بين العدالة وتحقيق السلام في سوريا

تعيش سوريا اليوم مخاض ولادة لمستقبل يصعب على أي امرئ مهما علا كعبه أن يتنبأ به، فكل الخيارات أصبحت ممكنة، وما كان مستحيلا في الماضي يبدو اليوم قريبا جداً من الواقع، لقد أدخل العنف الأعمى والمستمر الذي مارسه الأسد ضد الشعب السوري سوريا في حالة من الفوضى والانقسام الاجتماعي والواقعي الخطير، فلم تعد سوريا كما يعرفها السوريون، وإنما أصبحت سوريا الواحدة سوريات كثيرة الكل يتناهشها ويطمع في الحصول على جزء منها، وعلى ذلك يكون هدف تحقيق السلام بالنسبة للسوريين هو الهدف الرئيسي والأول بعد التخلص من الأسد، كما أنه يصبح الهدف الأول والأخير للمجتمع الدولي تأمين الاستقرار ولملمة الفوضى التي سيتركها الأسد، ومن أجل ذلك يعتقد الكثيرون أن لا بد من نسيان العدالة أو ضمانات تحقيقها لأن ذلك سيؤثر على الاستقرار، ويحول زعماء عصابات الشبيحة إلى مصدر دائم للعنف والفوضى، حيث سيكون لهم مصلحة حقيقية في ضمان عدم استقرار النظام الجديد.

هذا بكل تأكيد تحدٍ كبير عاشته الكثير من المجتمعات التي مرت بما تمر به سوريا اليوم، لكن ما أود قوله اليوم إنه لضمان الاستقرار لابد من تحقيق العدالة، وإلا فإن لغة الانتقام ستكون سيدة الموقف، لذلك فإن المعادلة في سوريا المستقبل يجب أن تكون لا استقرار دون عدالة وليس كما يكرر البعض لا استقرار مع العدالة.

مدير المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية - من كتاب زمان الوصل
(107)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي