سوف نتكلم في هذه الزاوية عن قضايا الثورة السورية، من دون لف و دوران أو تورية وتمويه، ببساطة وعلى المكشوف، ومن الآخر، ومتوجهين نحو المقاصد كاشفين الخفايا والنوايا. لتكون زاوية يطّلع بها من هو خارج المطبخ السياسي على ما يجري داخله.
في السابق، أيام القمع الديكتاتوري، كنا نتكلم بما هو معروف للجميع، لكن لا أحد يجرؤ على البوح به، ولا إشهاره علنا، كانت الأفكار والمواقف تبقى حبيسة الذاكرة التي حولها القمع لسجن كبير، سجن تحطم فجأة مع اندلاع الثورة.. على شكل عبارات صدحت بها الشوارع والأزقة، بعد أن مزقت جدران الخوف.
الله أكبر، ما أجمل الحرية وما أقسى الاستبداد .. الله أكبر كم كان رهيبا ذلك السجن الذي وضعنا أنفسنا به لعقود وعقود من الصمت والظلام والذل.
ومع ذلك بعد الثورة بدأنا ببناء سجون جديدة لحريتنا ولآرائنا ومواقفنا ... سجون، نبنيها عندما نسكت عن شيء خوفا ربما على مصالح خاصة .. بنيت على حساب الحق ومن بعده الحقيقة. أو خوفا على علاقة بنيت مع آخر مرتكب، يربط صداقته معنا بالستر والتستر لو كان على حساب الحق، أو ربما نسكت كي لا نقع في لسان من فهموا الحرية أنها سباب وشتائم، وليست احتراما للذات ولا للآخر.. و للرابط بينهما وهو الأدب والحق، حتى صارت منابر الإعلام الحر حلبات مصارعة، يمارس فيها الشتامون متعتهم السادية، وهم متيقنون من أن الطرف الآخر سيصاب بالمشاعر التي أرادوا إيصالها بعد توفر الوسيلة الآمنة.
ساحة الحرية الآن في خطر من نوع جديد يحاصرها الشتم والمصالح، المصالح التي تعودت أن تكون بعيدة عن الشرعية. لذلك قال الكواكبي الفساد والاستبداد صنوان .. بمقدار الفساد بمقدار القمع وبالعكس.
صار الكثيرون يفضلون السكوت والاستماع والتفرج رغم الحرية المدعاة، والتي ليست سوى تجديد للأسر إذا لم تستند لمبدأ الحق والعدل والقيم الأخلاقية الأخرى، فالحرية لوحدها لن تكون نافعة من دون نظامها الأخلاقي المتكامل، والثورة ليست ثورة إذا كان هدفها فقط تحطيم القيود، بل لابد لكل اجتماع إنساني من ضوابط خلقية وقانونية تجعل للحرية فضاء رحبا محروسا بالنزاهة والحق والحقيقية التي هي في نهاية المطاف المنفعة....
مجددا صارت ممارسة الحرية تحتاج لثورة وتمرد من نوع آخر، وجرأة خاصة من نوع مختلف ... لذلك ستكونون على موعد في هذه الزاوية مع إضاءات على أحداث ومواقف وتحليلات يتم التهرب منها عادة لصعوبتها أو للخوف من تبعات طرحها، و أنا أعدكم أن أستمر كما كنت باعتباري سجين ضمير فقط ولا شيء آخر، جاعلا هدفي اطلاع الرأي العام على ما يجري، معتبرا هذا مقدمة للديمقراطية التي تعني محاربة الفساد أيضا، لذلك يمكنكم اعتباري معارضة على المعارضة و بمقدار انحرافها.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية