أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قراءة في رفض الرياض لعضوية مجلس الأمن.. انقلاب في التعاطي السياسي، واقتناع بعقم المبادرات في سوريا

كل ما خسرته السعودية في أعقاب 2006، لايمكن مقارنته بما ستخسره مع استمرار نظام بشار

في بادرة نادرة على المستوى الدولي، وغير مسبوقة نهائيا في مجال السياسة السعودية المتسمة بالمحافظة، أعلنت المملكة العربية السعودية أنها تعتذر عن قبول عضوية مجلس الأمن التي فازت بها لمدة سنتين، وذلك احتجاجا منها على عجز مجلس الأمن في معالجة القضايا العربية ومنها القضية السورية.

وجاءت الحركة السعودية صاعقة ومباغتة، حيث إنها أعقبت الإعلان عن نتائج فوز السعودية بمقعدها في مجلس الأمن ضمن الدول العشر غير دائمة العضوية، وهي الدول التي يتم انتخابها دوريا كل سنتين، على دفعتين، بحيث تنتخب خمس دول جديدة كل سنة.

ومؤخرا، شهدت الدبلوماسية السعودية تغيرا ملموسا في التعاطي حتى مع حلفائها الغربيين وعلى رأسهم واشنطن، لاسيما بعد أن أبرمت الأخيرة صفقة مع روسيا جنبت نظام بشار الأسد أي هجوم عقابي جزاء لما اقترفته قواته في مذبحة لغوطة، حيث خنق كيماوي النظام ما يقرب من 1500 شخص بريء، نسبة لابأس بها منهم أطفال ونساء.

كما إن واشنطن بدأت تقاربا مشبوها مع إيران، التي كان لها الدور الأكبر في تدمير العراق وتطييفه، والهيمنة على لبنان، وأخيرا طالت يدها سوريا لتعيث فيها قتلا وتدميرا إلى جانب نظام بشار، مشعلة نار فتنة مذهبية كبيرة، حيث جيشت كل قواها مع حلفائها في العراق ولبنان للدفاع عن "بشارها"، تحت غطاء طائفي لايقبل التشكيك.

وقبل خطوتها الأخيرة، التي رفضت عضوية مجلس الأمن، استنكفت الرياض مؤخرا عن إلقاء كلمتها السنوية من منبر الأمم المتحدة، في حركة احتجاجية واضحة، لكنها بقيت أقل زخما من رفضها لقبول عضوية مجلس الأمن.

ويبدو أن السعوديين يشعرون بخيبة أمل كبيرة من مواقف الغرب خصوصا، لاسيما أنهم لم يكونوا يعولون أبدا على الموقفين الروسي والصيني، بل إن السعوديين تصادموا مع موسكو مرارا على خلفية الملف السوري، ومن هنا تبدو حركة رفض عضوية مجلس الأمن احتجاجا على سياسة الغرب، ولاسيما واشنطن، أكثر مما هي احتجاج على مواقف روسيا والصين، التي عبرت الرياض كثيرا عن استيائها منهما، بطرق مباشرة وغير مباشرة.

كما إن حركة الرياض الأخيرة تعني فيما تعني أن المبادرات السياسية التي تطرحها الدول العظمى في الوقت الضائع لم تعد تعني للسعودية شيئا، لاسيما أن جميع هذه المبادرات كانت لإعطاء مزيد من الفرص لنظام بشار، بل وحتى لإعادة تعويمه، وتقديمه كحاكم شرعي، بعد تلميع صورته من جديد.

وإذا أضيف لهذه الحركة الدبلوماسية عميقة المغزى، تحرك السعودية لتسليح أو تمويل تسليح بعض كتائب الثوار، وما قيل عن دورها في إنشاء جيش الإسلام، الذي يشكل اتحاد 50 فصيلا مقاتلا.. إذا نظر إلى كل ذلك في إطاره الشامل، فإن السعودية تبدو ميالة وبشكل كبير نحو ما يراه معظم السوريين الثائرين من أن الحل السياسي "ضحك على اللحى"، وأن الميدان يبقى صاحب كلمة الفصل.

ولا يمكن بحال من الأحوال أن نعزل صراع طهران مع الرياض، ولايمكن للسعودية في هذا المجال أن تنسى ما خسرته أيام "الانتصار المزعوم" لمليشيا حزب الله في حرب تموز 2006، وكيف استغل نظاما طهران ودمشق هذا الملف لحصد مكاسب سياسية، كان أهمها إبعاد الأضواء عن اتهام نظام بشار بقتل رفيق الحريري، أبرز عرابي السياسة السعودية في لبنان والعالم العربي، رغم أن كل ما خسرته السعودية في أعقاب 2006، لايمكن مقارنته إطلاقا بما خسرته وستخسره مع استمرار نظام بشار المدعوم من ملالي طهران، حيث باتت جميع أوراق اللعبة مكشوفة، ولم يعد لدى طهران أو بشار أو حتى المالكي ونصر الله من أشياء تستحق الإخفاء، بل إن كل واحدا منهم كشر عن أنياب أطماعه وأهدافه بطريقته.. فلماذا تبقى السعودية "خجلة" من إظهار مشروعها، الذي تعده نقيضا تاريخيا لمشروع صفوي، ابتلع بلدين عربيين محوريين هما العراق وسوريا، ويمكن له أن يبتلع المزيد من الدول، وأولها دول الخليج، ما لم يجد من يكبح جماحه.. سؤال يبدو أن الرياض وجدت عليه الجواب اليقين مؤخرا، فقررت أن تحدث ما يشبه الانقلاب في سياستها، تجاه الشرق والغرب، الذي لم يعد خافيا توطؤه على قضايا العرب، وتقديمه لإيران الصفوية عليهم، كما كان من قبل يفضل إيران الشاه.

إيثار عبدالحق - تحليل إخباري - زمان الوصل
(117)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي