وحدة المجتمع السوري هي الأمل

يمكن لكل منا أن يعدد أسبابا لا نهاية لها عن السبب الذي منع الولايات المتحدة من توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد بعد استخدامه للسلاح الكيماوي في 21 أغسطس الماضي، فبغض النظر عن الصفقة "الشهية" التي قدمها الأسد بتفكيك كل أسلحته الكيميائية مقابل تخلي الولايات المتحدة عن مشروعها في توجيه ضربة عسكرية ضد نظامه، فإن العامل الرئيسي الذي أصبح يمنع الأمريكيين من أي عملية عسكرية تنهي نظام الأسد هو المسؤولية التي ستترتب عليهم بعد أي عمل عسكري، وخاصة فيما يتعلق بما يسمى "Nation Building" أي إعادة بناء مؤسسات الدولة التي انهارت والتي لا تريد الولايات المتحدة أن تصبح هذه المسؤولية على عاتقها وحدها كما جرى الأمر في العراق، فالولايات المتحدة أنفقت عشرات المليارات في بناء المؤسسات في العراق وأفغانستان لكنها لم تفلح كثيرا في ذلك.
فالأمم المتحدة لم تلعب أي دور في العراق وتركت المسؤولية بأكملها على أمريكا التي شعرت نفسها تتورط تدريجيا في حرب استنزاف لسمعتها وقدراتها السياسية والمالية وهو الأمر الذي تريد تجنبه بأي شكل من الأشكال في سوريا.
إن الولايات المتحدة تريد أن تبقى سوريا مشكلة السوريين أولا ثم مشكلة المجتمع الدولي ثانيا، ولا تريد لها أن تصبح مشكلتها وتتحمل مسؤولية نتائجها بعد إدراكها تماماً أنها تأخرت في أي عمل عسكري ينهي الأسد، وأصبحت سوريا الآن بحاجة إلى عملية إعادة بناء طويلة الأمد مكلفة وغير مضمونة النتائج.
التحدي الرئيسي اليوم يتجسد بكيفية محافظة السوريين على ما تبقى من مؤسساتهم، والأهم الحفاظ على وحدتهم التي يراهن الأسد يوميا على تفتيتها، وحدة الشعب الألماني والياباني هي من مكنه من الخروج من الحرب العالمية كي يعيد بناء نفسه بشكل أقوى وتصبح هاتان الدولتان رائدتين في مجال الصناعة والتصدير ومن أقوى الاقتصادات العالمية، علينا أن نتعلم الدروس، وأن نحاول أن نجعل من سويا المستقبل هي ما تفخر به كل الأجيال.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية