بشهادة ضابط أمن...هكذا دعمت مخابرات النظام قائد مجموعة "غرباء الشام" في سوريا

كشف الضابط المنشق في قوى الأمن الداخلي "عبد الله سلطان الملحم" عن جوانب من دعم المخابرات السورية للجماعات الجهادية في الخفاء، وروى الملحم على صفحته على "فيسبوك" قصة واقعية حصلت معه في عام 2001 عندما كان رئيساً لقسم إجازات السوق بفرع المرور بحلب قائلاً إن قائد شرطة حلب آنذاك العميد محمد خالد مصطفى اتصل به وقال له سأرسل لك شخصاً مع كتاب خطي يتضمن أمراً بمنح هذا الشخص إجازة سوق خاصة دون أي أوراق إطلاقاً (لا حكم عليه وسند إقامة وصور ...الخ) ودون خضوعه لأي فحص فني أو نظري أو طبي وطلب منه منحها له فوراً مع الاهتمام به واحترامه.
وأضاف: لقد استغربت الطلب لأنه مخالف لكل القوانين والأنظمة النافذة وانتظرت بفارغ الصبر رؤية هذا الرجل والكتاب الخطي وبعد نصف ساعة دخل إلى مكتبي مدير مكتب قائد الشرطة حاملاً بيده ظرفا مختوماً ومعه شاب ملتحٍ يلبس لباس أئمة المساجد وعلى رأسه عمامة فجلسا وسلمني الظرف وفتحته وقرأت مضمونه (كتاب محال من شعبة المخابرات إلى وزير الداخلية يتضمن ضرورة منح السيد محمود قول آغاسي إجازة سوق خاصة و فورية بغض النظر عن كل الأوراق الثبوتية والفحوص الفنية والطبية)، وقام وزير الداخلية بإحالته إلينا مذيلاً بالموافقة.
وتابع: جلس الشخص الملتحي عندي نصف ساعة ولم يتكلم بكلمة واحدة وأنجزنا له إجازة السوق واستلمها وانصرف، ويردف الضابط المنشق قائلاً: بعد فترة عرفت أن "محمود قول آغاسي" هو نفسه الجهادي السوري الكبير "أبو القعقاع" الذي كان يقود تنظيماً جهادياً كبيراً في سوريا حينها ويرسل الجهاديين إلى العراق وعلمت أنه شيخ دين وله أتباع كثر وهو بمثابة المرجع الديني لأتباعه فضحكت كثيراً لهذه المفارقة، وشاهدته مرة في صلاة الجمعة إماما وخطيباً في جامع الإيمان بحلب الجديدة.
ويستطرد الملحم: بعد فترة من الزمن علمت من بعض زملائي في الأمن أن الكثير من عناصر "أبو القعقاع" قد أوقفوا وسُجنوا لانتهاء مهمتهم ولحصول تفاهم أمني عام 2005 بين المخابرات السورية والأمريكية لمحاربة عناصر القاعدة والجهاديين الذين أرهقوا القوات الأمريكية في العراق، وبقي أبو القعقاع إماماً وخطيباً ذا شأن كبير لدى السلطة إلا أن اثنين من أتباعه الفارين من ملاحقة المخابرات لهم كشفوا لعبة "أبو القعقاع" وشعروا بغدره وتعاونه مع السلطة فنصبوا له كميناً عند باب جامع الإيمان بحلب وأطلقوا عليه النار في الرأس وأردوه قتيلاً بتاريخ 28/9/2007 انتقاما لرفاقهم الذين غدر بهم وسلمهم للمخابرات السورية.
ويردف الملحم: إذا كان ابو القعقاع هو الذي اخترع التنظيم من الشباب السوري المغرر به وهو الذي سلمهم عندما طلب النظام منه ذلك فأسماؤهم وعناوينهم موجودة سلفا عندهم فهذا مثال حي يثبت كيفية تصنيع المخابرات لبعض التنظيمات التى تسمى أحياناً بالجهادية.
يذكر أن "أبو القعقاع" ذاع صيته في حلب وشمال سوريا في نهاية التسعينيات، حيث استقطب بدعواته الجهادية الشبان المتدينين والمتحمسين، وأطلق على تلك الجماعة اسم "غرباء الشام" التي تحارب النظام اليوم، وقد اتخذت هذه الجماعة من جامع "العلاء بن الحضرمي" مقراً لها، وأثناء الحرب الأمريكية على العراق ساهم "قول آغاسي" في إرسال المتطوعين للدفاع عن العراق، لكنه فيما بعد أطلق مفهوماً جديداً للجهاد لتمييز جماعته عمن انحرفوا بالجهاد عن أصوله الشرعية، واختلطت أعمالهم بالإرهاب، وباتت تشكل عوناً لمشروع من يقاتلوهم.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية