطرة النظام بحلب.

وأتت المظاهرة أُكلَها حيث أعيد فتح المعبر أمام الراغبين بالعبور من الطرفين مع السماح بإخراج المواد الغذائية بكميات محددة، إلا أن ذلك تسبب مع وجود السماسرة وشحن الكميات الضخمة "تجاوزاً" إلى مناطق النظام بارتفاع هائل للأسعار خاصة في منطقة "بستان القصر" مما دفع أهالي الحي إلى الخروج بمظاهرة يطالبون فيها بإغلاق المعبر من جديد، لتخرج مظاهرة مضادة أمامها نظمها هذه المرة المجلس الطبي وناشطون من أمام جامع "بدر" للمطالبة بفتح المعبر.

بحسب المزاج 
وأخيراً وافقت الكتائب هناك على فتح المعبر بطرق مزاجية حيث حدث أن وقف الناس لساعات تحت الشمس بانتظار أن يفتح بالإضافة إلى أن العامة كانوا يتلقّون أسوأ أنواع المعاملة أثناء الانتظار والخروج والدخول، فشوهدت أكياس من البندورة تلقى على الأرض من يد سيدة مسنّة، وشوهدت سطول من اللبن تدلق في الطريق وما إلى ذلك، يكاد يكون أبرزها قضية التحرش بالنساء التي أثارت حفيظة الأهالي.

وهنا قرر فصيل "داعش" التدخل وأرسل كتيبة إلى المعبر بقيادة "أمير" يدعى "أبو عمارة" إلا أن ذلك لم ينجح وتركت الكتيبة المعبر لتعود غرفة العمليات بتاريخ 24-7 لإعلان معركة الثأر لشهداء المعبر، فأغلق من جديد واعتبر منطقة عسكرية.

إلا أن ذلك لم يطل كثيراً حيث حشد عدد ضخم من المواطنين يطالبون بفتحه، وبتاريخ 30-7 قررت الهيئة الشرعية المشكّلة من قبل عدد كبير من الفصائل الكبرى التدخل في قضية المعبر فأعلنت إغلاقه في حملة أطلقت عليها "القبض على المسيئين من الجيش الحر" ودخل لواء أحرار سوريا بقيادة أحمد عفش كوسيط بين الهيئة وتلك الكتائب، وبعد أيام قليلة أعلنت الهيئة الشرعية برفقة أحرار سوريا استلامها للمعبر وإيقاف ترسيم البضائع والسماح للمواد الغذائية بالخروج.

هنا فجّر عناصر من بعض الكتائب (يشك بأنهم من النحلاوية والتحقيقات جارية) فوضى عارمة ما تزال آثارها حتى اليوم وهي قنص المدعو "أبو غياث" وكيل الهيئة الشرعية لإدارة شؤون المعبر، حيث توجهت أصابع الاتهام من قبل المتهَمين إلى قناص النظام.

5 حواجز 
شاعت الفوضى في "بستان القصر" حتى أصبح عدد الحواجز خمسة وباتت الكتائب تفرض رسومها بشكل مستقل عن الآخر، وباتت عمليات التهريب تأخذ طابعاً رسمياً من حيث الأسعار فمثلاً تهريب أسطوانة غاز بـ 2000 ليرة وهو سعر غدا معروفاً لدى الناس، ويتهكّم أهالي الحي على تلك العمليات بقولهم: "السرقة الشرعية"، فيما يتحدث البعض عن إحدى عمليات التهريب التي ذاع صيتها في المنطقة وهي عملية لتهريب اسطوانات الغاز عبر البساتين وهو أحد خطوط النار المرصودة عبر القناص، قامت بها بعض عناصر "أبو عرب" وهو أحد القياديين في كتيبة "الشهيد نمر" التابعة لأحمد شما وأحد المدراء على المعبر حيث استطاع "أبو عرب" الخروج من عباءة الـ"شما" وتشكيل ما يسمى "جنود الرحمن" وفتح خط للتهريب من داخل البساتين المتاخمة لحي بستان القصر، حيث يقول أحد الشهود إنه سمع "أبو عرب" يتحدث مع قناص النظام قائلاً: "سيعبر خمسة أشخاص من طرفي لا تقنصهم"، فيرد القناص: "خمسة فقط، السادس سأقنصه".

في خضم تلك الفوضى أعلن لواء "أحرار سوريا" عبر كتيبة النقيب نمر بقيادة أحمد شما عن عزمه اقتحام منطقة جامع "حذيفة" والتي تقع تحت سيطرة النظام، أدى ذلك لإصابة شما ونقله إلى تركيا، أمر لم يمنع عناصره من استمرار فرض الأتاوت فحدث أن حددت سعر 5000 ليرة لكل أضحية مع دخول عيد الأضحى، وأحصى ناشطون في بستان القصر أكثر من 1500 رأس غنم دخلت بشكل غير شرعي إلى مناطق النظام عبر "البساتين" بنفس الطريقة.. "ألو.. قناص.. خمسة.. السادس سأقنصه..الخ".

وبتاريخ 18-10-2013 أعلن "أحرار سوريا" انسحابه من المعبر في بيان أصدره بحجة "القيل والقال"، حيث شرع البعض باتهام اللواء بتمرير صفقات أغذية ومحروقات وغاز إلى الطرف الآخر. 

إلى ذلك أعلن أمس الاثنين عن سيطرة الهيئة الشرعية ممثلة بلواء "التوحيد" و"جبهة النصرة" وحركة "أحرار الشام" الإسلامية على معبر بستان القصر.

ولا يمكن التكهّن ما يمكن أن يكون عليه الحال خلال الأيام القليلة القادمة بعد استلام تلك القوة الكبرى لإدارة المعبر، فهناك من يقول بأن المعبر سيغلق بشكل كامل واعتماده كجبهة عسكرية يأتي ذلك بالتزامن مع شائعات تقول إن معبراً جديداً سيفتح من منطقة "باب النصر" إلى "باب الفرج".

حلب - زمان الوصل - خاص
(203)    هل أعجبتك المقالة (222)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي