تشهد الساحة المصرية توجيها غير مسبوق لوسائل الإعلام ضد شريحة واسعة من الشعب رفضت ما حدث في 30/يونيو واعتبرته انقلابا، حيث لا يسمح لهذا الطرف الإدلاء بوجهة نظره على الغالبية الساحقة من الإعلام المصري مرئيا ومسموعا ومقروءا.
غير أن الكاتب والمحامي محمود الخضيري خرق تلك القاعدة، ولكن من باب الحياد وتقديم ما يشبه النصيحة أو المشورة لقائد الانقلاب الفريق السيسي لكي لا يرتكب أخطاء مرسى ذاتها.
ففي مقالة نشرها في "المصري اليوم" تحت عنوان "هل يرتكب السيسى أخطاء مرسي ذاتها؟" يعتبر أن الأزمة الداخلية والعالمية في مصر "هي نتيجة سياسة الرئيس محمد مرسي فى فترة حكمه، لأن كلنا يعلم أنه كان بإمكان محمد مرسي تجنب كل ذلك ببعض الإجراءات البسيطة، التي لم تكن تكلفه وحزبه الكثير".
ووصف حكومة مرسي الأخيرة بأنها ضعيفة الأداء، وقد ضاق الجميع بأدائها، مؤكدا أن مطالب المعارضة في بداية الأمر لا تخرج عن تغيير الحكومة، وكان من السهل اليسير الاستجابة لهذا المطلب، الذى كان في يده، وكان في صالح الوطن، لأنه كان السبيل إلى الخروج من بعض الأزمات، التى كنا نعانى منها، إلا أن مرسي رفض ذلك بحجة أن الاستجابة لهذا الطلب ستفتح شهية المعارضة لطلبات أخرى لا تنتهي.
الأمر الذي ساهم باستمرار العناد حتى تصاعدت الطلبات إلى المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، وهنا أصبحت الاستجابة صعبة، لتعلقها بمستقبل رئيس لم يكمل عامه الأول في الحكم، خاصة أن الأمل في إمكان فوزه وعودته مرة أخرى إلى كرسي الرئاسة كان قد بدأ يضعف.
وأوضح المحامي الذي كان وسيطا بين مرسي والمعارضة قبل الانقلاب أنه طالب الرئيس مرسي بالاستجابة مؤقتاً لطلب تغيير الحكومة لعله يهدئ من الأزمة، التي كانت قد بدأت تستحكم والحشد الذي بدأت الدعوة له، واستمر الحشد، واستمر العناد حتى وصلت الأمور إلى ما نحن فيه الآن.
وأردف الخضيري "لو أن محمد مرسي خرج علينا يوم 30 /6 بقرار دعوة الناخبين إلى انتخابات رئاسية مبكرة حدد لها موعداً، أو حتى إلى دعوة الناخبين للاستفتاء على بقائه لما حدث ما حدث الآن حتى ولو كانت النتيجة خروجه من السلطة، لأنه كانت ستحسب له الاستجابة لطلب الشعب، وخروجه خروجاً مشرفاً، ولكن العناد أوصله، وأوصل البلد إلى ما نحن فيه الآن، مما نبحث جميعاً عن مخرج له يعيد البلاد إلى طبيعتها، حتى تضع قدمها على أول طريق الإصلاح والتنمية الذى يشتاق إليه الشعب".
وفي صراحة وجرأة قلما نجدهما في الإعلام المصري الحالي يقول الخضيري "لا أحب تسمية الأمور بغير مسمياتها أو وصفها بما ليس فيها، كتسمية حركة الضباط فى 1952 ثورة، لأن الشعب انضم إليها، لأن مسماها الحقيقى انقلاب، وكذلك تسمية 30 /6 ثورة تسمية على غير مسمى حقيقى بل انقلاب".
وأضاف"لو أن الفريق السيسى ورفاقه لم يقوموا بعزل مرسي لأمكن بقاؤه حتى الآن، ولا يمكن تشبيه ما حدث فى 30 /6 بما حدث فى ثورة 25 يناير لفارق بسيط هو أن حسني مبارك في الحقيقة كان مغتصباً للسلطة أتى إليها عن طريق استفتاءات، وانتخابات كانت مزورة بشهادة الجميع في الداخل والخارج، أما محمد مرسي فقد جاء إلى سدة الحكم عن طريق انتخابات يشهد الجميع في الداخل والخارج أنها سليمة، ومن هنا يصعب خلعه إلا عن طريق انتخابات مماثلة، وهذا ما صعّب الموقف على حكومة ما بعد عزل مرسي فى الداخل والخارج، يضاف إلى ذلك أنه فى ثورة 25 يناير كان الشعب كله كتلة واحدة ضد النظام، أما فى 30 /6 فإن الشعب جزء كبير منه ضد الانقلاب، ومن هنا كان ما يحدث اليوم من عدم استقرار يقود البلد إلى أزمة اقتصادية واجتماعية حقيقية تتفاقم يوماً بعد يوم".
وكرر الخضيري مقترحا سبق وأن طرحه "قلنا منذ وقوع هذه الأزمة إن المخرج منها يكون باستفتاء الشعب على ما حدث، ولكن لم يستجب أحد إلى ذلك، واستمرت محاولة القضاء على الأزمة، وعلى الإخوان المسلمين بالقوة، وهى محاولة قلنا إنه سبقتها محاولات عدة فشلت فى ذلك، ويعتقد الكثيرون أن مصير هذه المحاولات الحالية هو الفشل أيضاً، لأن القضاء على الفكر لا يكون إلا بفكر آخر يغير الفكر الأول، أما القضاء على الفكر بالقوة، فإنه يزيد أتباع هذا الفكر تمسكاً به".
ورأى أن "تطبيق سياسة دمج الإخوان فى الحياة السياسية يستتبع أمرين أولهما فى يد الحكومة، أو إن شئت الدقة المجلس العسكرى بقيادة الفريق أول السيسي، والثاني فىي يد الإخوان المسلمين، خاصة الشباب منهم، وكما كنا في عهد الرئيس مرسي نطالبه باتخاذ الخطوة الأولى باعتباره في الحكم، وهو الأقوى، فنحن الآن نطالب الفريق أول السيسي باعتباره الحاكم الفعلي لمصر باتخاذ الخطوة الأولى، وهي محاولة التهدئة بمنع الملاحقات الأمنية لقادة الإخوان المسلمين، والأمر بالإفراج عن قياداتهم، التى لم توجه لها تهم جنائية، مثل سعد الكتاتني، ومهدى عاكف، وأصدقائهما، مثل المهندس أبوالعلا ماضي وغيرهم، أما الآن في ظل الظروف الحالية، فإن الإخوان يقولون كيف نتفاوض وقادتنا في السجون أو ملاحقون لا يستطيعون الظهور؟ وهم في ذلك على حق، أما من هو في الخارج منهم فإنه يقول إنه غير مخول وحده فى اتخاذ قرار قد يعرضه للإحراج، لرفض بعض الجماعة تنفيذه، وأعتقد أن ذلك صحيح".
وختم الكاتب المصري مقاله بنداء "أيها المسؤولون عن مصر الآن الأمر ليس سهلا، والوقت ليس في صالحنا جميعاً، وإنقاذ البلد مما هو فيه مطلب كل الشعب، وليعلم من يبدأ المصالحة أن رصيده لدى الشعب سيزيد، لأنه يعمل لصالحه، ومن أجله، وحذار من المكابرة والعناد، لأن مصيرهما معروف...حمى الله مصر من كل سوء".
زمان الوصل - صحف
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية