أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مالفرق بين الصنم والتمثال ؟ ... د . أحمد عبد الرزاق العجاج


قبل الدخول في تفاصيل الموضوع أود التنبيه على أن السبب في طرح هذا السؤال هو تكرار حوادث تدمير التماثيل والرموز الثقافية والتراثية والدينية في سوريا من قبل جماعات متشددة مشبوهة الانتماء والأهداف بحجة محاربة الأصنام ومستندين على نصوص دينية متعددة تبيح ذلك , فهل مافعلوه ويفعلونه هو حقاً تدمير للأصنام أم تدمير للثقافة والتراث والمعرفة والحرية ؟!! وهل الشعب السوري يعبد الأصنام ويعيش في جاهلية وينتظر أن يأتي هؤلاء الفرسان لينشروا الإسلام في ربوع الشام ؟!!! .
ماذا تعني كلمة صنم ؟! وماذا تعني كلمة تمثال ؟!! ومالفرق بينهما ؟!!
لغوياً : ماذا تعني كلمة صنم ؟ :
الصَّنَمُ - صَنَمُ :
الصَّنَمُ : تمثالٌ من حَجَرٍ أو خشبٍ أَو معدِنٍ كانوا يزعمون أَنَّ عبادتَه تقربهم إلى الله . والجمع : أَصنام
المعجم: المعجم الوسيط
صَنَم :
جمع أصنام : كلّ ما عُبد من دون الله من تمثال أو صورة يُزْعم أن عبادتها تقرِّب إلى الله " { فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ } - { وَتَاللهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } ".
المعجم: اللغة العربية المعاصر
ماذا تعني كلمة تمثال ؟ :
التِّمْثَالُ - تِمْثَالُ :
التِّمْثَالُ : ما نُحِتَ منْ حجر .
أَوصُنِعَ من نُحاس ونحوِه يحاكى به 1 .
خَلْقٌ من الطبيعة ، أْو يمثِّل به معنَّى يكون رمزًّا له .
و التِّمْثَالُ الصُّورةُ في الثَّوب ونحوه ؛ يقال : في ثوبه تماثيلُ : صُوَرُ حيوانات . والجمع : تماثيلُ .
المعجم: المعجم الوسيط

تمثال - ج ، تماثيل:
1 - تمثال الصورة . 2 - تمثاله و ما ينحته المثال أو النحات في الحجر أو المعدن أو غيرهما من صورة أو رمز للطبيعة والمخلوقات .
المعجم: الرائد
كما نلاحظ فإن الفرق الأساسي بين كلمتي صنم وتمثال هو أن صناعة ونحت الصنم إنما يراد به التأليه أو الشرك , أي الاعتقاد بألوهية الصنم أو من يمثله أو بإشراكه في الألوهية والتقرب به إلى الله ولا يراد ذلك من صناعة أو نحت التماثيل , والتمثال هو أحد أشكال الأصنام وليس كلها , فالصنم يمكن أن يكون صورة أو خشبة أو أيقونة أو انسان أو حيوان أو حجر أو مكان أو أو ... الخ , فمعنى الصنم أكثر شمولية من معنى التمثال , فليس كل صنم تمثال وليس كل تمثال صنم .
تاريخياً :
ارتبطت الأصنام عبر التاريخ بمصالح ثلاث فئات من المجتمع وهي :
1- الحكام والملوك
2- الكهنة
3- أرباب المال
وكل من هذه الفئات تبحث في الأصنام كآلهة أو مساعدي آلهة أو تجسيد لإرادة آلهة عن مصالحها الخاصة , فالملوك يريدون السلطة الروحية التي تخضع الشعوب باطنياً لحكمها أي تبرر حكمها وجودياً وتربطه بالآلهة وليست هناك قوة على الأرض أقوى من هذه السلطة , ومن خلال السيطرة الروحية والمترافقة دائمة بسيطرة مادية تضمنها السيوف يمكن للملوك والسلاطين تحقيق كل مايريدونه , ولذلك لن تجد عبر التاريخ حاكماً لم يضع في أولوياته إخضاع المعابد لسيطرته والاهتمام بشؤون الأصنام ورعايتها , وبالطبع تطور الأمر لاحقاً لاستبدال هذه الأصنام الحجرية بأشكال أكثر تطوراً وذكاء كالأصنام البشرية والفكرية والأيقونات المغيبة ووو الخ .
والكهنة كانوا يربطون وجودهم بوجود هذه الأصنام من خلال حيل وأفكار يتم غرسها في نفوس الناس ويدمجون فيها بين الإله الغائب والصنم كممثل له على الأرض والكاهن كراع أو وكيل حصري لربط الإله عبر صنمه بالعالم الأرضي بكل مكوناته وخاصة البشرية , وبذلك يحصل الكهنة على شيء من الألوهية يحقق لهم كل مايحلمون به , ودائماً بالتنسيق مع الملوك وأرباب المال الذين بدورهم يستفيدون من وجود المركب السابق لحماية ثرواتهم وتبرير آليات جمعها وحفظها وفق أوامر إلهية صارمة .
شرعياً : ولأني لست فقيهاً ولايجوز لي أن أخوض في ماليس لي به علم فقد أخذت هذه الفتوى عن الأستاذ الدكتور محمد عمارة ويقول فيها :
سئل الأستاذ الدكتور محمد عمارة : هل يجوز تكسير التماثيل؟ وما هي الضوابط التي وضعتها الشريعة الإسلامية لهذا الأمر؟
فأجاب :

الموقف الشرعي للقضية ينبع من القرآن الكريم. وللقرآن الكريم مواقف متعددة إزاء التماثيل؛ فعلى سبيل المثال في عصر سيدنا سليمان عليه السلام جعل القرآن الكريم عمل التماثيل نعمة من نعم الله على سيدنا سليمان، فقد جاء في سورة سبأ وفي سياق تعداد نعم الله سبحانه وتعالى على سيدنا سليمان قول الله سبحانه: "ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير* يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرًا وقليل من عبادي الشكور"

في هذه الآية جاء ذكر التماثيل وعمل التماثيل في سياق تعداد النعم التي أنعم الله بها على سيدنا سليمان، ولم تكن تلك التماثيل يومها معبودة من دون الله، ولم تكن خطرًا على عقيدة التوحيد، ولم تكن تمثل شائبة تشوب نقاء عقيدة التوحيد.

أما في عصر سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام وعندما كانت التماثيل أصنامًا تُعبد من دون الله فإن الموقف القرآني تجسّد في تحطيم سيدنا إبراهيم لهذه التماثيل؛ إزالة للشرك وتنقية للتوحيد ومنعًا لأية شوائب يمكن أن تغري الإنسان بعبادة غير الله.

ونفس الموقف تكرر عندما كانت الوثنية العربية الجاهلية تتخذ الأصنام والتماثيل معبودات، يتقربون بها إلى الله زلفًا، ويجعلونها وسائط بين الإنسان وخالقه؛ لذلك كان تشريع القرآن الكريم لنبينا صلى الله عليه وسلم هو إزالة وتدمير وتحطيم كل هذه الأصنام المعبودة.

وقد نهى القرآن الكريم عن عبادة هذه الأصنام، وسفّه أحلام وعقول الذين يتخذونها معبودات من دون الله، وجسد هذا الموقف القرآني وطبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم؛ حيث أزالوا جميع ما كان في شبه الجزيرة العربية من أصنام، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة لم يدخل الكعبة إلا بعد تطهيرها من الأصنام والصور المجسدة، وكانت الأصنام تعلوها حيث جعلها المشركون متحفًا لكل ألوان وأنواع الأصنام، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة يحطمونها وهم يتلون قول الله سبحانه: "جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا".

إذن الموقف القرآني والتطبيقات النبوية، سواء على عهد سيدنا سليمان أو قبله؛ على عهد سيدنا إبراهيم أو في عصر ختم النبوة.. الموقف إزاء التماثيل ليس واحدًا، إنما يتعلق بالمقاصد إزاء هذه التماثيل: هل هي مجرد زينة تكون من نعم الله كما كانت لسليمان، أم أنها وسائط في العبادة، وشبهات يجب تحطيمها، كما حدث في ملة أبي الأنبياء إبراهيم، وملة وشريعة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.

ولقد سار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا النهج الذي لا يعمِّم؛ ففي الوقت الذي أزالوا فيه التماثيل المعبودة وحطموها، تركوا التماثيل في البلاد التي فتحوها عندما لم تكن معبودة من دون الله.. صنع ذلك في مصر فاتحها عمرو بن العاص، ومعه كوكبة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فهؤلاء الصحابة الذين فتحوا مصر والذين سبق وحطموا التماثيل المعبودة في شبه الجزيرة العربية هم الذين تركوا التماثيل في مصر؛ لأنها لم تكن معبودة، ولم يكن نصارى مصر يعبدونها، ولم تكن خطرًا على عقيدة الجيش المسلم الفاتح لمصر.

ونفس الشيء حدث عندما فتح المسلمون بلاد المشرق وذهبوا إلى أفغانستان، كان ذلك في عصر الخلافة الراشدة على عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه.. الصحابة الذين فتحوا أفغانستان رأوا فيها هذه التماثيل البوذية التي كانت موجودة قبل ذلك التاريخ، وتركوها وبقيت حتى عصرنا الراهن.

وحدث ذلك أيضًا عندما فتح المسلمون الهند، وتركوا فيها تماثيل بوذا، وعندما فتح المسلمون جزيرة صقلية وتركوا فيها الآثار الرومانية، وبقيت هذه التماثيل والآثار الرومانية حتى عصرنا الراهن، وزارها في أوائل القرن العشرين 1903 الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، وكتب عدة مقالات في مجلة المنار وتحدث فيها عن هذه التماثيل وكيف أنها ليست معبودة من دون الله، ولا تمثل خطرًا على عقيدة التوحيد، وإنما هي جزء من ذاكرة التاريخ.

وكتب الإمام محمد عبده هذه المقالات معلقًا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون"، وعلق فقال: إن الحديث جاء في أيام الوثنية وكانت الصور تُتخذ في ذلك العهد لسببين: الأول اللهو، والثاني التبرّك بمثال من ترسم صورته من الصالحين، والأمر الأول مما يبغضه الدين، والثاني مما جاء الإسلام لمحوه، والمصوَّر في الحالين شاغل عن الله، أو ممهد للإشراك به، فإذا زال العارضان وقُصدت الفائدة، كان تصوير الأشخاص بمنزلة تصوير النبات والشجر والمصنوعات، وقد صُنع ذلك في حواشي المصاحف، وأوائل السور، ولم يمنعه أحد من العلماء، مع أن فائدة نقش المصاحف موضوع النزاع، أما فائدة السور فمما لا نزاع فيه".

إن الشريعة الإسلامية ـ وهذا أيضًا كلام الإمام محمد عبده ـ أبعد من أن تحرّم وسيلة من أفضل وسائل العلم، بعد تحقيق أنه لا خطر فيها على الدين، لا من جهة العقيدة، ولا من جهة العمل، وليس هناك ما يمنع المسلمين من الجمع بين عقيدة التوحيد، ورسم صورة الإنسان والحيوان لتحقيق المعاني العلمية وتمثيل الصور الذهنية.

أيضًا هناك من الأدلة الشرعية تطبيقات عهد النبوة؛ فكما أزال الصحابة الصور والتماثيل عندما تكون معبودة من دون الله، استخدموها واستخدموا المرسوم فيها من صور الأصنام والتماثيل عندما لم تكن هناك مظنة لتعظيمها. فالسيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تروي في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده، فتقول: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد اشتريت نمطًا" أي نسيجًا من صوف، أو بساطا فيه صورة، ومعنى الصورة في الحديث النبوي وفي العهد النبوي صورة الصنم المعبود؛ لأن الذين كانوا ينسجون النسيج ويصدّرونه إلى شبه الجزيرة العربية حينئذ كانوا يعلمون أن العرب أهل وثنية وعبدة أصنام، وكانوا يرسمون صور الأصنام على الأقمشة كي تروج في تلك البيئة.

فالسيدة عائشة اشترت قماشًا فيه صورة، وعلقت هذا القماش على كوة أي على نافذة في منزل النبوة، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم كره هذا الذي صنعته عائشة.

وفي ذات الحديث برواية أنس بن مالك تعليل لسبب كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم تعليق هذا القماش وما فيه من الصور، يقول أنس: "كان ستر لعائشة قد سترت به جانب بيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أميطي، أي أزيحي عنا قِرَامَك هذا (ستر رقيق فيه ألوان ونقوش)، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي"، أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما وقف في المنزل يصلي رأى الصور أي صور الأصنام على هذا الستر المعلق أمامه، فكره ذلك لأن هذه الصور تخايله وهو يصلي، وطلب من السيدة عائشة أن تزيح هذا الستار، فأخذت السيدة عائشة هذا القماش وقطّعته وجعلته وسائد فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم هذه الوسائد ويتكئ عليها وفيها رسم الصور أي التماثيل، وهي في هذه الحالة ممتهنة أي أن الإنسان لا يعظمها.. أي أن علة التحريم قد انتفت.
أليس عجيباً بعد كل ماتقدم أن الكثير من المسلمين مازالوا يتحدثون بلغة تكسير الأصنام بعد أن أصبح عدد المسلمين على الأرض أكثر من مليار ونصف ؟!!!
أليس عجيباً أن تجد جامعياً متنوراً يستخدم أحدث وسائل الاتصالات والانترنت وكلها مليئة بالصور والمجسمات ثلاثية الأبعاد ويتفرج على الفضائيات وفيها صور وتماثيل لكل ماهو معروف على هذه الأرض ثم تجده ينقل لك فتوى لعالم عاش منذ ألف عام عن حرمة الأصنام ( وهو يقصد التماثيل !! ) دون أن يكون قادراً على التمييز بين الصنم والتمثال ؟!!!!!!!
أليس عجيباً أن تجد من يدعي العلم والثقافة يوافق على تدمير الثقافة وآثار الأمم السابقة والجمال معتقداً أنها أصنام ؟!!
أين هي اليوم الأصنام الحقيقية التي تعبد من دون الله ويشرك به من خلالها ؟!!
لقد اتخذت هذه الأصنام كما أسلفت أشكالاً أكثر دهاء وخبثاً استناداً لتطور وسائل الثالوث ( السلطان . الكاهن . رب المال ) وكذلك استناداً لطبيعة الجنس البشري التي تميل دائماً للهروب من الذنب والمسؤولية وتبحث عن المبررات التي تريح ضميرها , ومن هذه الأشكال :
الملوك الأصنام
الأولياء والأوصياء
قبور الأولياء والأوصياء
الشيوخ وأصحاب الطرق
الرموز الدينة المغيبة ( كمهدي الشيعة )
الأفكار الأصنام ( تقديس الفكرة لدرجة التأليه ) .
الرموز الايديولوجية ( القومية واليسارية وووو الخ )
وماخفي كان أعظم .د.أحمد العجاج .

(621)    هل أعجبتك المقالة (1335)

زنوبيا

2013-10-06

شكرا على التوضيح أرسله سريعا الى داعش و لك العمى شو صرتو بتخجلو هدول هني أهل سوريا الحضارة؟؟؟؟؟ و الله الاسلام خرب بيتكن.


نايف المصاروه. الأردن

2020-12-30

إلى زنوبيا.. مع الاحترام لشخصك الكريم.. الإسلام يعمر ويني وينمي.. ولا يخرب البيوت كما زعمت... الجهل هو الذي يدمر كل شي.. للعلم.. اولا.. داعش ليست من الإسلام في شيء.. ومن صنع داعش هم الصهاينة وإذنابهم من الذين اشركوا... وهذه الفتنة جاءت لتنفير الناس عامة من الإسلام.. ثم للتشكيك أهل الإسلام باسلامهم.. لكن من هو على الحق.. ويعي ويعرف تماما الثوابت... يتجنب ذلك كله.. إزالة التماثيل.. أو بقاءها تحتاج إلى فكر وعلم.. بأهمية التماثيل وقيمتها الأثرية.. مع العلم انها لا تنفع أو تضر....


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي