أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل تبلدت مشاعرنا ... غازي العدلان

الشعب السوري شعب مسالم بطبيعته . ويكره العنف . فمنذ بدء الثورة وتدفق أول قطرة دم كانت مشاعرنا ملتهبة وكان إحساسنا بالظلم يكاد أن يخرجنا عن سلوكنا القويم . (ونجهل فوق جهل الجاهلينا ) كنا نبكي دما بدل الدموع . كل شهيد كأنه أخونا أو ولدنا أو أبونا . اختلطت المشاعر بالبكاء والعويل لكل مشهد نراه فما اعتدنا على هذا من قبل . وتزايدت وتيرة القتل والتشريد والتهجير صعودا ومشاعرنا قلت هبوطا وكأن الله سبحانه وتعالى قد أفرغ علينا صبرا . وتزايدت وتيرة القتل والدم حتى وصلت لكل بيت في سوريا ومع ذلك أصبحت ترى ردود الفعل ليست بكاء ولا عويلا بل ( لاحول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وأنا اليه راجعون ) لم يعد يهم من هو الشهيد . أخ أو أب أو أبن . أصبحنا نفتخر بعدد شهداءنا . كنا عندما يأتي خبر شهيد نشعر بالحرج عندما نريد أخبار أهله . أما اليوم فالسعيد من يبشرك بشهيدك أولا .

أصبح منظر الدماء لدينا مألوف ومناظر القتل الجماعي ليست صعبة . وقفت حائرا بيني وبين نفسي هل تبلدت مشاعرنا أم هول الصدمة ذهب بنا الى اللاشعور . سألت أصدقائي عن هذه المشاعر خوفا من أن اكون لوحدي مما يستدعي طبيبا نفسيا . فتبين لي أن الحالة عامة . حتى الأطفال بلغوا هذا الحد من تبلد المشاعر . كنا عندما نرى مشهدا مرعبا بقر بطن أو قطع رأس أو ذبح طفل نأخذ الأطفال بعيدا لكي لايروا هذه المناظر خوفا عليهم فأصبحو هم من يُرينا هذه المشاهد ويعلق عليها تعليقا لاتتوقعه من طفل . أحيانا أفكر بهؤلاء الأطفال حين يكبرون . أي نفسية سيحملون وأي سلوك سيسلكون ومن أي نوع من البشر سيكونون . أسئلة صعبة جدا حتى على المختصين اللذين هم أيضا بدأت أعراض المرض تظهر عليهم . من سيعالج من ؟ شعب بالكامل أصبح يعاني من المشاكل النفسيه . ولكني أطمئن الجميع بأن العلاج للجميع واحد وسيكون كالبلسم الشافي . سيكون كمغتسل سيدنا ايوب عليه السلام . وصفة ستكون مجانيه للجميع . مجرد أن نستنشق رياح الحريه ستعود لنا الحياه والصحة . سنقوم من ثُباتنا كما قام أهل الكهف بعد ثلاثمئة سنه . نعم أربعون سته مضت من الظلم والأضطهاد تُعادل أكثر من ثلاثمئة سنه . عجل الله فرجنا ‘نه سميع مجيب .

(107)    هل أعجبتك المقالة (114)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي