فيما خص تقرير منظمة "هيومان رايس ووتش" عن الجرائم التي ارتكبتها المعارضة المسلحة في قرى ريف اللاذقية، يجب القول في البداية إنه يجب إدانة أية انتهاكات من هذا النوع وأن لا نجعلها مبررة بأي شكل من الأشكال، فقتل المدنيين وعلى رأسهم النساء والأطفال ليس مقبولا أبدا ومنهي عنه في القانون الدولي الإنساني وفي الشريعة الإسلامية. وكلنا يذكر وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه بأن "لا تقتلوا شيخا أو امرأة ولا طفلا"، وبالتالي يجب أن نكون واضحين في رفض هذه التصرفات حتى ولو أتت من جانب المعارضة.
القضية الأخرى أنني كنت من أوائل من حذر من تصاعد هذه التصرفات على يد الجيش الحر وقلت إنها تقتل مصداقيته وما خرج من أجله والدعم الذي حصل عليه من قبل السوريين من أجل الدفاع عنه وحمايته من عصابات الأسد والشبيحة التي لا يردعها ضمير أخلاقي ولا قانوني ولا مانع سياسي من ارتكاب أبشع الفظائع التي ارتكبتها البشرية ومنظمة "هيومان رايتس ووتش" وثّقت ذلك في أكثر من تقرير كان آخرها مجزرة بانياس والتي تظهر حقدا طائفيا في ذبح وحرق الأطفال لا مثيل له عبر التاريخ وبالتالي فأسوأ شيء هو أن نحاول أن نكون مثلهم.
ثالثا، أجريت عدة اجتماعات مطولة مع لجنة التحقيق الدولية المكلفة من قبل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومع "هيومان رايس ووتش" في جنيف بضرورة عدم اعتبار "داعش" جزءا من المعارضة السورية المسلحة لأنه ينطبق عليها في القانون الدولي ما نسميه "الطرف الثالث" أو "Third Party" أي أن طرفا ثالثا يستغل الفوضى الحاصلة خلال نزاع مسلح فيقوم بالتدخل من أجل تحقيق أهدافه السياسية أو العسكرية وهذا ما ينطبق تماماً على داعش "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" حيث إن أكثر من ٩٠ بالمائة من تركيبتها ليسوا بسوريين وإنما جهات أجنبية. وثانيا هي تقوم بمحاربة الجيش الحر نفسه عبر فتح الجبهات العسكرية ضده والتقدم شمالا باتجاه المناطق المحررة بدل أن تتجه جنوبا باتجاه المناطق التي يسيطر عليها النظام وبالتالي فهي لديها أهداف سياسية وعسكرية معلنة ضد الجيش الحر وعليه يجب عدم اعتبارها ولا بأي شكل من الأشكال جزءا منه وهو ما وافقت عليه اللجنة الدولية وسيجري تضمينه في تقريرها القادم.
اخيراً من الواضح أن الخارطة السورية بدأت تتعقد كثيرا وأن خروج هذه الجماعات أصبح يضر بالثورة السورية وقضيتها وصورتها وهو ما يحتم علينا البحث عن استراتيجية مشتركة لحماية الجيش الحر الذي نحميه وندافع عنه من أية محاولات قادمة لتجريمه قانونيا بسبب تلك الجرائم التي ترتكب وتحسب عليه.
مدير المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية - من كتاب زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية