تغيرت عادات العيد في حياة السوريين وحل كثير من الحزن محل حاراتهم ومدنهم وأراجيح أطفالهم وقبلاتهم وزياراتهم وشوارعهم المكتظة بالحياة حتى الأمس القريب.
ففي العيد السادس حيث يمر على السوريين، حلت وسائل التواصل الاجتماعي "فيس وتويتر" ورسائل موبيلاتهم بعد أن مزقت حرب النظام العائلة السورية فرقا وتقطعت بهم الجغرافيا بين قارات الأرض المتباعدة ... " سنحتفل يقول أمجد لأنها سنّة الحياة وتقاليدنا وأعرافنا حتى لو باتصال قصير أو رسالة أثير لا نريد للشام أن تتغير ولن نقبل أن يقهرنا نظام سيزول ".
وتعج صفحات التواصل الاجتماعي بكلمات المعايدة للسوريين بعضها جماعي لكل سوريا وأهلها وآخر فردية تستعيد ذكريات أعياد قبل الثورة وقبل فقدان العديد من الأصدقاء والأحبة شهيدا أم مهجرا في دول الجوار الإقليمي أم ما وراء البحار بعيدا. كتب أحدهم "في السويد أم شيكاغو في الزعتري الأردني أم في أطمه ولو تفتلوا الكون مثل العيد بسوريا ما راح يكون لا تنسوا سوريا وأعيادها ينعاد عليكم".
فيما حملت إحدى صفحات الأمهات تتذكر شهيدها "كل الناس بتعايد بعض وأنا أشتهي ألمس تراب قبرك يا عيدي الذي راح وكيف أعايد بدونك وأنت كنت مالي كل حياتنا".
وبين رسائل المعايدة وحب السوريين للحياة تختطف منهم المأساة عباراتهم وتحولها من دون أن يدروا إلى أحزان لا تعرف النهاية وبين حروف رسائلهم ثمة أمل في القادم لأعياد بطعم مختلف ولون وعادات قد تختلف قليلا لكن أصلها سوري الهوى والمنبت.
ففي رسائل "الواتس أب" أيضا يتبادل مرسلها ومستقبلها عبارات وذكريات كانت تجمعهم في وطن واحد، لكنهم يسارعون للانتقال للحديث عن الأمل عبر كتابة آخر تطورات الوضع الميداني في الساحات السورية " قصف الحر ساحة الأمويين تخربطوا شبيحة الإعلام هربوا من الاستديوا خذ هذا الرابط". فيما اختار الكثير عبر "اليوتيوب" أغانٍ تصدح للشام ومجدها وفيروزيات الصباح راجعين يا هوى راجعين".
يحتفل السوريون بالعيد وعلى طريقتهم الخاصة حتى وهم مهجرون في رسالة تحمل تحدياً لمن يريدون لهم الحزن والخراب .. فإن عيونهم ترنو إلى أفق العيد الأكبر في حياتهم الحاضرة وفي المستقبل، العيد الذي يؤكد حقهم في الوجود والأمان والحرية وتقرير المصير، قبل حق تجار السياسة والحروب وتوريث البلد.. العيد الذي ينتشر فيه السلام والأخوة والفرح.
وتخلى السوريون عن تقاليد أعيادهم التي اعتادوا ممارستها طيلة عقود من حياتهم ليمر عيدهم السادس بحزن يملأ المآقي، فالحرب كوت بيوتهم ومستقبلهم وهجرتهم خارج وطنهم وأطل غلاء الأسعار الذي حال دون شراء ملابس جديدة أو حلويات العيد أو حتى مساعدة بعضهم البعض ويجمع عدد كبير من الأهالى على أن جرائم النظام وقتله للمدنيين وتدميره للمدن لم يترك مساحة للفرح.
يقول بسام سويدان (مهندس) إن الحرب في البلاد لم تترك مكانا للبسمة، فالعديد من العائلات فقدت أحد أفرادها فهو إما قتل أو اعتقل أو خطف أو فقد أو سافر، فلا مجال للفرح أو الاحتفال، مبينا أن هموم العائلات أكبر من أي فرح بسيط متسائلا بمرارة وهموم "من نعايد وقد رحل الأهل والأصدقاء والمدن نراهم أحيانا عبر شاشات التلفزة وهي تتحدث عن مهجرين في هذا المخيم أو ذلك أو ناج من غرق بحر".
محمد العويد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية