أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

زيارة مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك.. عرف لم يتوقف رغم كل الظروف

يحتوي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق على مقبرتين للشهداء, إحداهما هي مقبرة الشهداء الجديدة وفيها قبور العديد من الشهداء وخاصة شهداء مايسمى "الزحف الى الجولان" المغرر بهم من قبل النظام في ذكرى النكبة 15/5/2011 وذكرى النكسة 5/6/2011 إضافة لقبر الشهيد فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

أما الثانية فهي مقبرة الشهداء القديمة، وفيها قبور الآف من الشهداء الفلسطينيين الذين استشهدوا على مر تاريخ الثورة الفلسطينية من أبناء مخيم اليرموك، وفيها أيضا قبور عدد كبير من قيادات هذه الثورة, وفي مقدمتهم الشهيد خليل الوزير والشهيد سعد صايل القياديين التاريخيين في حركة فتح الفلسطينية, إضافة لقبر الشهيد أبو العباس قائد جبهة التحرير الفلسطينية, أضيف إليهم في السنتين الأخيرتين مئات من أبناء المخيم الذين استشهدوا برصاص وقصف قوات النظام للمخيم.

وإلى هذه المقبرة جرى العرف اليرموكي بزيارة قبور الشهداء فيها صباح أول الأيام من عيدي الفطر والأضحى, حيث تتجمع أعداد كبيرة من أبناء المخيم وقيادات الفصائل الفلسطينية, وتأتي الفرقة النحاسية للكشاف الفلسطيني إضافة لأطفال الكشاف, يحملون الورود, يسيرون في موكب طويل إلى تلك المقبرة, وعند وصولهم يضعون أكاليل الزهور بجانب نصب "الفدائي المجهول" الذي يرمز إلى كل الشهداء الفلسطينين الذين لم تعرف هويتهم ويعزفون النشيد الوطني الفلسطيني, ثم يتوجهون لقبور الشهداء.

هذا العرف ليس عرفا عاديا, إذ يحمل بين ثناياه الكثير من المعاني, فهو بات تقليدا وطنيا يعبر فيه المشاركون عن إخلاصهم لدماء الشهداء وإصرارهم على المضي في دربهم, ويشكلا أيضا مناسبة لاجتماع المئات من أبناء المخيم سنوياً.

هذا العام ورغم الحصار القاسي والمستمر منذ عشرة شهور على مخيم اليرموك, ورغم القصف المستمر المتواصل يوميا على المخيم, ورغم الجوع والقهر, لم يتوقف تطبيق هذا العرف, بل إنه اكتسب معانٍ جديدة من خلال زيارة قبور الشهداء الجدد, الذين استشهدوا نتيجة الحصار والقصف والقنص على يد النظام وتجديد الإخلاص لهم, وفي أول أيام عيد الأضحى هذا, كان المئات من أبناء مخيم اليرموك يحييون هذا التقليد, شيبا وشبابا وأطفالا, نساءً ورجالاً,تقدمت الفرقة النحاسية الموكب عازفة أناشيدا وطنية, أكاليل الزهور لم تغب عن المشهد, وعلم فلسطين يزين الصورة ويضيف لجماليتها معانٍ جديدة وفريدة لا تجدها سوى في مخيم اليرموك الذي يعبر عن خصوصيته وإنسانية أبنائه بأجمل الصور والأفعال.

حلّقت طائرات النظام فوق رؤسهم بكثافة أثناء المسير وهي تقصف المناطق المجاورة فلم يأبهوا لها, بل إنه وحسب رواية أحد الأشخاص الحاضرين فإن أطفال المخيم لوحوا لها بأيديهم وقالوا "نحن هنا ولا نخاف منك!!", العزيمة كانت كما هي دائما, إصرار على الاستمرار في درب الشهداء, تحلٍ بالصبر والأمل وحب للحياة لذلك الشعب الذي يستحق الحياة.

لكن أيضا كان في زيارة هذه العيد بعض الألم, فقد اختلطت الدموع مع التراب الذي يحضن الشهداء وجُبل بدمائهم, حيث بدأ الاطفال بالبكاء على قبور أحد أصدقائهم, وعندها ذرف الكثيرون دموعا حبسوها مدة طويلة.

وكيف لا يبكون وهم يشاهدون قبورا نقش عليها أسماء الأحبة والأهل ورفاق الدرب, وأسماء شباب قدموا الكثير فكان نصيبهم الشهادة.

آخر القول, فإن هذا التقليد له مكانة كبيرة في نفوس أبناء المخيم, مكانة لم يدركها الكثيرون إلا بعد أن فقدوا المشاركة فيه, فبعض أبناء المخيم الذين غادروا بيوتهم نتيجة الأوضاع السائدة, عبروا عن ألمهم لعدم المشاركة وعدم زيارة قبور الشهداء هذا العام, آملين أن يحمل العام القادم عودة لمخيمهم بأمان واستقرار.

مشاركة لـ"زمان الوصل" من علاء عبود
(171)    هل أعجبتك المقالة (155)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي