أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تدجين المعارضة في "جنيف2" ... فرمز حسين

معاناة السوريين تتفاقم داخل الوطن وخارجه والنظام يزداد لامبالاة بأرواحهم ومقدراتهم وتكبر غطرسته واستخفافه بعقول البشر وكأنه ينتشي رحيق الحياة من خلال سفك دماء مواطنيه وفي أحسن الأحوال, تهجيرهم, تجويعهم إذلال الصامدين منهم و كسر إرادتهم كما أن نشوته تبلغ ذروتها مع تزايد الحديث عن المجموعات الإرهابية, أركان النظام يتمنون في قرارة أنفسهم بأن يرتكب هؤلاء المزيد من الأعمال الوحشية وأن يعيثوا فسادا في طول البلاد وعرضها كي ينشروا الرعب والترويع كأن بهم ينتقمون من المواطن العادي ولسان حالهم يقول: تفضلوا هؤلاء هم ثمرة مناداتكم بالحرية وما تصريحات المعلم عن حرب النظام المزعومة مع الإرهاب و عن نية سيده بعدم التخلي عن السلطة وقبولهم الحوار حصرا مع المعارضة المرخصة لها في "جنيف2" إلا أكبر دليل على سير النظام في حلّه الأمني ودليل عقم الاجتماع المزمع عقده في جنيف، إذ من الأفضل للنظام الجلوس مع المعارضة المذكورة في مقهى "الهافانا" أو "الروضة" في دمشق فلماذا عناء السفر إلى جنيف! 

سلطة الأمر الواقع البعثية نجحت بنقل الصورة التي تلائمها عن المعارضة السورية ولم توفر وسيلة لتحقيق ذلك، والموالون للنظام مازالوا يساهمون بكل إمكاناتهم للتشويش على الثورة فهناك من أمطر أعضاء الكونغرس الأمريكي بالرسائل والعشرات منهم حاولوا اللقاء بالمؤثرين على القرار لكي يصوتوا ضد ضربة عسكرية على مواقع النظام وفي المحافل الدولية يرتفع صوت الجعفري والمعلم لإعلان حربهم على الارهاب! 

وهل هناك تنظيم إرهابي أكثر من القاعدة؟ التي تعدّ العدو رقم واحد لأنظمة الشرق والغرب معا!
قوى المعارضة بدورها لم تنجح بشكل كافٍ في نقل حقيقة الصراع الدامي في سوريا ونقل آمال وآلام وتطلعات السوريين فيما الجماعات المتشددة تزداد نفوذا بينما المنضوون تحت راية الائتلاف منهمكون بمن سيتبوأ ماذا؟ في صراع على مناصب وهمية وكراسي لا وجود لها! ليس هناك من يعتقد بعد مرور ثلاثين شهرا على حرب استنزاف دموية بأن قوى المعارضة الذكية لم تفهم بعد بأن ضلوع الجماعات المتطرفة المرتبطة بالقاعدة في الثورة السورية أعطت صبغة الإرهاب للثورة ما يعني الموت البطيء لكن الأكيد لها, يبدو أن ضعف ارتباطهم بأرض الواقع وقلة الحيلة فيما يتعلق بمسألة التأثير على الداخل حيث حتى الآن لا يوجد للائتلاف ممثلين في سوريا على الرغم من وجود مناطق كثيرة غير خاضعة لسيطرة النظام, بل نراهم يصفقون لكل من يحمل السلاح ضد الأسد بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية أو السياسية, هذا باستثناء نبرة خجولة جدا أعلن الائتلاف من خلالها عدم الاعتراف بجبهة النصرة مقابل عدم اعتراف الجبهة المذكورة وصحبها بهم. 

المعتدلون من قوى المعارضة سياسيين كانوا أم عسكريين الساعون إلى التحرر من نظام الاستبداد والانتقال بسوريا إلى بلد مدني, ديمقراطي, تعددي ذي نظام برلماني حر, عليهم إعلان تبرئتهم من أية علاقة مع متطرفي جبهة النصرة, دولة العراق والشام وكل تنظيم طائفي لا يبلور تطلعات السوريين. من يعتقد بأن توحيد الصفوف مع هؤلاء يخدم الثورة فهو واهم ومن يدّعي الابتعاد عن خوض معارك وخصومات جانبية وبأن العدو الرئيسي هو النظام فقط فهو أيضا واهم, عدو الثورة هو كل من يساهم في إطالة أمد معاناة وآلام وعذابات السوريين, عدو الثورة كل من يؤلب الرأي العام ضد مصلحة الشعب السوري ويساهم في حجب التعاطف الدولي, إعطاء صورة واضحة عن بديل ديمقراطي لحكم الأسد للداخل والخارج على السواء سوف يساهم إلى زعزعة جبروت النظام والإطاحة به. 

الأمر في ظل كل هذه المعطيات لا يحتاج إلى الكثير من الذكاء لكي يعرف المرء بأن مؤتمر "جنيف2" لن يفضي إلى قرارات من شأنها حل الصراع في سوريا لصالح الشعب السوري بل كل الدلائل تشير الى أن روسيا قد نجحت في إقناع الأمريكيين الذين كانوا مترددين في الأساس بأن الرهان على معارضة تهيمن عليها تيارات إسلامية متطرفة خاسر فيما يكمن الربح في التعاون مع روسيا وتحقيق نجاحات سياسية بتفكيك الترسانة الكيماوية السورية من جهة، وضمان تعاون إيران معها لحصر تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية مقابل البقاء على نظام الأسد حتى إشعار آخر من جهة أخرى.

روسيا سوف تطالب الدول الداعمة للمعارضة المسلحة بوقف إمدادتها العسكرية لهم, بل ربما لن تكتفي بالمطالبة بل قد تمارس ضغوطا عليهم من أجل تنفيذ ذلك.
الهدف من "جنيف2" هو تدجين المعارضة السورية في حظيرة النظام.

فرمز حسين
(113)    هل أعجبتك المقالة (110)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي