أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الجنرال "غاليك" يحاصر المعضمية وداريا

من معضمية الشام - عدسة شاب معضماني

تعرضت أعظم وأعرق مدن العالم للحصار مرات ومرات ولكنها دائما كانت تخرج منتصرة في فلا يتبقى من الغزاة إلا الاسم فيما بقيت المدينة في وجدان البشرية كمثال عن الصبر المقاوم. 

وفي حين ينوء التاريخ بحمل أمثلة دموية عن استعمال القتلة لسلاح الحصار الجبان ضد المدن الممانعة بسكانها وحاميتها لم يشهد التاريخ أكثر وحشية ودموية من حصار العصابات الأسدية لمدن ريف دمشق الصامدة في وجه جحافل الغزاة. 

فالمعضمية وداريا تتعرضان اليوم إلى حصار إجرامي خانق يمارسه مجرمون مرتزقة استعصت عليهم المدينتان اللتان مرغتا أنوف عصابات الأسد بالتراب فلم يستطيعوا التقدم فيهما إلا أمتاراً قليلة دفعوا ثمنها غالياً. 

وعندما لم يشف غليل المهاجمين من العصابات الطائفية استعمال الحصار الجبان لجؤوا إلى سلاح أكثر جبنا وخسةً، فقصفوها بالسلاح الكيماوي ظناً منهم أن ذلك سيؤدي إلى الانهيار التام لسكان المدينة والمدافعين عنها. 
ولما لم يجد ذلك نفعاً ضاعفوا جرعة الموت بقصف الطائرات والمدفعية إلا أن الصمود الإعجازي للمدينتين مازال مستمراً.

ولعصور طويلة مارست الجيوش الغازية أسلوب الحصار لإرغام المدن على وقف المقاومة وإجبار حاميتها على تسليم أسلحتها والاستسلام للغازي. 

وضرب الغزاة النازيون أمثلة عن الحقد الدموي في حصارهم الطويل لمدينة "لينينغراد" السوفيتية في الحرب العالمية الثانية ولمدة تجاوزت السنتين إلا أن الغزاة اندحروا أمام صمود المدينة. 

وبعد خمسين عاماً هاجم جيش صرب البوسنة، الذي ورث الترسانة اليوغسلافية المليئة بآخر ما توصل اليه المعسكر الروسي من أدوات القتل والدمار، "سراييفو" محاولاً اقتحام المدينة والسيطرة عليها في سبيل كسر ارداة البوسنيين في التخلص من كابوس التحكم بمصائرهم من قبل أعدائهم التاريخيين. 

ولما استبسل أهل المدينة في الدفاع عنها وأظهروا بأساً شديداً في مقاومة الغزاة قام الجيش الصربي المحمل بأقذار الحقد الطائفي والعرقي بفرض حصار قاتلٍ على سراييفو، فسدوا كافة الطرق الموصلة إليها وأوقفوا أي غذاء أو ماء أو دواء من الوصول الى المدينة ومنعوا أهلها من الخروج منها من خلال عشرات القناصة والمرتزقة والقتلة على جنبات الطرقات من جميع الجهات المؤدية إلى المدينة. 

وأخذوا بقصف الأحياء السكنية بشكل مكثف ومنهجي. وقد تداعت منظمات حقوق الإنسان وجماعات الضغط الغربية ووسائل الإعلام إلى التنديد بالحصار المخالف لجميع القيم الإنسانية والمنتهك للقانون الدولي الإنساني. 
فالقانون الدولي الإنساني واضح وصريح سواء في اتفاقيات جنيف أو في بروتوكول جنيف في تحريم الحصار كأداة من أدوات الحرب بخاصة في حال تم استهداف المدنيين جوعاً وعطشاً وقتلاً. ويوضح القانون إلزام المحاصر على إدخال الغذاء وكافة السلع الضرورية للحياة اليومية إلى داخل الأماكن المحاصرة كواجب لا يمكن التملص منه بذريعة الضرورة العسكرية.

وعلى الرغم من تشابه الظروف إلى حد كبير بين حصار سراييفو وحصار المعضمية وداريا لم يكن أهالي المدينتين محظوظين بالقدر الكافي ليسلط الاعلام العالمي الضوء على معاناتهم المريرة جراء الحصار الظالم. فأطفال المعضمية يموتون على مسمع ومرأى من العالم ولا نرى بالمقابل حملات فاعلة تندد بالمجرم بشار ومرتزقته الذين لا يشبعون من دم أطفالنا. 

ولكن إن كنا نلوم العالم لأنه أدار ظهره لأبناء المعضمية وداريا الذين إن أخطأهم القصف والقنص قضوا شهداء الجوع والعطش والمرض والقهر، فإن اللوم الذي يضج في قلوبنا وعقولنا ويكاد يقتلع ما بقي لدينا من صبر وحلم هو أن يكون السوريون في باقي مناطق دمشق وكافة المدن السورية بما فيها المدن المحررة يعيشون حياة شبه طبييعية على مسافة بضعة مئات من الأمتار ولا يقدمون للمحاصرين شيئاً حتى ولا دمعة أو غصة ألم. نعلم أن المصاب كبير وأن الجميع قد دفع جزءا من ثمن الحلم بالحرية الذي يكبر يوما بعد يوم، ولكن الصورة الحالية للأحداث توضح بشكل لا يدع مجالاً للشك أن النظام قد صب ما بقي له من قدرات عسكرية من أجل كسر إرادة مدن الريف الشامي كمحاولة أخيرة في سبيل رسم خريطة دولته المنشودة في مرحلة المفاوضات القادمة لا محالة. لإن تخلينا عن المدينتين المحاصرتين اليوم، فإني أزعم أن النظام سيربح الجولة الحالية من المعركة. وإن كنا ما زلنا فعلاً في ركب الثورة فلا مناص لنا من دعم صمود هاتين المدينتين وفي تخفيف مصاب أهلهما بالإمداد السريع بما يحتاجه المرابطون وأهلهم من متطلبات الحياة والصمود.

إن دماء شهداء المعضمية وداريا وكافة مدن وبلدات سوريا قد أوصلت قطار المعارضة السياسية السورية إلى النقطة الحالية وأوصلت أهل الائتلاف وسياسييه إلى أن يكونوا في بؤرة التركيز العالمي ومن حق دماء الشهداء وأهليهم المحاصرين اليوم على أعضاء الائتلاف ومناصريه القيام بدور فعال وسريع لرفع الوعي العالمي بمجازر المعضمية وداريا وبأطفالنا الذين يجوعون حتى الموت جراء حصار المجرم بشار ومرتزقته وجراء خذلان الجيران والإخوة المستمر دون توقف.

وعلينا التذكر دوماً بأن الجنرال المسؤول عن حصار "سراييفو" ستانيسلاف غاليك قد أدين بارتكاب جرائم حرب ارتكبت في فترة سبقت الحكم بعشرة أعوام وهي الفترة التي كان فيها غاليك قائداً لوحدة جيش صرب البوسنة في سراييفو العاصمة البوسنية. أدين الجنرال المجرم أيضاً بارتكاب جرائم القتل العمد وأفعال وحشية أخرى فحكمت محكمة يوغسلافيا السابقة عليه بالسجن لمدة عشرين عاماً.

فإن كنا راغبين فعلاً برؤية رؤوس العصابات الأسدية القتلة وهم يحاكمون ويحكمون أمام المحاكم الوطنية أو الدولية فعلينا العمل اليوم بشكل سريع ودقيق لتوثيق الجرائم من جهة والعمل على تنظيم حملات واضحة تستهدف الإعداد لمحاكمة المجرمين.

(134)    هل أعجبتك المقالة (130)

لواء التوحيد يمهل داعش

2013-09-19

لواء التوحيد يمهل داعش حتى صباح الغد لمغادرة اعزاز بعد فشل المفاوضات.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي