أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ثورتنا... بين الإنكار، الشيطنة، جلد الذات... القافلة تسير ؟ ... ماجد الشيباني *

منذ بداية الثورة السورية في وجه آلة القتل الأسدية، وعلى مدار أكثر من سنتين ونصف من القتل الممنهج، تماهى النظام مع حالة الإنكار والانفصال عن الواقع،مع تخبط أداء الأجهزة المختلفة صانعة القرار سواء على الصعيد الأمني أو السياسي، أو تلك التي تقف وراء رسم سياسة إعلام الأزمة، هنا تبرز العديد من حالات التخبط، والكذب، والافتراء، وفبركة الروايات والقصص من نسج خيالات رجالات استخبارات النظام الذين يرسمون تفاصيل مواجهة الأزمة ومنذ اليوم الأول، عندما صور النظام أنه في مواجهة مع مخربين ومهربين ومارقين على القانون، بعدها تطور مفهوم الخطاب الإعلامي والرسمي في مواجهة الحراك الشعبي إلى مواجهة مع مسلحين ومخربين ضد مؤسسات الدولة وترويع المواطنين، في الوقت الذي لم يتمكن النظام بأجهزته الجرارة من تسويق صورة ميدانية لمدني يحمل سلاحاً في وجه قطعان القتل التي استباحت كل المحرمات، وتعاملت مع المتظاهرين السلميين بإطلاق النار العشوائي والممنهج على المتظاهرين والمشيعين لضحايا أجهزة النظام وقطعان الشبيحة في المدن الثائرة، ناهيك عن حملات المداهمات التي اجتاحت كل المدن والقرى والبلدات في أنحاء المحافظات التي التحقت بالثورة إتباعا، واستمرأ النظام تدريجياً استخدام المدرعات وكل أنواع السلاح الذي تجاوز كل المحرمات، وبالتدريج حتى وصل النظام لقصف المدن بالمدفعية وبراجمات الصواريخ، وبالطائرات العمودية بحاويات من المتفجرات الشديدة الانفجار فوق رؤوس الآمنين دون تمييز، مع التركيز على أن النظام السوري يواجه مؤامرة كونية وجهاديين وإرهابيين وعناصر من القاعدة و تشكيل فصائل ألبسها لباس القاعدة وأخواتها، حتى يمرر للعالم الطعم من خلال التلويح برهاب القاعدة، وقدم النظام نفسه أنه يقاتل نيابة عن العالم أجمع، في الوقت الذي حاول فيه ورغم الكثير من السقطات والأكاذيب تسويق وقائع ارتكبتها قواته في الميدان حيث لا وجود للسلاح في الأيام الأولى للثورة إلا لقواته، ورغم سعيه وبكل الطرق والوسائل إلى ترويج السلاح في بعض المناطق الثائرة وفشله في ذلك، على أنها من فعل مسلحين وإرهابيين مأجورين لأجندات غربية وخليجية وغيرها من روايات دأب النظام على تكرارها دون كلل أو ملل أو تغيير، رغم خروج كثير من الشخصيات القيادية والعسكرية والأمنية من مختلف المواقع التابعة للنظام وفضح تلك الممارسات بالوقائع والبراهين، لم يلتفت النظام لذلك وواصل طريقه في إتباع فن صناعة الكذب وفق طرق أكثر غباءً تعكس طبيعة وتركيبة صناعة القرار المشتت في النظام بمختلف مستوياته، وتحكم العقلية المخابراتية في صناعة القرار، والتخبط الذي كان واضحاً في كافة مراحل الأزمة وإدارتها والتي ضربت بكل نظريات إدارة الأزمات عرض الحائط، وكأن للنظام السوري فلسفة خاصة بالتعاطي مع وطن أشبه ما يكون كمزرعة تحكمه عصابة لا تفهم إلا وفق قواميسها وقيمها القائمة على الإرهاب والقتل والترهيب.
ومن خلال استعراض مراحل الأزمة وطرق إدارتها، حاول عدد من الناطقين باسم النظام وأجهزة إعلامه ترديد نفس الروايات في محاربة الإرهاب والمسلحين وأدوات الأجندات المغرضة، وتعزيز نظريات الإمعان في الكذب والتشكيك بأي حادثة أو رواية على أنها اختلاق وكذب وليس هناك من صحيح إلا ما ترويه أجهزته وأدواته والناطقين باسمه، والسباحة في مواجهة تيار الحقيقة والتي لا يحتاج إلى الكثير من التعقل لتمييز الكذب من المسلمات.
حاول النظام السوري وآمن منذ استيلاء الأسد الكبير على الحكم الاستحواذ على مفاصل القرار وبناء جمهورية الرعب وأجهزة المخابرات وسراديب الاعتقال بإمرة ضباط من الموالين له، ومن لون واحد، ليضمن الأداء بالطريقة التي يشتهيها، وأخذ الطائفة العلوية رهينة بين يديه، وأمعن في تقطيع الأواصر الاجتماعية بين مكونات الشارع السوري، وتعزيز مستويات الارتهان للنظام بمقدار التكسب والتقرب منه وبالتالي زرع الضغينة وروح الإقصاء بين أبناء الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وليتمكن من رقاب السوريين، فكان أن أوهم كل المذاهب بأنه هو الحامي لهم من بعبع الأغلبية التي يتأهب لاجتثاثها وأمعن في ترسيخ هذه النظرية وعمل من أجلها لأكثر من ثلاثة عقود قاتمة من تاريخ سوريا فكان أن أتبع تلك الفرضيات الوهمية ليوظفها ونجح إلى حد ما في أن قطاع كبير من السوريين باتوا يخافون من سوريا بعد حقبة الأسد الصغير، وأن يكونوا رعايا من الدرجة الثانية كما رسم وصور لهم النظام على امتداد سنوات مرت، ومتابعة النظام لترسيخ تلك النظرية في تصنيع وتخليق وتشكيل بعض الفصائل والتشكيلات من بطون أجهزة المخابرات وتتقمص زي فصائل تحت رايات ومسميات إسلامية انتشرت في بعض المدن والبلدات على امتداد سوريا على أنها تقارع النظام، وتصدر بياناتها، وترتكب من الجرائم المفزعة التي تسئ في النتيجة إلى الثورة، وتعمل على شيطنة الثورة بكل مكوناتها، حتى لم تسلم من الشيطنة التيارات والمكونات العلمانية واليسارية والقومية وغيرها، والذي يعكس في نهاية المطاف الشهية الإقصائية التي ترعرع عليها النظام، والذي لا يرى في المرآة إلا نفسه والمصفقين له والسابحين في فلكه.
ومما سبق ونتيجة لمرحلة طويلة من العمل الجاد لأجهزة المخابرات التابعة للنظام وغرف العمليات التي يديرها قيادات من الحرس الثوري الإيراني، وقيادات ميدانية واستخباراتية لحزب الله، وأخرى من روسيا يبدو أنها نجحت في الترويج لنظرية الكذب، وتصديق كل روايات النظام حيال الثورة، وبات قطاع لا يستهان به مع الأسف من السوريين يشككون حتى في طائرة مقاتلة هاجمت مدينة وألقت بحممها وبراميلها على رؤوس الآمنين وقتلت العشرات على تابعية وملكية تلك الطائرة ولا يقبلون حتى ببيانات الطيار نفسه ليصدقوا الرواية حتى وإن كانوا من أبناء المنطقة المستهدفة أيضاً....؟؟؟ ويطالبون بعين الشك والريبة بأسانيد تثبت أن الطائرة المغيرة تعود للنظام وأن سلاحها جاء من مستودعات النظام أصلاً .... إلى آخر تلك التشكيكات التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز ثقافة القتل والاقتتال والإقصاء التي هي بلا شك من نتاج تخطيط أجهزة النظام وتسخير أجهزته الإعلامية للترويج لذلك، حتى اختلط على قطاعات كبيرة من السوريين مفهوم الوطن ورئيسه وعلى أن الوطن هو الرئيس....؟؟؟ والوطن عقيم ولا يتصور أحدهم أن يكون هناك سوريا بلا أسد .... وليس في سوريا من هو قادر على قيادة سوريا....؟؟؟ 
حالة من الإنكار والانفصال عن الواقع يشوبها الكثير من التشويش تعتري فكر وثقافة قطاع كبير من الشباب السوري وإيمانهم بأن ما يواجهه الشعب السوري من جرائم إبادة على يد قوات النظام هو نتيجة لمؤامرة أممية يقودها المتآمرون المتربصون ضد سوريا ... وسوريا بنظرهم هي الأسد .... ولا فرق لديهم بين الوطن ورئيسه ... فالثاني هو الأولى من الأول وأبقى...؟؟
نجح النظام وبكل ما أوتي من دعم ومساندة من إيران وروسيا والصين والعراق في تقديم الثورة ضده على أنها مواجهة بينه وبين الإرهاب الذي تمثله القاعدة وأخواتها ... وكأن العالم ينتظر منه تقديم تلك الفزاعة ليترك للنظام الحبل على غاربه ولتحقيق أهدافه ومراميه، وفي نفس الوقت لابد من التأكيد على أن المشككين بالثورة وأهدافها تأثراً بروايات النظام والرهاب من الإسلاميين والتنظيمات الجهادية على أنها إقصائية للجميع، باتوا أشبه ما يكون بطائفة من المرجفين لبث الفرقة وزرع الوهن في جسد الثورة، وبالتالي حد الدعوة إلى العودة إلى أحضان النظام من جديد، وبذلك يكون السوريون أكلوا الطعم مرتين وعادوا أرقاماً في حظيرة الجزار يلوح لهم بسكينه لتمضي كل منها إلى قدرها ولو بعد حين.... هي المصيبة بعينها...؟؟؟ كثير من السوريين، حتى أولئك من فئة المصفقين للنظام، يبررون أن من يحكم لأربعة عقود ونصف لا يجوز الانتفاض بوجهه...؟؟ وإلا لم السكوت عنه طوال تلك السنين ....؟؟؟ مقاربات أكثر من سطحية وهي بلا شك أصغر من أن تكون محل نقاش أو جدال... فالوطن يستحق الكثير، وللحرية ثمن كبير يدفعه السوريون من الدم وخيرة شبابه... كما لم تدفعه أمة من الأمم عبر التاريخ... هي الحرية لوطن مثل سوريا لايشبهه وطن إلا هو...؟؟ مهما تعددت وتنوعت الآراء والاجتهادات ...؟ فبلد المؤسسات هو من يوفر الكرامة للجميع دون تمييز هي ذلك الوطن الذي ننشد جميعاً وإن تباينت آراؤنا اليوم....؟
• صحفي سوري مغترب 

(148)    هل أعجبتك المقالة (156)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي