مصاعب الثورة السورية ... والتنظيمات الجهادية "القاعدة" و الاسلام السياسي
(الجزء الاول)
مع تطور الثورة السورية ودخولها مصاعب جديدة ، ربما نكرر هنا دعوتنا القديمة "حماية الدين من السياسة" ، بالرغم اننا لا نستطيع نكران الدور الايجابي للدين في الثورة السورية ، فانطلاق الثورة السورية من اجل الكرامة ابتدأت من الجوامع... والسؤال البديهي المطرح لكل منا هنا ، ماهذا التناقض في حديثنا؟ بالطبع نتفق مع الكثير بان الشكل الظاهري لهذه الحالة يدل على وجود تناقض في مقدمتنا. ولكن ولدى التدقيق بمسار التاريخي للثورة وجوهر العملية التي حصلت نجد الكثير من الحقائق التي يجب ان نقف عندها لكشف الملابسات في هذه النقطة ، لان اهمالها قد يوصلنا لنتائج غير معروفة عقباه. وتدل على جهل لسنا بحاجة له.
ان ثقافة المجتمع السوري بكل اطيافه المتنوعة ، هي ثقافة دينية متوارثة عبر التاريخ، ونحن السوريين نعتز بهذا ونفهم ذلك جيدا. اذا هي ذات طابع اجتماعي وليس سياسيا، رغم من المحاولات الكثيرة لعملية التأويل دون الاستناد الى اسس علمية لفهم المتغيرات الحاصلة في المجتمع السوري. لذا نحن بدورنا هنا ومازلنا نؤكد ان الحراك الشعبي السوري بثورته يعتمد بالدرجة لاولى على طابعها الاجتماعي وليس السياسي، وان كانت النتيجة الحتمية لهذا الحراك الاجتماعي هي تغييرات سياسية واقتصادية نتيجة تلازم والترابط فيما بينهم. نركز هنا على هذه النقطة لوجود فرق كبير في البديهيات الاساسية لفهم الظاهرة ، الحراك الشعبي السوري لم يكن هادفة ومنظما ضمن استراتيجية لجهة سياسية ما ، كما يريد البعض اظهار وذلك في عبارات طائشة ، اذا هي نتيجة قانون اجتماعي "التراكم الكمي يؤدي الى تحول كيفي" ومن خلال مراقبة لتطور الثورة السورية نجد ان الجوامع كانت المكان الوحيد لهذا المتنفس الاجتماعي ولعبت دورا اساسيا في تجمهر الناس للمطالبة بحقوقها ، وبعيدة عن اي ايديولوجيا جميع الاحزاب السياسية وايضا لتلك التنظيمات الجهادية "القاعدة" والاسلام السياسي، ومع تطور الاحداث ونظرا لان الحراك الشعبي كان طبيعيا ،ودون افق للنتائج الحراك لغياب سياسيين قادرين على ترجمة امال شعبهم ، بدأت القوى الخارجية بالاصطياد في الماء العكر كما يقال، وحسب مصالحها ، والتنظيمات الجهادية او الاسلام السياسي ما هي الا عبارة عن ادات لهذه الجهات والقوى الاقليمية والدولية بشكل مباشر او غير مباشر ، وسواء كانت متحالفة من النظام القائم او تظهر له العداء.
قد لا تتسع الكلمات للكتابة في هذه الافتتاحية عن "التنظيمات الجهادية " ويمكن ان نقدمها ضمن دراسات صحفية خاصة ، ولكن عبر سؤال نطرحه ، من المستفيد من وجود مثل هذه التنظيمات؟. وبنظرة تاريخية سريعة في الية عمل التنظيمات الجهادية ، نجد انها كانت قد استخدمت كأدات في الحرب "كما اطلق عليها الحرب بالوكالة، ابان الحرب الباردة نذكر مثالا : الحرب في افغانستان زمن الاحتلال الاتحاد السوفيتي. بسقوط الاتحاد السوفيتي و انتهاء الحرب الباردة ، نجد انه قد ولد وترعرع تنظيم القاعدة ، برز اسم هذا التنظيم بعد احداث 11 سيبتمبر وعلما انه ومن المفترض فناء مثل هذه التنظيمات نظرا لزوال العدو الذي كان يحارب ضده ، وليس بناء حركة سياسية جهادية عالمية تحت شعار الاسلام والمتاجرة به، والسؤال المطروح لدينا لماذا حصل العكس ما يجب ان يحدث؟.ومن المستفيد من وجود مثل هذه التنظيمات حتى الوقت الحاضر؟ وهل هذه التنظيمات لها كيانها المستقل قادرة على ان تعيش مستقلة دون دعم جهات دولية اخرى ؟
ان سقوط المنظومة التي كانت تدعي الاشتراكية ، وظهور مصطلح الشرطي العالمي والذي اطلق على الولايات المتحدة الامريكية، نجد الكثير من الاستفسارات ،اولا والمعادلات السياسية الدولية بدأت تختلف وبدأت تظهر تحالفات جديدة بين الدول ، تتغير مع التغييرات في المعطيات السياسية ، فسقوط الاتحاد السوفيتي سبب حرجا للكثير من الانظمة الديكتاتورية في العالم ومنها الانظمة العربية ، ووضعها امام مجابهة بشكل مباشر مع اقوى دولة في العالم "الشرطي العالمي" ويمكن تقسيم هذه الى مراحل هذه المواجهة الى قسمين رئيسيين :
1- مرحلة البدائية والتشكيل "القاعدة" والولادة: يمكن اعتبار ذلك منذ سقوط الاتحاد السوفيتي الى احداث 11 سيبتمبر: في هذه المرحلة نجد التناقضات في نشأة وتطور هذه التنظيمات. بالسؤال عن صحة تلك الشائعة بان الولايات المتحدة هي من يدعم تلك التنظيمات ، نجد ان هناك معلومات متناقضة مثال : ايمن الظواهري وحسب تصريحات احد المخابرات الروسية أليكساندر ليتفننكو الذي اغتيل في لندن : "أيمن الظواهري كان عميلا للمخابرات الروسية وتم تدريبه لمدة 6 أشهر في داغستان وتلقى تدريباته من رابط هذه المقابلة :
http://www.jrnyquist.com/nyquist_2005_0813.htm
2- مرحلة الحرب المواجهة المباشرة او كما اطلق عليها الرئيس الامريكية جورج دبليو بوش "الحرب على الارهاب" والتي ابتدأت بعد احداث سيبتمبر ومازالت حتى الوقت الحاضر
وبالطبع ما يهمنا نحن هنا منطقتنا العربية ومن ثم الحديث عن الثورة السورية ومصاعبها ، لذا سنتحدث قليلا عن النظام العربي القائم وتناقضاته منذ احداث 11 سيبتمبر حتى الربيع العربي ومرحلة التنهد الاخير له
لدى امراجعة تاريخية ليست بالبعيدة ، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي في المصطلحات السياسية السائدة لدى الاعلام العربي، ومن ثم ما يتم تداوله بين الناس، نجد انه لدى رغبتنا في الدراسة العلمية الدقيقة ، لابد لنا من التدقيق عن ماهية تلك التعديلات في المصطلحات السائدة لدى الاعلام والعامة من الناس ، تم التغيير من "دول المواجهة ودول الخائنة" الى "دول الممانعة ودول الاعتدال" ، اذا من هنا نطرح سؤال العلاقة السرية بين الانظمة العربية!؟ ... رغم انها عبر العقود الماضية تنشر ثقافة العداء بين ابناء الشعوب العربية ، تحت حجج ومسميات كثيرة نذكرها جميعا. !؟.
ناتي هنا بالمثال عن المقارنة، ففي القضية الفلسطينية مثلا: تم الاتفاق على الخلاف فيما بينهم عن طريقة حل هذه المعضلة والمستمرة لعقود من الزمن ، اما ما يخص تحرير العراق من ديكتاتوريته على يد القوات الامريكية، فقد تم الاتفاق بينهم على مصطلح اطلق عليه "تحرير العراق من الاحتلال الامريكي" ، وقامت الانظمة العربية بشقيها "المعتدل والممانع" بدعم التنظيمات الجهادية في العراق ... وهم لا ينكرون ذلك ، والهدف منه كان للدفاع عن انظمتهم القائمة.
الجزء الثاني يتبع .....
مصاعب الثورة السورية ... والتنظيمات الجهادية "القاعدة" و الاسلام السياسي الجزء الاول

معز محي الدين ابو الجدايل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية