من الموت إلى الموت، ومن الاعتقال إلى الاعتقال.. رحلة 200 سوري قرب شاطئ اسكندرية

من الموت إلى الموت.. هي إذن رحلة السوريين، ممن هربوا من رصاص بشار وصواريخه، فلاقهم الرصاص على شواطئ مصر، فاستشهد منهم من استشهد، وجرح من جرح.
من الاعتقال إلى الاعتقال.. هي أيضا رحلة السوريين، ممن فروا مخافة أهوال معتقلات بشار وأقبيته المظلمة، فكان نصيبهم الاعتقال والإذلال في مراكز شرطة بمصر.
بدأت القصة يوم الثلاثاء 17 أيلول الجاري، حيث كان موت السوريين مختلفا هذه المرة، فما إن فارقت مجموعة من 200 سوري ومنهم من أصل فلسطيني تركب قاربا متهالكا اليابسة، حتى بدأ رش الرصاص، مستكثرا على السوريين أن يموتوا غرقا بأمواج البحر العاتية وهم في طريقهم نحو أوروبا، وهكذا كان نصيب الفلسطينيّين السوريّين، الثلاثيني عمر دلول والخمسينية فدوى طه أن يلفظا أنفاسهما الأخيرة على متن قارب، كانوا يحلمون بأن يكون "خشبة خلاصهم".
لكن معاناة المجموعة لم تنته عند هذا الحد، إذا قامت السلطات المصرية بإرغام القارب على العودة إلى اليابسة، وأنزلت ركابه الـ198 بالقوة، وبينهم 30 طفلا وحوالي 50 امرأة منهن حوامل، وهنا بدأت رحلة جديدة من الإذلال والاستهتار بآدمية البشر، فالمحتجزون ومنهم الأطفال وحتى المحتجزات لم يزودوا بغطاء يمكن أن يتدثروا به، وجرى تنويهم في العراء، قبل أن ينقلوا إلى معتقل لا ماء فيه ولا حمامات، وهو فضلا عن ذلك قريب من مستنقع تملؤه الحشرات الطائرة التي باتت "تتلذذ" بمص دماء المحتجزين لاسيما الأطفال، منذرة بنقل الأوبئة إليهم.
وللأطفال –كونهم الحلقة الأضعف- مكان خاص في قلب مأساة الاحتجاز، فبين هؤلاء رضع لم تقبل السطات المصرية إخراجهم من المعتقل، ويبنهم كذلك صبي بعمر 9 سنوات اسمه محمود، جاء أهله راجين إخراجه، فكان رد السلطات: ممنوع، هو محتجز لدينا بصفته متهما!
وبحسب رواية ناشطين متابعين لقضية المركب، فقد تم دفن جثتي الشهيدين عمر وفدوى دون حضور ذويهما، حتى إن زوجة الشهيد عمر مازالت رهن الاعتقال، ولم يفرج عنها تقديرا لاستشهاد زوجها، ولا حتى رأفة بكونها حاملا، وتصطحب صفلا عمره سنتان!!
وما زالت مأساة المحتجزين السوريين والفلسطينيين مستمرة حتى لحظة تحرير هذا الخبر، وما زالوا يأملون من كل صاحب ضمير أن يوصل قضيتهم إلى من يهمه الأمر من منظمات وهيئات وعلى رأسها الائتلاف الوطني.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية