أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أوباما يضع العربة أمام الحصان .. وائل اللوز

مضى أكثر من أسبوع على خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمام شعبه بشأن سوريا ، ذاك الخطاب الذي لخص مدى تخبط الإدارة الأمريكية في تحديد سياستها تجاه ما يحصل في سوريا ، فقد ظهر أوباما في خطابه كمن يضع العربة أمام الحصان ليعرقل سيره وترك الأمور لتتشعب أكثر وتنصل من مسؤولياته والخطوط الحمراء التي رسمها بشأن استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي ضد قوات المعارضة والمدنيين العزّل ، وفي الوقت ذاته دعا قادة الكونغرس إلى تأجيل التصويت على مشروع قرار يفوضه العمل العسكري ضد النظام السوري مع تركيزه على إعطاء فرصة للخيار الدبلوماسي مجسداً بالمبادرة الروسية .

وبما أن أوباما حائز على جائزة نوبل للسلام فمن الطبيعي أن يوافق على المبادرة الروسية التي ولدت بعد شعور الروس بارتباك وانقسام الإدارة الأمريكية حول توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد ، فقد شكل هذا العرض الدبلوماسي الروسي مخرجاً لا بأس به لأوباما من ورطته يحفظ به ما تبقى من ماء وجهه ، خصوصاً إذا علمنا أن معظم الأمريكيين يرفضون أي عمل عسكري في سوريا بحجة أنه قد يخلط الأوراق ويزعزع الاستقرار في المنطقة ويعطي المعارضة وبعض الفصائل الإرهابية المنضوية تحت رايتها مزيداً من القوة قد تؤذي بها الولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد .

أوباما على ما يبدو هو الشخص الأول الذي يحاول عرقلة أي عمل عسكري ضد النظام السوري ولم يمرر مشروع القرار إلى الكونغرس الأمريكي إلا لأنه يريد أن يعارضه ولا يعطيه الضوء الأخضر للبدء بأي عمل عسكري لكي يهرب إلى الأمام ويتنصل من الضربة العسكرية على الأقل في الوقت الحالي ، مع العلم أن لديه صلاحيات كاملة للقيام بذلك دون الرجوع إلى الكونغرس وهذا ما دفع روسيا لوضع مبادرتها على الطاولة التي ربما جاءت بالاتفاق مع أوباما على خلفية قمة العشرين الأخيرة .

الآن وبعد أن تم الاتفاق الأمريكي الروسي في جنيف السبت الماضي حول تفكيك السلاح الكيماوي السوري ووضعه تحت إشراف دولي ومن ثم التخلص منه مع بداية العام القادم يمكن القول أن هناك إجماع دولي معلن على إطالة عمر نظام الأسد وعدم الإطاحة به إلا بعد تعريته تماماً وتجريده من أي سلاح يمكن أن يشكل فيه خطراً على إسرائيل ودول الجوار لاحقاً أثناء قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه الضربة العسكرية التي تطبخها على نار هادئة .

منذ الساعات الأولى التي أعقبت الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية في الحادي والعشرين من آب الماضي والإدارة الأمريكية على علم بان النظام السوري هو من نفذ الهجوم عن طريق أجهزة التجسس المتطورة للغاية وطائرات الاستطلاع والأقمار الصناعية التي تمسح كل بقعة من الكرة الأرضية كل دقيقة وهي التي استطاعت سابقاً تحديد لون ثياب أسامة بن لادن وتميزه أثناء تواجده مع مجموعة من الأفراد ، وما إرسال لجنة التحقيق الدولية إلى دمشق والتحقيق الذي أعلنت عن نتائجه مؤخراً وتمرير أوباما لمشروع القرار الذي يفوضه بتوجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد بعد موافقة الكونغرس وقبول أوباما للمبادرة الروسية إلا مراوحة في المكان ومحاولة لإعطاء النظام السوري المزيد من الفرص ، فهو أفضل نظام قام بحماية أمن إسرائيل الذي يشكل خطوطاً بكافة ألوان الطيف وليس الأحمر فقط بالنسبة لأي إدارة أمريكية وأي رئيس أمريكي يعتلي سدة الحكم .


(98)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي