"ديمقراطية" أخطر من الكيماوي

بعد أن وصف اتحاد الديمقراطيين السوريين بعض الائتلاف بالتعفن الذي يجب التخلص منه، فقد اقترحت أن ننظم ورشة تدريبية، على النظافة والصحة والديمقراطية في الائتلاف، لمن يجد نفسه متعفنا عليلا، أو يكشف فحصه الدموي أنه ليس ديمقراطيا.
وبعد أن وصف -نفس المؤتمر- القومية بمولد الاستبداد، وحكم الشريعة بأداته التي تولد الأصولية، نصحت بأن نطبق القانون المدني الفرنسي لأن الشرعي ظالم ومستبد يشبه النظام كما قالوا، فالقانون المدني العلماني هو الذي سيحمينا من كارثة الشريعة واللإسلام الذي جاء بها، خاصة الفكر الإسلامي الأصولي، الذي يرى ضرورة العودة لأصل الدين متحررا من أشكاله.. فمن وجهة نظرهم "العطل" على ما يبدو في الأصل وليس في الشكل ولا في التطبيق.
وعليه؛ ولكي نكون ديموقراطيين علينا أن نبتعد عن الدين، والأفضل أن نكون شيوعيين كفارا، بعد أن وجب علينا أن نكون بلا أصل ولا هوية "متعفنة" جاءت لنا بالاستبداد على حد وصفهم، ولم يبق علينا سوى التخلي عن "ش ... نا" حتى نبرهن لهم على أننا ديمقراطيون، ونحب الأقليات، لكي نستحق الحياة على أرضنا ولا نتعرض لحرب إبادة تستأصل الإرهاب.
إنها كما ترون ديمقراطية التخلي والتعري، فالنظام يقتلنا ويدمر منازلنا ويهجرنا، والديمقراطيون يستكملون تحطيم ثقافتنا وهويتنا.. أليست هذه الديمقراطية أخطر من سلاح التدمير الشامل؟
بكل أسف، لم تعد المسالة في سوريا مسألة شكل نظام الحكم: (ديمقراطي، إسلامي، مدني،خلافة)، بل أصبحت مسألة وجود وأرض وحق في الحياة ومسألة هوية، لقد دفعنا المشروع الفارسي الصفوي لحرب لا هوادة فيها، تشن على وجودنا في أرضنا وعلى هويتنا، مما اضطرنا لتغيير أولوياتنا وإيديولوجياتنا، مع الاعتذار ممن لا يفهم أننا نتعرض لحرب إبادة وتهجير وتغيير ديمغرافي بتعاون دولي، وحقد عنصري ومذهبي.
نحن نعتذر لكل من يظن أننا نفعل ذلك خيانة له، أو لمشروعنا المشترك في وطن للجميع، لكن الوضع قد تغير كثيرا عن بداية الثورة التي قامت ضد الاستبداد فحملت شعار الحرية.
وبعد التوافق الروسي الفارسي الأمريكي صرنا أمام امتحان وجود، سنخوضه بكل الوسائل ، وبكل أسف التشدد القومي والديني هو الوسيلة الوحيدة المتبقية، وسط تآمر الصديق، وتخاذل الشقيق، حتى شركاء الوطن يساهمون في الحرب ضدنا، بقتل الهوية العربية والثقافة الإسلامية، مشاركين النظام في حربه الوجودية ضدنا.
لا تؤاخذونا يا رفاق يا شيوعيين ديمقراطيين.. فقط عندما نضمن حق الحياة لأهلنا في أرضهم، سوف نعود للحوار معكم.. وقبل ذلك سنقاتل حتى آخر رجل فينا، للبقاء كعرب مسلمين سنة يشكلون هوية هذه المنطقة.
أنا آسف للكلام الصريح، فلقد بلغ السيل الزبى بمواقف الجميع وتآمرهم واستخفافهم بعذاباتنا، من روسيا وأمريكا، وصولا إلى أطراف من المعارضة لا تتحدث سوى عن "جرائم" الجيش الحر أمام المسؤولين في الغرب والأمم المتحدة، وتتغاضى عن إرهاب الدولة وحرب الإبادة، والغزو الاستيطاني الفارسي، وتتباكى على السلمية، وضياع الثورة و"انحرافها"، وتخاف على "الدولة" من الانهيار.. الدولة وأي دولة.. التي تبيد الأغلبية لصالح الأقليات.. هل تظنون أننا لا نفهم هذه اللعبة.
أي وطنية هذه.. وأي ديمقراطية قاتلة.. خللونا بالعفن أحسن.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية